تفاصيل ما تحدث عن ولد عبد العزيز في كلمته الأخيرة أمام المحكمة

استمعت المحكمة المختصة في الجرائم المتعلقة بالفساد الاثنين للكلمات الأخيرة لسبعة من المتهمين في الملف المعروف بـ”ملف العشرية”، كان أولهم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وتلاه وزيراه الأولان السابقان يحي ولد حدمين ومحمد سالم ولد البشير.

وانعقدت الجلسة في ظل استنفار أمني واضح داخل القاعة وفي محيطها، كما عرفت مشاورات مكثفة بين المحامين وموكليهم خلال الجلسة.

ورصد دخول ستة متهمين على الأقل في نقاش مكثف مع المحامين خلال الوقت الذي سبق وصول رئيس المحكمة، حيث كان هناك نقاش للرئيس السابق ولد عبد العزيز مع محامييه محمدن ولد اشدو، ومحمد سالم ولد البشير.

فيما دخل الوزير السابق محمد عبد الله ولد أدواع في مشاورات مع محاميه الشيخ عبد الله ولد أحمد باب، وكان للوزير السابق الطالب ولد عبدي فال حديث مع محاميه إبراهيم ولد ادي، فيما دخل المحامي الحسن ولد المختار في حديث مع موكله محمد سالم ولد إبراهيم فال الملقب “المرخي”

أما صهر الرئيس السابق محمد ولد امصبوع فكانت له مشاوراته مع محاميه محمد ولد أحمد مسكه، فيما كان هناك تشاور بين الرئيس السابق للمنطقة الحرة محمد ولد الداف مع محاميه يعقوب ولد السيف.

وجرت هذه المناقشات بشكل متزامن، حيث كان المتهمون داخل قفص الاتهام، فيما وقف محاموهم في مواجهتهم، ودارت الأحاديث بينهم، وهو أكبر تشاور متزامن يتم رصده بين المحامين والمتهمين منذ بداية المحاكمة يناير الماضي.

وبينما استفاض ولد عبد العزيز في الحديث، وأخذ أكثر من ثلاث ساعات، كانت أحاديث بقية المتهمين مختصرة، حيث استمع رئيس المحكمة قبل الظهر للوزيرين الأولين السابقين يحي ولد حدمين ومحمد سالم ولد البشير.

وفي الفترة المسائية، استمعت المحكمة للوزير السابق محمد عبد الله ولد أدواع، وللوزير السابق الطالب ولد عبدي فال، وللمدير العام السابق للشركة الوطنية للكهرباء “صوملك”، محمد سالم ولد إبراهيم فال الملقب “المرخي”، وللرئيس السابق للمنطقة الحرة بنواذيبو محمد ولد الداف.

وهذه تفاصيل حديث الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، والذي استمر نحو ثلاث ساعات:

بدأت الجلسة الصباحية الساعة العاشرة صباحا، وافتتحها رئيس المحكمة القاضي عمار محمد الأمين بقوله: “وفقا لمقتضيات المادة: 317 من قانون الإجراءات الجنائية؛ ستعطي المحكمة الفرصة للمتهمين، بعد أن أعطتها لدفاعهم، ليقدموا أمامها ما يرونه متبقيا من دفاع عن أنفسهم، وكذلك ليتقدموا بطلباتهم أمامها، وهذا فيما يخص الملف رقم: 01/2021”.

وبعدها استدعى الرئيس السابق ولد عبد العزيز وخاطبه قائلا: “لكم الخيار في أن تتحدثوا هناك في القفص، أو تنتقلوا إلى الكرسي الموجود أمامي”، وأومأ ولد عبد العزيز مبديا رغبته في الحديث من الكرسي، ووقف متحركا باتجاهه.

وفور وصوله للكرسي، خاطبه رئيس المحكمة قائلا: “يجب أن تتحدثوا بتمهل لتتيحوا لكاتب المحكمة متابعة ما تقولون”، وقد بدا كاتب المحكمة وحيدا، خلافا لجلسات الأسابيع السابقة التي كان يوجد معه كاتب آخر.

وبدأ الرئيس السابق كلمته بالقول:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

قال تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}، وقال جل من قائل: {ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه”، وقال: “البينة على المدعي”.

السيد الرئيس،

السادة أعضاء المحكمة الموقرة،

السيد وكيل الجمهورية،

أمثل اليوم أمام المحكمة الموقرة بعد ما يزيد على أربع سنوات من تعرضي للعذاب والمضايقات ظلما وعدوانا، ومن انتهاك دستور وقوانين الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وقد كان بإمكاني ومن حقي أيضا أن أمتنع عن الجواب على أسئلة المحكمة الموقرة لعدم اختصاصها بقوة الدستور في مساءلتي ومحاكمتي، ولكنني قررت أن أتكلم وأجيب وأوضح وأستنكر، وذلك احتراما وتقديرا وعرفانا للشعب الموريتاني الكريم، وتأكيدا للثقة في ذكائه وحكمته ووعيه الفطري، فقد ضلل هذا الشعب كثيرا وخدع كثيرا وعرض له الباطل حقا والحق باطلا، وخصوصا في هذه الدعوى الباطلة، كما تم انتهاك حقه في الاطلاع على حقيقة وتفاصيل هذه المؤامرة وغيرها.

