المغرب.. د. محمد الدرويش يبرز وطنية “جرمان عياش”
أكد الدكتور محمد الدرويش أن إقدام مؤسسة فكر على تنظيم “ندوة جرمان عياش”، باب من أبواب ثقافة الاعتراف والتذكير بشخصيات وطنية أكاديمية بصمت تاريخ المغرب الحديث بمؤلفاتها ومواقفها وأخلاقها وعلاقاتها بزملائها وطلابها ومحيطها، مبينا أنه يندرج ضمن رغبة مؤسسة فكر وشركائها في ربط الحاضر بالماضي من أجل المستقبل ، إيمانا منها بأن من لا ماضي له لا مستقبل له، مشيدا بالأدوار العلمية والمواقف السياسية والوطنية لشخصية جرمان عياش باعتباره من المغاربة اليهود المعتزين بوطنهم .
جاء ذلك خلال الندوة الوطنية الثالثة التي نظمتها مؤسسة فكر للتنمية والثقافة بشراكة مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية والجمعية المغربية للبحث التاريخي حول موضوع ” جرمان عياش اللأكاديمي، المدني، السياسي” وذلك يوم الخميس 8 يونيو 2023 بمدرج الشريف الإدريسي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية باب الرواح مدينة الرباط، في إطار احتفائها بالرموز والأعلام الوطنية ضمن سلسلة “أعلام في الذاكرة”.
واعتبر رئيس مؤسسة فكر أن جرمان عياش الوطني الاستاذ المؤرخ ولد في مدينة السعيدية بالجهة الشرقية للمملكة سنة 1915 ، من أسرة مغربية يهودية تنحدر من قبائل آيت عياش، و نشأ وترعرع في مدينة بركان، قبل أن ينتقل إلى مدينة تلمسان الجزائرية حيث قضى سنوات دراسته الابتدائية ، ليعود مجددا إلى وجدة وبعدها العاصمة الرباط ، حيث أتم دراسته، والتحق بثانوية ليوطي مدرسا ثم انتقل إلى مدينة بوردو الفرنسية لاستكمال دراسته، و التي حصل من جامعتها على شهادة التبريز في الآداب الكلاسيكية سنة 1935.
وتابع ” التحق بكلية الآداب في الرباط استاذا بشعبة التاريخ بها بداية 1960 لمادة الآداب اليونانية واللاتينية ثم مواد التاريخ في القسم المعرب بذات الشعبة، وأشرف على عشرات الرسائل والأطروحات خاصة ما تعلق بالقرن التاسع عشر، وأنجزت تحت إدارته أبحاث تاريخية أصبحت مرجعا في ببلوغرافيا لتاريخ المغرب وإلى جانب التدريس والبحث والكتابة ، ترأس إدارة تحرير مجلة هسبريس تامودا المختصة في التاريخ والآداب والعلوم الإنسانية ، وهي المسؤولية التي ظل يتحملها إلى تاريخ وفاته بمدينة نيس الفرنسية سنة 1990.”
وأبرز الأستاذ محمد الدريوش إسهامات جرمان عياش في مقاومة الاستعمار على المستوى النقابي و السياسي بانخراطه في الحزب الشيوعي المغربي، فضلا على أنه كان صحفيا ومؤطرا بارزا للفئات المستضعفة من عمال و فلاحين و طلاب، كما بين مواقفه الصريحة من الصهيونية اذ كان يعبر عن مناهضتها و كان يعدها أحد تجليات الاستعمار العالمي الجديد، مشيدا بمواقفه المجتمعية وبشكل عام مواقفه الثابتة تجاه القضايا الوطنية والانسانية، منبها إلى نجاحه في إبراز مكانة اليهود المغاربة لدى الدولة المغربية دون تمييز ديني أو عرقي، كما دافع بشراسة عن مغربية الصحراء مستندا في ذلك إلى الوثائق الوطنية والأجنبية.
وشدد على أن مواقف جرمان عياش على مختلف المستويات جعلت خيرة الأطر الجامعية والسياسية تعترف لجرمان بوطنيته وخصاله الانسانية وارتباطه المملكة المغربية أرض السلام والتعايش والمحبة والاطمئنان، ومن تلك الشهادات ذكر شهادة المرحوم علي يعتة وإبراهيم بوطالب وأحمد التوفيق ومحمد زنيبر وغيرهم ، مضيفا “كيف لا يتوقف الباحث المغربي في التاريخ ولو لبضع لحظات للتذكير بخصال هذا المواطن الذي حاول الاستعمار استلاب كيانه المغربي منه لكونه من الأقلية اليهودية فلم يفلح ، وخوله الجنسية الفرنسية ولقنه أعلى درجات الجامعة الفرنسية ، لكنه فشل في إبعاده عن وطنه الذي من تربته تغذى وعلى أرضه أثمر وأفاد(…) ، كان عميق الوعي ، رجلاً بالمعنى الذي تفهم به الرجولة في وسطنا”.
وفي الأخير دعا رئيس مؤسسة فكر إلى العمل على تسمية إحدى المؤسسات أو المعالم باسم جرمان عياش تكريما لروحه الوطنية واعترافا بجميل ما أسداه لوطنه المغرب من خدمات.
يذكر أن الندوة عرفت مشاركة السادة: اوندري ازولاي مستشار صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله الدكتور سعيد امزازي وزير التربية الوطنية و التعليم العالي و التكوين المهني سابقا، والدكتور مولاي اسماعيل العلوي وزير التربية الوطنية سابقا ، والدكتور فريد الباشا رئيس جامعة محمد الخامس ،وعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية اكدال الرباط، والدكتور جمال الدين الهاني عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، والدكتور محمد كنبيب مدير المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب بأكاديمية المملكة المغربية، والدكتور جامع بيضة المدير العام لمؤسسة ارشيف المغرب، والسيد عبد الكريم بناني رئيس جمعية رباط الفتح والتنمية المستديمة، والاستاذة لطيفة الكندوز رئيسة الجمعية المغربية للبحث التاريخي، وقيادات سياسية واجتماعية وفعاليات اكاديمية ومدنية وباحثين وطلبة.
م: عبد العزيز اغراز