شهيد المحراب.. شمس لن تغيب / ثامر الحجامي

   لا حياة بلا شمس، فلا ضوء يزيل العتمة، ولا نور نبصر به، ولا نبات يثمر، ولا شجر يورق، ولا طيور تغرد.. الشمس هي أساس الوجود وسبب البقاء، بل هي الحياة.. فأي حياة بدون شمس ؟

  محور الكون وأصله، وميزان حركته، لا يمالثها في العظمة شيء، ولن يدانيها عظيم، فهي المحور وهي المرتكز، وهي المتحكم وهي الثابت وما حولها متحرك يدور في فلكها، كذلك هو السيد محمد باقر الحكيم.. هو السيد وهو القائد، هو المجاهد وهو الناصح، هو شمس الحقيقة التي فرضت وجودها على أعدائها، هو الملهم لمن معه، هو المرتكز لمن يدور حوله.

  لقد كان السيد محمد باقر الحكيم تلقامة كبرى وشخصية متواضعة ، صاحبة التاريخ الكبير الذي كتب بحروف من نور ومداد من دماء، وشجرة عظيمة أعطت أطيب الثمر وإستظل بها كثير، ومنحت كل ما في وجدانها وما تملك من جهد ومعاناة وآثار علمية وإجتماعية وثقافية، ختمت حياتها بجسد متناثر ودماء أسيلت في سبيل أهداف سامية قاتل سنين من أجلها، وبح صوته مناديا بها، فكانت سببا في ان يكون مرما لسهام العدو، وضحية لجريمتهم الشنيعة.

   كان الحكيم الثائر بوجه الظلم والمقاتل من أجل الحرية، والإنسان الذي يتفاعل مع قضايا مجتمعه، والعالم الذي رفد المكتبة العلمية بمؤلفات هي مدارس لطلبة العلوم، وكان القائد الذي غرس قيم الشجاعة والتضحية في قلوب من حوله، فتحول الى حبيب يتلهف الجميع لرؤيته ولقائه، فحملته الأكتاف عند دخوله العراق من البصرة وصولا للنجف، وظل بعد إستشهاده شمسا منيرة تجسد معاني التضحية والاباء والتواضع، وحقيقة ناصعة تروي تاريخا من الجهاد والتضحيات والدروس والعبر للاجيال اللاحقة.

   السفر الخالد في مسيرة السيد الحكيم يؤكد أنه ليس زعيما سياسيا فحسب، وليس مجاهدا سكن الأهوار والجبال دفاعا عن وطنه، إنما كان جبلا من نور، حمل مشعل الجهاد في كف، ومصباح العلم والثقافة والإنسانية في الكف الآخر، وترك إرثا خالدا من الفكر الإنساني لن ينضب أبدا، فقد كان شمس الحقيقة التي حاربت ظلام الموت وجبروت الطاغية.

مالم تستطع أن تستوعبه الأرض فإن السماء كفيلة به، لذلك إرتقى السيد الحكيم شهيدا الى السماء، في مكان وزمان تاريخيين يحكيان ملحمة تاريخية جسدها الحكيم قولا وسلوكا، ويؤكد إجرام خصومه وبشاعة جريمتهم التي جعلت منه شمسا في السماء، بعد إن كان نورا على الأرض.

زر الذهاب إلى الأعلى