وسوف أتناول في كلامي عدة محاور دار حولها اتهامي بالباطل، كما سأندد بما تم في حقي من انتهاك لدستور وقوانين البلاد، ومن تسخير لمرفق العدالة في ظلمي ومحاباة لأعدائي وأعداء المصلحة العليا للبلد.

وقبل الدخول في هذه التفاصيل أذكر بتمسكي بالمواد التالية من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية: 10 و13 و24 و27 و43 و93 من الدستور (وقد أخطأ أول مرة في الرقم: 43 حيث قرأه 34 قبل أن يعود ويصححه).

أود في البداية، أولا أن أعزي الشعب الفلسطيني بعد ما جرى له من مصائب خلال الأسابيع الماضية.

وثانيا، أهنئ الشعب الموريتاني والقوات المسلحة بمناسبة عيد القوات المسلحة وعيد الاستقلال، كما أوجه تحياتي لجميع محامي الدفاع، ودفاع جميع المشمولين في الملف، وأشكرهم على عملهم الجيد، وأحيي وأهنئ بعض محامي الطرف المدني على سكوتهم الفصيح والمعبر، وأتفهم البعض الآخر، وكلامهم الجارح، والذي لم يسلم منه حي ولا ميت من عائلتي، وأرى أن سبب ذلك هو انعدام أي أدلة أو أفكار لديهم، وأحيي الحضور والصحافة داخل القاعة.

خلال كملتي هذه، سأتطرق للنقاط التالية:

1. التهم الموجهة لي

2. تفاصيل بعض النقاط المتعلقة بالملف

3. المغالطات والتضليل الذي تعرض له الرأي العام

4. تبرير الممتلكات

5. المضايقات والاستهداف

6. الطلبات.

فيما يتعلق بالتهم، أقول إن هذا الملف ملف سياسي بوقائعه وتفاصيله، فقد بدأ في نوفمبر 2019 بعد رجوعي بأيام، وقبل عودتي بدأت بوادره، وبعد رجوعي انفجرت قضية المرجعية، وتم التصنت على مكالماتي، وبعدها جاء تشكيل اللجنة البرلمانية التي تم تشكيلها دون أي سند أو أساس شرعي، لأن الجمعية الوطنية انتخبت 2018، والقضايا الموجودة في الملف سبقت وجودها، وحصلت في عهدة البرلمان الذي سبقها، والقانون الذي اعتمدوا عليه (يقصد النظام الداخلي للبرلمان) تم بعد هذه المهازل..

قاطعه أحد المحامين يطلب إعادة الفكرة، لكن رئيس المحكمة هدد بأن أي مقاطعة سيتم إخراج من قام بها من القاعة، فيما وصل ولد عبد العزيز حديثه قائلا:

كما أنه لا توجد أي مادة دستورية تخول الجمعية الوطنية التحقيق مع رئيس الجمهورية، وهم ربما يكونون قد اقتبسوا ذلك من الفقرة الثانية من المادة: 51 من الدستور الفرنسي، هذا لأن الدستور الموريتاني لا يوجد فيه أي شيء عن تشكيل اللجان، وما حصل تدخل سافر في عمل السلطة التنفيذية، فالجمعية الوطنية أصبحت تتدخل في صلاحيات عمل الرئيس وفق المادة: 43، وتتدخل في أولويات عمل الحكومة، وهذا مخل بمبدأ فصل السلطات.

فقانون الجمعية الوطني كان يشترط في تشكيل لجان التحقيق البرلمانية عشرة نواب، ولما انتبهت الحكومة الحالية إلى أن ذلك قد يستخدم ضدها رفعت العدد إلى 20.

لقد بدأ النواب التدخل في أمور لا تعنيهم، فتدخلوا في عمل مؤسسات دستورية ورقابية أخرى، كمحكمة الحسابات، والمفتشية الداخلية، والمفتشية العامة للدولة.

وفور تشكيل اللجنة بدأ اختيار المشاريع لاستهداف نظام العشرية والإنجازات التي حققها. وفي مرحلة معينة حدثت تدخلات داخلية وخارجية وأخرجت ملفات كي يبقى بعض الأفراد، وهم المستهدفون فقط.

بعيد وصول الملف إلى الشرطة أولا، وإلى العدالة لاحقا، تحولت كل الإنجازات التي تمت خلال العشرية إلى تهم، وقد أخذوا جميع التهم الواردة في قانون محاربة الفساد، واتهموني بها، بل إن أحد قضاة التحقيق قرأ كل التهم من هذا القانون حتى وصل إلى التهم المتعلقة بالمخدرات، قبل أن ينتبه، ويعترف أن في الأمر غلطا، وكان ذلك أمام المحامين.

