محمد فتحي الشريف يكتب.. مقترح الشرفاء الحمادي لبناء الوحدة العربية أصبح ضرورةً ملحَّة
الكاتب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات
عندما هجرنا القرآن الكريم وأصبحنا متفرقين مختلفين في كل شيء وأصبح الصراع والقتال والتناحر دون مبرر أو سبب منطقي هو السائد بين الدول العربية، ونسينا الأمر الإلهي بالاعتصام والوحدة الذي جاء في قول الله تعالى “واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا”، وتغافلنا عن أمر الله -عز وجل- بطاعته سبحانه وطاعة رسوله الكريم وعدم التنازع الذي جاء في قوله تعالى “وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين”، فكان حالنا كما نرى صراعًا وقتالًا عنيفًا وغير مبرر في السودان، وغياب التوافق في اليمن وليبيا وسوريا والعراق ولبنان، فنال منا الأعداء وأصبحنا متفرقين متصارعين مختلفين في كل شيء.
مع أن الله -عز وجل- أمرنا بالوحدة وعدم الفرقة والتنازع، حتى لا نصل إلى المشهد الحالي، وهو الفشل في التوافق حول حل أي قضية عربية. إن غياب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جعلنا في خلاف دائم وصراع مستمر.
إن الأحداث الحالية في العالم بعد الحرب الروسية الأوكرانية جعلت كل الدول تبحث عن التحالف والتكتل مع بعضها حتى تصبح قوة تدافع عن حقوقها وتفرض وجودها، وهي فرصة ذهبية للدول العربية، للعودة إلى أمر الله بالوحدة والاتحاد، وتصفية المشاكل الداخلية في كل الأقطار العربية حتى نستطيع أن نعيد حقوق الشعب الفلسطيني من العدو المتربص بنا جميعا.
إن الوضع الحالي يحتاج منا جميعًا أن نعيد النظر في ملفات عديدة ومطالبات واقعية لتحقيق الوحدة العربية، هناك أبحاث وأطروحات نحو تحقيق الوحدة العربية تحتاج فقط إلى التطبيق، مثل مقترح المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي الذي قدمه في عام 2000 إلى جامعة الدول العربية، وهو بحث مكتمل الأركان، عالج فيه كل الثغرات لتنفيذ الوحدة العربية الذي اتخذ عنوان (استراتيجية إعادة بناء النظام العربي وتحقيق الوحدة والتضامن).
هذا المقترح وضع فيه الشرفاء كل التصورات حول الوحدة العربية من جوانبها السياسية والعسكرية والاقتصادية، وشمل البحث معالجات نستطيع تنفيذها على أرض الواقع، خاصة في ظل الوضع العالمي الحالي، وكانت أحداث فلسطين الشقيقة خير شاهد على ضرورة تطبيق الوحدة العربية على أرض الوقع.
ولكن هذا الحلم يحتاج إلى جهد كبير من الجميع، تبدأ هذه الجهود بتفعيل دور جامعة الدول العربية تجاه القضايا العربية، ثم تصفير المشكلات الداخلية للدول العربية بشكل جدِّي، وهذا لن يتحقق إلا بصدق النوايا والعمل بإخلاص من الجميع.
وبعيدًا عن الحديث عن الوحدة والتضامن العربي أقول: إن مذبحة النصيرات التي خلفت وراءها 274 شهيدًا جلهم من المدنيين العزل، وأحد جنود جيش الاحتلال تحديدًا (قائد كوماندوز)، وأسفرت العملية التي حدثت في وسط النهار عن تحرير أربعة من المحتجزين الصهاينة لدى حماس، هذا العملية التي اعتبرها جيش الاحتلال أهم نصر تحقق منذ يوم السابع من أكتوبر 2023، وعلى الرغم من اعتبار تلك المجزرة واحدةً من أبشع المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال ضمن مئات المذابح في حق أهالينا في غزة ورام الله والقدس ورفح وباقي المدن الفلسطينية، لكن تبقى تساؤلات عديدة تحتاج إلى إجابات واضحة عن تلك العملية، منها على سبيل المثال كيف استطاع الشاباك والموساد تحديد المحتجزين؟ ولماذا لم توجد مقاومة أو خسائر كبيرة في صفوف جيش الاحتلال؟
دمتم بخير