مفكر العرب علي محمد الشرفاء يكتب .. {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}
قال الله سبحانه يحذر الذين يفترون على الله ما لم يكون له سند في القرآن الكريم:
(قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) يونس (٦٩)،
هل يوجد نص في الذكر الحكيم بلغه الرسول عليه السلام للناس بأن جميع أعمالهم ترفع في شهر شعبان؟ ألا تعتبر هذه الرواية إفتراء على الله ورسوله؟! والله يخاطب الناس بقوله:
(يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۚ وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) سبأ (٢) .
فهل من المنطق أن يؤمن المسلم برواية كاذبة تتناقض مع قدرة الله على علمه بكل حركة في الأرض والسماء وكل عمل يعمله الإنسان قبل القيام به يعلمه الله سبحانه في كل ثانية، فهل يحتاج الخالق العظيم ليحدد يوماً تُرفع فيه أعمال الناس وهو يعلمها مسبقا، دون الحاجة لمن يكلف برفعها إليه سبحانه جل وعلا.
ألم يقل سبحانه:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) ق (٢٩)
فمن كان بذلك القرب للإنسان فهل يحتاج لمن يسجل أعمال الإنسان ويرفعها إليه سبحانه؟
فليتوقف المتآمرون على رسالة الله للناس وليُحكِّموا بينهم آياته التي تخرجهم من الظلمات إلى النور امتثالا لقوله تعالى:
(اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) الأعراف (٣)
وبشأن رفع الأعمال إلى الله في شهر شعبان هناك آيات من القرآن المجيد تدحض كل فكر مريض وتُبطل كل رواية مزورة على الرسول، والله لم يكلف رسوله عليه السلام أكثر من أن يبلغ الناس آيات الذكر الحكيم ويتلوها عليهم ويعلمهم مقاصدها وحكمة الله فيها، لما يحقق للإنسان حياة طيبة مطمئنة في الدنيا ويفوز يوم القيامة بجنات النعيم.
والآيات التالية تنفي تماما ما تم تزويره على الرسول عليه السلام بأن أعمال الناس تُرفع لله في شهر شعبان:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إليه مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق (١٦/١٧/١٨) .
وقول الله سبحانه :
(وَإِنَّ عَلَیۡكُمۡ لَحَـٰفِظِینَ كِرَاما كَـٰتِبِینَ یَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ) الانفطار (١٠/١١/١٢).
وكثير من الآيات التي تنفي المزاعم الكاذبة على الرسول عليه السلام بما نُسب اليه من أقوال مزورة أنه قال (ترفع أعمال الناس في شعبان)
فالآيات السابقة تؤكد أن الله سبحانه لا يحتاج لمن يرفع أعمال الناس في أي يوم، ولا يعلم الرُسل أو الأنبياء أو شيوخ الدين الكيفية في تسجيل أعمال الإنسان ليُحاسب عليها يوم القيامة حينما يُخرج الله كتابا يلقاه منشورا فيه سجل حياته ومُجمل أعماله منذ ولادته حتى وفاته، ولا يعلم الغيب إلا الله.
لذلك تفاديا عن اللغط والخلط بين الحق والباطل يجب أن يتم عرض كل المنقول من روايات على كتاب الله ليكون هو الحكم النهائي على بطلان كل الروايات دون استثناء اتفاقا مع التكليف الإلهي لرسوله في قوله سبحانه:
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) المائدة (٦٧) .
ذلك الأمر الإلهي للرسول عليه الصلاة والسلام بأن يُبلغ ما أنزله الله عليه من آيات القرآن الكريم تلاوة و شرحا لمقاصد الآيات وحكمة الله فيها لمنفعة الإنسان فقط، ولم يصرح للرسول أن يؤلف أقوالا من عنده تتعلق برسالة الإسلام لتنافس آيات الذكر الحكيم كما حدث منذ أربعة عشر قرنا حينما طغت الروايات على الآيات وضاعت الرسالة واختلف المسلمون وتقاتلوا، وانتشرت الفتن، بالرغم أن الله سبحانه خاطب الناس جميعا بقوله:
(وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) الانعام (٣٨)