والآن أصل إلى التهم، وهي:

– تبديد الممتلكات العمومية: عكسا لما كان سائدا ومعروفا قبل ذلك، من منح العقارات للمشايخ والوجهاء، ولكل من هب ودب، فإن هذه القطع الأرضية تم بيعها في مزاد علني، وبشكل شفاف وواضح.

– الحصول على مزايا مادية غير شرعية: أين هي هذه المزايا شرعية كانت أم غير شرعية؟ إن كانت رشوة فأين هو الراشي؟ أين هي المؤسسات أو الإدارات التي مارست الرشوة؟ يجب أن تكون هنا معي وتواجه نفس الاتهام،

– التدخل في أعمال تجارية تنافي الصفة العمومية، وهنا أعيد نفس الشيء، هذه أحكام وصياغات تعاد بأكثر من طريقة، فالجملة تعاد صياغتها من تهمة إلى تهمة عبر زيادة كلمة أو حذف أخرى، وهي منافية للواقع، ولا أساس لها،

– منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية: هذا كسابقاتها لا أساس لها.

– استغلال النفوذ: حين ينظر في استغلال نفوذ رئيس الجمهورية لن يصبح بإمكانه ممارسة صلاحياته، ويجب حينها حذف المادة: 43 من الدستور، وهي التي تحدد صلاحيات رئيس الجمهورية. هذه التهمة تناسب النظام البرلماني، أما أنا فقد خدمت في نظام رئاسي دستوري، وكنت أعي مهامي جيدا.

– الإثراء غير المشروع: لا توجد أي أدلة على هذه التهمة سوى أحاديث مأخوذة من تصريحات إعلامية عامة لي، أقول فيها إنني لست فقيرا، وهو ما أعود وأكرره الآن أمامكم، إنني لست فقيرا، وأنني ثري.

– إخفاء عائدات الجريمة: في هذه التهمة تناقض واضح. فأنا حين أصرح يقولون إنني متهم بالإثراء غير المشروع، وحين لا أصرح يقولون إنني أخفي عائدات جرمية.

– إعاقة سير العدالة: أنا إما أن أحترم الدستور أو لا أفعل. وحين احترمته اتهمت بإعاقة سير العدالة. أنا أحترم العدالة، وقد استجبت لكل الاستدعاءات التي وجهت لي، وهنا أمام المحكمة أخبرتني بأن لي الحق في عدم الكلام، وفعلا تمسكت بحقي في الصمت، اعتمادا على المادة: 93 من الدستور. ما قمت به كان احتراما للدستور وللقانون وليس عرقلة لسير العدالة.

– غسل الأموال: لا بد من وجود شائبة لكي تحتاج الأموال إلى غسيل، وإذا لم تكن موجودة فلا حاجة لذلك، إذا، فهذه ليست جريمة.

أذكر بأنني في يوم 4 أغشت 2019، بعد يومين من مغادرتي للسلطة، اتصل بي رئيس الجمهورية الحالي (دون أن يذكره بالاسم)، وأبلغني أن هناك ثلاثة أشخاص تقدموا بدعوى ضدي أمام النيابة العامة، وأخبرني أن النيابة العامة حفظت الدعوى، وذلك اعتمادا على المادة: 93 من الدستور، لأن المرجعية حينها لم تعطل مفعول هذه المادة.

وهي شكوى معروفة، تم تحريكها بجهود من رجل أعمال معروف، وكان من بين هؤلاء الأشخاص شاب يدعى ولد أمم، وقد اتصل بي بعد ذلك واعتذر لي.

كما أن من بينهم معارض لنظام العشرية، ويحركه رجل الأعمال المعروف، وقد سكت بعد أن حصل على صفقة بقيمة 600 مليون أوقية، فيما لا أعرف أي شيء على الشاكي الثالث.

وفي الحقيقة، فإن التبديد غير المشروع هو ما قامت به الجمعية الوطنية، حيث إنه خلال أقل من سنة تمت زيادة رواتب نوابها بـ450 ألف أوقية قديمة، وذلك على مرحلتين. هذا عين التبديد.

التبديد، أنني غادرت السلطة 2019، وميزانية الدولة الموريتانية 541,158,166,530 مليار أوقية قديمة، وفي عام 2023 أصبحت ميزانية الدولة 1,014,238,444,840 ترليون أوقية، أي بزيادة 48%.

في 2019 كانت مخصصات الصحة 4 مليارات أوقية، وفي 2023 لم تتجاوز 6 مليارات، أي أن الميزانية زادت بنسبة 48%، في حين أن مخصصات الصحة زادت بـ40% فقط، وذلك عكسا لمخصصات الصحافة، ففي 2019، كانت مخصصاتها 2.5 مليار أوقية، وفي 2023 أصحبت 10.5 مليار أوقية، أي زيادة بنسبة 300%، وقد صادقت الجمعية الوطنية على هذا، وهي نفسها التي تبحث عن فسادي، هذا هو التبديد، والفساد، وقد صادقت عليه.

