بين استخدام النفوذ واستحكام الشذوذ/ الولي سيدي هيبه
شهدت الليل البارحة مشهدا لم يترك لدي شكا في ضياع هذا المجتمع الاخلاقي وزيفه المكشوف وقد ايهم في تعرية ما كان مطمورا تحت كم هائل من المساطر الاخلاقية الفاخرة بالفاظها المنظومة والمنثورة، المرسلة علي إيقاعات النفاق والتزلف، وكذلك السافرة في مخالفتها الصارخة لروحها السامية ولغنائية الفاظها ونبل مفرداتها.
وسط مكان من العاصمة، تتواجد على فضائه الرحب بعض أهم مؤسسات الدولة، توقفت فجاة سيارة رباعية الدفع فارهة بعدما كانت تسير بسرعة فائقة. تتكعالت متها اصوات شجار بين امرأة ورجل. نبهني صوت فرلمل المتلاحق وانبعاث اصوات صارخ امرأة. نزلت مسرعا عن سيارتي المركنة وتوجهت لنجدة المرأة التي تستغيث :
-أدركوني، إن الرجل يريد قتلي بمسدسه ويقول لي انه ابن الجنرال فلان. اراد اغتصابي ولما استعصيت عليه اخرج مسدسه.
وبينما كنت اهم بالتدخل التحق بي أشخاص سمعوا الاستغاثة وهرعوا إلى المكان.
إنه شاب في ربيع العمر وهي شابة ثلاثينية يكتبان بألفاظ بذيئة فصلا جديدا من معارك الضياع الأخلاقي في بلاد لم تخرج بعد من منذق السيبة واللادولة المعشعشة في النفوي.
الشاب يريد بغاء والشابة تريد مالا.
هذه الحقيقة تقبلها بسرعة كل الحضور وكأنها امر طبيعي يجب تسويته بالتراضي وطي صفحته علي أديم لا يغار اهله على شرف او دين او مدنية حتى.
استغلال لنفوذ المستحكمين وجراة لتحصيل المال بلا حياء أو خوف من تداعيات.
أليس في هذا المسهد دليلا لا يدع مجالا لأدنى شك في ان الوضع الاخلاقي السائد يقلص كل مساحة اي أمل في تفيئ ظلال دولة أخلاق يدعي أهلها العلم وامتلاك زمام الأدب ومساطر الاخلاق الرفيعة والقيم العليا.
حادثة البارحة ليس أسوء من غيرها من المآسبَي التي تحدث وتجري فصولها في كل اوجه الحياة المعيشة والشارع السائب؛ حوادث:
-مخالفة لسلامة السلوك العام،
-خادشة للحياء،
-مستهترة بالدين الذي يستخدم، في مفارقة عجيبة، للإفلات من العقاب بمهارات عالية في صنوف فنون.:
-التحريف،
-والتاويل،
-والتكييف،
-ولي أعناق النصوص،
-والقبض الثمن القليل.
ويبقى اللافت في القصة التي لا تختلف عن غيرها بما:
-لا يندى له جبين
-ولا يتأثر به شعور
-و لا يثير غيرة
-ولا يحدث استياء،
هو هذا التمادي المفضوخ في استغلال نفوذ:
-أصحاب الوظائف السامية،
-والمناصب العالية،
-والمراكز المستحكمة،
بلا تردد ولا خوف من محاسبة أو مساءلة أوعقاب