مكت: من قيادة الأركان إلى سادس رئيس للبرلمان/ محمد ناجي أحمدو

بات واضحا أن الجنرال القادم من قيادة أركان الجيوش الموريتانية بعد فترة تربص أمضاها متقاعدا؛ سيصبح سادس رئيس للجمعية الوطنية، منذ إعادة تأسيسها مع انبلاج ديمقراطية الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، وثاني رئيس لها بعد عودتها غرفة برلمانية وحيدة، إثر تعديلات 2017 الدستورية.

محمد ولد بمب ولد مكت ، الذي تدرج في المراتب العسكرية، وتولى قيادة أهم ثلاثة أجهزة أمنية وعسكرية: مكتب الدراسات والتوثيق، وإدارة الأمن، فقيادة أركان الجيوش، يتكئ على سمعة جيدة وعلاقات متوازنة مع الجميع، وكان حريصا على النأي بنفسه عن الصدامات طوال مشواره العملي، وهو ما أهله، حسب مراقبين، ليتم اختياره ثاني شخصية دستورية في البلد في الفترة المقبلة.

عمل مكت خلال أخريات حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، تقول أوساط مطلعة، بلا هوادة ولكن بهدوء وتعقل لإجهاض مسار المأمورية الثالثة، الذي كان شعار المرحلة، وكانت بصماته، وإن أخفاها التحفظ الذي يليق به كعسكري بالنشأة والممارسة، كانت بصماته واضحة خلف بيان رئاسة الجمهورية الصادر يوم 15 يناير 2019، والذي كان بمثابة إعلان وفاة لوثة المأمورية الثالثة، وهو الإعلان الذي لم ينتظر عودة الرئيس ولد عبد العزيز من رحلته إلى الإمارات.

كان ولد مكت أرفع ضابط عامل في الجمهورية رتبة يوم عين الفريق محمد ولد الشيخ الغزواني وزيرا للدفاع، ولكن الرئيس السابق فضل أن يسند له إدارة الأمن الوطني.

الرئيس ولد الشيخ الغزواني، القادم قبل أقل من سنتين من مباني قيادة الأركان، أعاد ترتيب البيت العسكري، وقرر تعيين محمد ولد مكت قائدا لأركان الجيوش، وهو المنصب الذي استقبل منه قرار تقاعده نهاية العام قبل الماضي.

ولد مكت، الذي راكم خلال خمسة وثلاثين سنة من العسكرية ، خبرات وعلاقات واسعة، كان الخيار الأفضل لدى صناع القرار ومهندسي ترشيحات حزب الإنصاف الحاكم، ليقود لائحة الحزب الوطنية، ولاقى ترشيحه أصداء واسعة من الترحيب أفقيا وعموديا، وإن اعتبرت أوساط معارضة أن تقديمه يدخل في أطار ما سمته “استمرار عسكرة الدولة”، وهو التوصيف الذي رفضه داعمو الحزب، ونعتوه بأنه صيد في المياه العكرة، حيث أن خدمة الرجل للعلم الوطني لا يمكن أن تشكل وصمة عار في جبينه، ولا عائقا يحول دون خدمته له من مواقع مدنية، لا سيما وأنه يجسد شخصية رجل الدولة الذي يمثل عنصر توافق بين قطاعات عريضة، ويملك مهارات إدارية وقيادية تجمع بين المرونة والصرامة، وهو ما يتطلبه برلمان يمثل الآتون من قوائم نسبية نصفه للمرة الأولى في التاريخ الوطني.

ولد مكت يملك ميزة أخرى، وهي أنه كان خارج التلاسن السياسوي وصراعات الأروقة، وهو ما يتيح له الوسطية التي يستلزمها إمساك عصا قيادة قطار البرلمان المتشاكس غالبا، خصوصا بعد مأمورية برلمانية، تطور فيها الأمر مرة إلى ملاسنة شخصية بين رئيس الغرفة وأحد البرلمانيين، وهو ما رده مراقبون إلى مشاكل لم تسقط بالتقادم بين الرجلين.

ولد مكت اختتم للتو رحلة قادته للداخل الموريتاني، وحسب المعطيات، فإن فريق لائحته سيكون صاحب أعلى رقم في دخول البرلمان، في ظل صراع صعب بين خمس وعشرين قائمة حزبية للفوز بثقة الناخب الموريتاني في موقعة السبت.

زر الذهاب إلى الأعلى