وفي الحقيقة، فإن ما يصرف على الصحافة فساد مزدوج، فهو فساد مادي، وفساد معنوي، لأنه يفسد العقول. لقد كانت لدينا قنوات تلفزيونية مستقلة، وكان السياسيون والمثقفون يتحدثون عبر، لكنها الآن لم تعد موجودة، وإنما أضحت جزءا من شبكة الإذاعة الرسمية.

الدولة والحكومة تتخذ قراراتها بناء على أساس المادة: 43 من الدستور، ثم يتدخل عضو أو اثنان من السلطة التشريعية في عملها، ويصفه بأنه فساد أو غير شرعي، هو الفساد.

وباختصار، وبطريقة حسابية، فقد بيعت الأراضي في مزادات علنية وتحت إشراف لجان وموظفين حكوميين وشارك فيها عشرات المواطنين واشتراها 58 مستفيدا بسعر يصل أحيانا 600 ألف أوقية قديمة للمتر المربع، في حين كان المتر المربع من أراضي الدولة يباع بحوالي 200 أوقية، وهذه الـ58 مستفيدا لا يوجد منها في فقص الاتهام سوى محمد الأمين ولد بوبات، وقد اشترى خمس قطع، في حين أن هناك من اشترى ثمانية قطع، وهو خارج الاتهام.

وقد تجاوزت عائدات بيع هذه الأراضي 10 مليارات أوقية قديمة، وبنيت بها 75 مؤسسة تعليمية من بينها مدارس وثانويات امتياز.

وبخصوص صفقة بناء المطار الجديد، فأنتم على اطلاع أن مئات الهكتارات كانت تمنح تحت مسمى اقتطاعات ريفية، وقد أخذت قرارا بمنع الحكام والولاة والوزراء من منح أي قطعة أرضية إلا عن طريق مجلس الوزراء.

دعونا نأخذ منطقة “رباط البحر” مثالا، فقد تم منح مساحته البالغة 675 مترا مربعا بسعر يناهز 134 أوقية للمتر المربع، وقد جاءت محاميتهم هنا لتتهمني، وذلك بعد أن فتح مجال التشهير برئيس الجمهورية.

وفي الحقيقة، فإن من لم يشعر بالاستياء من هذا لا ينبغي له أن يشعر به من تحويل 453 هكتارا إلى مليار دولار، هي تكلفة إنجاز المطار الجديد، وفقا لكل العروض التي وصلتنا، ويمكن هنا الاستئناس بمطار داكار الذي كلف 800 مليون دولار، ثم لم يستطيعوا إكماله رغم ذلك حتى تدخلت شركة تركية وأكمله وما تزال تستغل عائداته، مع أن مطارنا يختلف عنه بكونه يضم مدرجين وقاعة للشرف.

لقد لجأنا للمقايضة في هذه الصفقة بسبب أن تمويل بناء المطار يتطلب مليار دولار، ولم تكن هناك دولة ولا صندوق سيقرضنا هذا المبلغ، وحتى لو اقترضناه لن يكون بإمكاننا تمويل أي قطاع آخر بسبب الديون المتراكمة، وذلك منذ أن أخذنا قرضا بقيمة 77 مليون دولار من الكويت، وهو القرض الذي تحول لاحقا إلى 3,3 مليار دولار، وقد طرحت هذا الأمر مرارا على المرحوم أمير الكويت السابق، وبعد الكثير من الطلب والتودد تمت تسوية المشكلة لله الحمد.

وفي 2019، منح مجلس الوزراء قطعة أرضية لمحمد فال ولد اللهاه المقلب “افيل”، ونشر قرار المنح في العدد: 1456 من الجريدة الرسمية، صحبة قرارات منح لثمانية شركات قد استفادت من قطع أرضية، ولكن لم يسأل إلا عنه وحده.

لقد قال الجنرال أحمد ولد بكرن هنا أمامكم إنني أشعرته بقضية مدرسة الشرطة، وهذا صحيح، ولكنني أشعرته احتراما له وتقديرا له كجنرال، ولكن الأمر لا يعنيه، فهو قرار من الحكومة، ووزير الداخلية هو المسؤول عنه، وقد أشعرته احتراما له، وليس لأن الأمر يعينه، ولا يمكن أن يقول إنه جاءه رجل أعمال أو تاجر أو غيرهما.

لقد بيعت المدارس فعلا لأنها لم تعد صالحة للاستخدام (ولوح في يده بصورة قال إنها من المدرسة: 6 التي لم يتم بيعها، وقال إنها الآن يتم استخدامها من طرف أجانب لصناعة الإسفنج)، متسائلا: هل الأفضل بيعها أم تركها ليستغلها هؤلاء الأجانب. كما لوح بصورة أخرى قال إنها لمنزل قرب دار الضيافة، ومنحت لمقرب من رئيس سابق، وقد اشتراها رجل آخر ويعيد تشيدها مع قد لا تكون لديه القدرة على شرائها ولا على إعادة تشييدها. هذا هو الفساد، وهو التبديد.

