هامش صغير على متن “غزة” (1) /محمد ناجي أحمدو
موجعة موجعة دموع تلك الطفلة الغزية؛ التي تذري عبراتها؛ وتقول: “حاسه حالي احسن لو متت مع أمي، احبابي كلياتهم راحو!”..
وموجعة هي التصريحات والمشاهد التي تأتينا من هناك عن شهدائنا وجرحانا وشيوخنا وأخواتنا وأطفالنا في غزة.
هذا الحزن الممض تقابله كميات هائلة من الصبر والجلادة والإيمان، وتقابله بطولات ونكاية و”حسن ضيافة” يعدها حماة العرين لضيوفهم غير المرغوب فيهم.
المعركة – على ما يبدو – ما زالت في بداياتها، والغزيون المؤمنون الصلاب يخوضونها بصبر وعقل وحسن تدبير وتأييد وتسديد إلهي -إن شاء الله-.
وفي وقت معين عندما تصل حماقات المعتدين حدا أقصى من الرعونة والجلافة، سينتفض المارد ويخرج عن السيطرة، ولن تجدي كيان الإرهاب تحالفاته ولا علاقاته.
يمكن أن تندلع معركة مليشيات شبه نظامية قادمة من شبه المنطقة؛ مرفودة بأبناء الداخل؛ كل الداخل من الماء إلى الماء، ومن جنوب شبعا إلى جنوب النقب؛ إن لم تشارك فيها بعض جيوش المنطقة.
الترمومتر الشعبي يوجه ويتدخل، وفي مرحلة معينة يعتبر فاشلا ومنتهيا القائد الذي لا يتماهى مع مطالب شعبه.
حينها سيأكل الجرح النزيف هذا الكيان – الأشوه.
ثمن التحرير باهظ، وأهلنا نفسهم طويل؛ وقد فهموا الدرس ولن يرضوا بغير نصر كامل، وكلما زادت الجراح تعمقت الثارات وكبرت، لكل فلسطيني في الداخل والشتات ثأره الخاص، الذي يكبر وينجب ثارات أخرى.
والحر قد يضعف؛ ولكنه لن ينسى في أي لحظة من قتل أباه وعمه وأمه وخالته، وسيورث ثاراته أبناءه وأبناء أبنائه..
سبب هزائمنا في الحروب السابقة أن القيادة فيها لغير أصحاب الأرض، لمن لا تربطه برباها ذكريات طفولة، لمن لا يحمل في يديه مفتاحا خشبيا عتيقا لبيته الذي يقيم فيه أو الذي هجر منه تتوارثه العائلة منذ ما قبل الجد السابع.
أهل الأرض أخذوا المشعل بأيديهم، وبدؤوا بأنفسهم المعركة، ودورنا مدهم بما أوتينا من قوة مهما كان نوعها، وفي النهاية لن يحدث إلا ما قاله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)..
وها قومنا قد أرادوا الحياة والنصر..