كما أن هناك عمارة في روصو، وكانت مملوكة لمنظمة استثمار نهر السنغال، وقد منحها النظام الحالي مع أراضيها بالمجان بعد أن صادرناها خلال العشرية، في حين أننا حين أخذنا شققا في منطقة “بلوكات”، وهي أصلا ممنوحة مجانا، صرفنا لبعض الملاك أكثر من 40 مليون أوقية ومنحناهم قطعا في تفرغ زينة مقابل التنازل عنها.

طائرات الجيش التي سقطت في نواذيبو وفي النعمة، والطائرة التي سافرت على متنها وسقطت بي في منطقة ورق انكط كلها تم شراؤها عبر مقايضة بالسمك، والشركة التي اشتريناها منها بالمقايضة ظلت تصطاد الأسماك في مياهنا لفترة أطول مما في الاتفاق حتى اكتشفت الأمر بعد وصولي للسلطة، حيث سألت قائد الأركان، فوجدت أنها ما زالت تصطاد مع أنها الفترة المنصوصة في الاتفاق انتهت قبل ذلك.

كذلك الذخائر والسلاح وقطع غيار للدبابات سبق شراؤها من رومانيا بما يقابل مبلغ 16 مليون دولار من الأسماك، وبتدخل من رجال أعمال معروفين.

قرار بيع الأراضي هدفه الحصول على عائدات مالية، وخلق استثمارات توفر فرص عمل ومداخيل ضريبية دائمة يدفعها المستثمرون. وقد حصلنا من بيعها على 10 مليار أوقية قديمة، وتم إنشاء فنادق ومطاعم ومكاتب على هذه الأراضي، وهذا أفضل من فكرة ترك الأراضي تفقد قيمتها، وبالمناسبة بيع الأراضي العمومية يدرس في الجامعات وهناك قانون منذ الستينات يسمح للحكومة الموريتانية ببيع ومنح أراضيها.

ويمكن هنا في الصدد التذكير باستحواذ رجل أعمار معروف على قطع أرضية كانت مخصصة للسكن الاجتماعي، وقد باع جزءا منها لإقامة مقر سفارة الولايات المتحدة الحالي بمبلغ 3 مليون دولار، وكذلك أراضي مقبرة لكصر التي منحت له، وجزء منها يؤجره لمقر البنك الدولي حاليا، وكذلك الطرف الشمالي من مستشفى صباح الذي اقتطعت فيه محلات لعائلة رئيس سابق.

ونفس رجل الأعمال، كان البنك المملوك له، وهو البنك العام لموريتانياGBM  يحصل على مبلغ 500 مليون أوقية قديمة سنويا كفوائد من شركة ATTM وحدها، وكان يحيى ولد حدمين الموجود معنا يديرها.

وقد قمت بمراجعة موضوع سندات الخزينة، والتي كانت تكلف الدولة سنويا من 85 إلى 90 مليار أوقية، وتصل فوائدها أحيانا 13%، ويستفيد منها بنوك ورجال أعمال، فيما أصبحت مؤسسات الدولة هي التي تستفيد منها، وتقلص العدد إلى 50 مليار أوقية، وأصبحت الشركات العمومية هي التي تشتريها كالموريتانية للطيران، وميناء نواكشوط، وميناء ونواذيبو، وبالتالي فهي تعود للدولة عبر هذه المؤسسات، وكان الخطوات التي اتخذتها بناء على تدقيق قمت به شخصيا، وأظهر لي أن سندات الخزينة وفوائدها كانت تكلف الدولة الموريتانية نسبة 4% من ميزانيتها السنوية.

وبخصوص المنطقة الحرة في نواذيبو؛ لا يمكن مقارنتها بمنطقة جبل علي في دبي التي تمتلك 200 خط بحري، و500 سفينة حول العالم، وتوجد 12,800 شركة عالمية. لقد كانت لدينا رؤية لإيجاد ميناء عميق، بحيث يصل عمقه إلى 18 مترا، كما كانت لدينا رغبة في مشاركة شركات صينية فيه، وذلك من أجل أن يكون محطة لسفنهم، ومركزا تجاريا في المنطقة، ولكن ذلك لم يتم.

أما عن أراضي المنطقة، فإن شركة البريد والمواصلات الموريتانية كانت تملك الكثير من العقارات في مختلف مناطق البلاد، وذلك بصفة استغلال وليست ملكية، وقد تم تقسيمها إلى شركتين هما “موريبوصت”، و”موريتل”، كما تم بيع شركة موريتل بالطريقة التي يعرفها الجميع.

وقد حاول المسؤولون الإداريون في شركة موريتل بكل السبل الاستحواذ على الأراضي، وحين وصلت للسلطة اكتشفت أنهم كانوا يعملون على استصدار سندات عقارية للكثير من هذه الأراضي، فأمرت بوقف ذلك، واستعادة تلك الأراضي للدلة، وبعضها بنيت عليه مقرات رسمية، كمقر المحكمة العليا، ومقر سلطة التنظيم في نواكشوط، وكذلك أراضيها في نواذيبو تم استغلالها.

وقد طلب مدير شركة موريتل الإقليمي لقائي، لكنني رفضت، لأني الشركة كانت تتصرف بعنجية وفساد كبيرين وما زالت، وهذا معروف.

وكان هناك وال في نواذيبو يمنح الأراضي بشكل جزافي، وفي العام 2009 تمت تنحيته بسبب تلك التصرفات، وتم استعادة الأراضي، فيما تم لاحقا توزيعها على السكان، وبعض هؤلاء حصل على مساعدة من وكالة التضامن قبل أن تغير إلى “التآزر”، حيث تم بناء منازل لـ1150 عائلة، فيما تم بيع بعضها لمواطنين عاديين.

وفي الحقيقة، فإن ما تناولته حاليا ليس تهما، ولا جريمة فيه، إلا إذا كان هناك من يريد تجريم غير المجرم.

وفيما يتعلق ببطاقة “أمريكان أكسبريس”، والتي استظهرها بعضهم هنا أمام المحكمة، أو زورها، لأن البطاقة لا تكون إلا عند صاحبها، فحتى البنك لا يملكها. وهي تصل إلى مالكها في ظرف مغلق. فأنا فعلا لدي بطاقة من بنك التمويلات الإسلامية، وبطاقة أخرى من بنك سوسيتيه جنرال.

وهنا أقول إن كل من يسافر إلى الخارج يعلم أن لم يعد ممكنا حمل النقود ولا التصرف بها خارج البطاقات. وقد كنت في الفترة الأخيرة في أحد فنادق بلجيكا، ووجدتني عاجزا عن إجراء عملية بسيطة لأني لا أملك بطاقة. والمحامي الذي استظهر بالبطاقة [في إشارة إلى نقيب المحامين السابق إبراهيم ولد أبتي] ربما تكون لديه بطاقة أو اثنتين.

وأصل هنا إلى تهمة تهريب الدولار واليورو، وهذه تهم لا يمكن أن توجه لي، فأنا من استلم البلاد، واحتياطها من الدولار لا يتجاوز 170 مليون دولار، وغادرت السلطة ولديها 1,150 مليار دولار، ومئات الكيلوغرامات من الذهب، وقد تم شراء بعضه من الإنتاج المحلي من أجل منع تهريبه، وتم فتح شبابيك لذلك، لكنها أغلقت الآن تشجيعا للتهريب، ولعل الدليل على ذلك هو مصادرة المغاربة قبل أيام لنحو 10 كلغ من الذهب المهرب عبر الحدود.

إن إغلاق هذه الشبابيك التي كانت تستوعب الإنتاج اليومي من الذهب، والذي يصل إلى 30 كلغ من الذهب دليل على تشجيع التهريب.

وبخصوص مساهمة اسنيم في تمويل إنشاء مستشفى، فإن هذا هو واجبها، فهي قد مولت حرب الصحراء، ومولت محاولة تدخل عسكري في مالي عام 2005 بتوفير بعض قطع الغيار والمحروقات ولم يعتبر أي من هذه الحوادث جريمة، لكنها عندما شاركت في خدمة صحة المواطن أصبح الأمر جريمة.

وأقول هنا أمام المحكمة إن أي قرار اتخذ خلال هذه الفترة، كان من طرفي أو بتوجيه مني، وذلك بناء على نص المادة: 43، وقد وجهت العديد من الأسئلة إلى عشرات الشخصيات، حول ما إذا كنت قد أمرتهم، أو وجهتهم، وأنا أقول إن كل القرارات تعود لي، وسأعطي نماذج من القرارات التي اتخذتها.

وعدد ولد عبد العزيز منها قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولتين لم يسمهما [يقصد إسرائيل وقطر]، وطباعة المصحف الشريف، وإنشاء قناة المحظرة وإذاعة القرآن الكريم، وتنظيم مهرجانات المدن القديمة، وإنشاء جامعة العيون الإسلامية، وميناء انجاكو، وقناة ري بكرمسين، وطرق كرمسين – روصو والمذرذرة – تكنت، والمذرذرة – الركيز، واستضافة القمتين العربية والإفريقية، ومشاريع الطاقة المتجددة، وإنشاء مدارس تكوين عسكري جوي وبحري، واحترام مقتضيات الدستور (أشار هنا إلى أن الجميع دعموا انتهاكه له، وشجعوه عليه وبعضهم بكى أمامه خلال اجتماع مجلس الوزراء).

كما عدد منها تغيير العلم والنشيد الوطنين، وتغيير الأوراق النقدية، وتغيير قاعدتها، وإنشاء سد سكليل، ومستشفى الأنكولوجيا، ومنحه عائدات ضريبية على السجائر، وصلت سنويا إلى 400 مليون أوقية، وقد تم إلغاؤها بعدي، وجميع المستشفيات الجهوية تم بناؤها في عهدي.

وهنا قاطعه رئيس المحكمة، وخاطبه قائلا: “السيد محمد هذا سبق وأن ذكرتموه، وهذه الفرصة يجب أن ترتبطوا فيها بالتهم الموجهة إليكم، مستشفى الإنكولوجيا والمستشفيات الجهوية لا ذكر لها في وقائع الملف”.

وعاد ولد عبد العزيز ليقول: كان أنوي استعراض 150 مشروعا أنجزت كلها بناء على أوامري وتوجيهاتي، وكانت محل رقابة مني، وتمت تنفيذها وفق مصلحة البلاد والشعب.

وكذلك مصنع أعمدة الكهرباء في ألاك، حاول البعض إلصاق تهمة إنشائها بمدير اسنيم السابق حينها لأنه من سكان مدينة ألاك [في إشارة لمديرها السابق محمد عبد الله ولد أوداع] وأقول هنا الآن إن إنشاءه كان بقرار مني، كما أؤكد أن كل رؤساء موريتانيا كانوا على صلة مباشرة بإدارة اسنيم حتى أولئك الذين لم يكونوا مهتمين كثيرا بالتفاصيل، أما أنا فأهتم بكل التفاصيل، وأحاول فهم كل شيء.

لقد كنا قبل 2009 دولة بلا جيش، وبلا وثائق مدنية، وأذكر هنا للمفارقة أن الأمن الأسباني أوقف مرة 30 باكستانيا في مطار “لاس بلماس” كانوا كلهم يحملون الجنسية الموريتانية، وقد اشتروها بثمن بخس لأن البلاد بلا حالة مدنية.

أحد المحامين قارن بين تشكيل لجنة تحقيق برلمانية سابقة لمتابعة سيدة أولى، ولجنة التحقيق البرلمانية الحالية، وهذه مغالطة. ومع أنني لست مختصا في القانون، فإن المادة 93 من الدستور لا تتحدث عن السيدة الأولى، بل إن الدستور كله لا ذكر لها فيه.

وفيما يتعلق بتبرير ممتلكاتي؛ أقول إنه عثر على مليارات من الأوقية ودائع لي لدى أشخاص محددين، وأنا لا أنكر هذا، وقد صرحت بها في الإعلام، وهي أموال مصدرها في جزء منها هدايا أو مساعدات.

وقد استدعيت في مكتبي يوم الجمعة 26 يوليو 2019 رئيس المحكمة العليا من أجل التصريح بممتلكاتي، وأعطيته كل المعلومات المتعلقة بها، وقد عاد إلي يوم 31 يوليو مع أحد معاونيه وبيده تصريح مكتوب بخط يده ووقعت عليه، وهو التصريح الموجود في الملف بخط يد رئيس المحكمة.

كما أن هناك أموال وسيارات خارج التصريح، ومن هدايا ومساعدات كانت تقدم لي، وهنا سأكشف أمرا كنت أود أن لا أقوله، ولولا تكرار بعض المحامين هنا (ذكر بالاسم منهم عبد الله ويقصد ولد حبيب، وصديقه ويقصد المحامي فاضيلي ولد الرايس)، من الطرف المدني والاتهامات التي توجه لي بأني سرقت أموال الشعب الموريتاني، وسؤالهما المتكرر: ما علاقتك بأموال الحملة (أخبارك من فظة الحملة) لما كشفته.

والآن سأقول جزء منه فقط، ففي يوم 2 أغشت 2019 اتصل بي الرئيس الحالي، وأخبرني أنه سيتنازل العشاء معي، وجاءني في المنزل، وكانت معه حقيبتان إحداهما بيضاء فيها 5 مليون يورو، من فئة 200 وأخرى رمادية وفيها 5.5 مليون دولار، وهي من فئات قديمة، وأخبرني أن هذا ما تبقى من أموال الحملة، فأخبرته أن هذا لا داعي له، فرد علي بأن أخذ مبلغا أكبر وآثر نفسه في المبلغ (كالي آن اخترت راصي غبنت راصي)، وأنا لا أستبعد ذلك ولا أستغربه.

وقد استملت منه المبلغ، وهو يمثل نسبة 60 إلى 70% من أموالي التي لم يتضمنها التصريح، لأنها هذا الأمر تم بعد التصريح.

وهنا أؤكد وجود أمور أخرى لا أريد الحديث عنها، ولكنني قد أفعل في حال واصل عبد الله وصديقه الإلحاح والتفليق والضغط علي. وهذه القصة سبق وأن أشرت لها، وأن الرئيس الحالي ذكر لي أن أحمد ولد داداه ومحمد ولد مولود وبيرام الداه اعبيدي زاروه، وأبلغهم أن يعرف مصدر ثروتي. الأولان حدثاه عن الموضوع تحريضا علي، أما بيرام فكان الرئيس هو أول من بدأ الحديث عنه.

وكنت قد وجهت رسالة مفتوحة إلى الرئيس الحالي، وذلك أثناء وجودي في مدرسة الشرطة، وكانت هذه الرسالة – بعد نشرها على صفحتي في فيسبوك – سببا في مصادرة هاتفي، وفي نصب أجهزة تشويش على غرفتي، وكذا اقتحام غرفتي في أوقات غير مناسبة من طرف الشرطة.

وبخصوص السيارات، والتي سأل عنها هي الآخر عدد من المحامين وبإلحاح، أقول إنه جاءني وزير النفط السابق محمد ولد عبد الفتاح الذي كان مكلفا باللوجستيك في الحملة الرئاسية الأخيرة، وكانوا قد اشتروا 100 سيارة من نوع “تويوتا – هيلكس”، لكنها وصلت بعد انتهاء الحملة، وقد تمت جمركتها، وإيداعها في مكان معين، وقد أبلغني هذا الوزير أن الرئيس الحالي أمره أن يسلمني 50 سيارة منها، وأرسلها لي فعلا.

وأؤكد هنا براءة هؤلاء الموجودين في قفص الاتهام، وأنهم في الحقيقة خدموا بلدهم بكل تجرد ونزاهة، وأنني أنا المسؤول عن كل شيء وقع، ومستعد لتحمل كامل المسؤولة عنه.

لقد تعرضت لمطاردات من الشرطة، حتى أثناء تنقلي في أعماق البادية، وقد كدت أعرضهم للخطر والضياع في نواحي بنشاب، حيث كانوا يتبعونني في سيارة من نوع “نيسان” اشتروها من ولد بوعماتو، بين كنت أستقل سيارة من نوع “لاند روفر”.

لقد كنت رئيسا لهذا البلد لمدة 11 سنة، وقد تم قطع جميع مستحقاتي ورواتبي، حتى راتبي كضابط سابق في الجيش، أما امتيازاتي كرئيس سابق فلم أحصل عليه أصلا حتى يقطع، فقد غادرت البلاد فور تسليمي للسلطة، وعندما عدت إليه واجهت المشاكل والمضايقات، وصودرت ممتلكاتي لدرجة أنه لم تترك لي أوقية واحدة لأحصل بها على خدمة الماء أو الكهرباء، وقد وفرت الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، أما الماء فلم أحصل عليه.

كما أوقف الدرك سيارة كانت تنقل الأعلاف لقطيع بقر من 18 رأسا كنت أملكه وقد وأوقفها وذلك بمجرد أن علموا أنها لي، كان ذلك خلال الانتخابات الأخيرة. وكانت ممتلكاتي تصادر دون إعلامي، ويتم بيعها دون إبلاغي، ودون تنظيم أي مزاد علني لذلك.

وضمن المضايقات التي تعرضت لها أن الشرطة أرغمتني على صعود السلم حتى الطابق الخامس، وذلك عندما استدعوني أول مرة، وذلك رغم وجود مصعد كهربائي، وهم ربما كانوا يريدون التأثير علي، أو تعريضي للإغماء، كما تم وضعي في غرفة مليئة بالغبار والدخان والباعوض، وكنت أفترش فيها فراشا قديما، وهذه هي الوضعية التي زارني فيها محامي الفرنسي بعد ذلك بأيام، والغريب أن رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان زارني قبل ذلك ووصف وضعي بأنه ممتاز، وبناء على ذلك، ومنذ تلك اللحظة قررت رفض أي تعاط معه أو الهيئة التي يمثلها.

لقد كنت رياضيا، وكانت صحتي ممتازة، ولكن بسبب هذه الظروف تعرضت لمرض خطير، كاد يقضي عليه، فقد كنت عرضة لنزيف لمدة ثلاثة أيام، وبعدها زارني طبيب عسكري، وأخبرني أنه سيجلب لي مرهما طبيا، فرددت عليه باستغراب أنت ترى وضعيتي، وأنني مصاب بنزيف منذ ثلاثة أيام، فكيف يكون هذا هو قرارك.

وقد حاول تدارك الأمر، وقام بقياس ضغطي، حيث وجده قد وصل إلى 19، مع أنه في العادة لم يكن يتجاوز 12 – 7، وقد تم نقلي من مدرسة الشرطة إلى مستشفى القلب – وهو منشئة تمت إقامتها خلال فترة حكمي، ويتهكم البعد الآن على بعده، لكنه – بكل تأكيد – أقرب من البلدان التي كان ينقل إليها المرضى، كالمغرب وتونس – وقد أظهرت الفحوص وجود تلف في شراييني بنسبة تفوق 90%.

أما طلباتي، فلدي طلب وحيد، هو تطبيق القانون، ولا شيء غير القانون. وألفت انتباهكم إلى أن فريق دفاعي قدم 50 طلبا للقضاء، (ورفع بيده أوراقا قال إن لقرارات رفض طلباتهم)، وقد رفضت كلها لصالح طلبات النيابة العامة.

زر الذهاب إلى الأعلى