باحث و خبير يحذر من مصانع “الموكا” ويطالب بإدخال السمك في النظام الغذائي للموريتانيين (مقابلة)

الموريتاني: طالب الباحث  في مجال جودة الأسماك أباه ولد آب ولد الطلبه بمراعاة التدابير التي تحافظ على جودة الأسماك على طول سلسلة الانتاج وصولا إلى المستهلك بما في ذلك التخزين الجيد والنقل في ظروف مناسبة وكذا العرض في منافذ البيع وحتى خلال حفظ الأسماك لدى المستهلكين.

وحذر الباحث في مقابلة خاصة مع موقع الفكر من مصانع دقيق السمك “الموكا” التي قال إنها تستنزف الثروة السمكية وتزيد من التلوث، وتخلق المضاربة في أسعار الأسماك الصغيرة.

وأضاف أنه رغم تزايد الاقبال على استهلاك السمك في موريتانيا لكن هذا المنتج لم يدخل بعد في عادتنا الغذائية وهو ما يطالب به  فإلى المقابلة: 

موقع الفكر: نود منكم تعريف المشاهد بشخصكم الكريم؟

اباه ولد آب ولد الطلبة: الاسم اباه ولد آب ولد الطلبة من مواليد العام ١٩٦٩م، بمدينة تجكجة.

حاصل على شهادة البكالوريا في  العام ١٩٨٨، ثم ابتعثت في منحة إلى القطر العربي السوري وحصلت هناك على شهادة  المتريز”الإجازة”  في العلوم الطبيعية، وبعدها بدأت في البحث عن العمل لمدة ثلاث سنوات، حيث عملت  في المجال الصحي “المخابر والتحاليل الطبية”.

في العام 1997 وجدت فرصة للبحث عن الدراسات العليا في فرنسا، ولكن لم أجد مسوغا لذلك فعملت شهادة في التحاليل الطبية، حيث شهدت تلك الفترة  بداية  افتتاح المخابر الطبية، فتوجهت إلى ذلك التخصص.

في العام ٢٠٠٢ غادرت إلى كندا بصفتي مهاجرا ذا كفاءة، وشاركت بمسابقة هنا منظمة من طرف وزارة الصيد؛ في المعهد ا الموريتاني لبحوث المحيطات و الصيد المعروف  ب ايمروك  ٢٠٠٢

بعد ذلك ذهبت إلى كندا أقمت فيها سنة كاملة، ورجعت إلى موريتانيا.

فبدأت العمل في مخابر المعهد بصفتي تقني عالي في التحاليل الجرثومية.

بقيت في نواذيبو حتى العام ٢٠٠٦، حين افتتح مركز  للتحاليل  السمكية مموّل من طرف اليابان،  فبدأت أشتغل هناك، وأتيحت لي الفرصة في العام ٢٠١٥،  للعود لمقاعد الدراسة، في جامعة نواكشوط للحصول على شهادة الماستر، لكني كنت أرغب إلى جانب الدراسة، وأهمية الحصول على الشهادة، كنت أريد أن أضيف شيئا لهذا البلد، و من خلال تجربتي في  المخبر لاحظت أن أغلبية الأسماك تصدر بدون  إضافات صناعية عليها، تصدر إما مبردة وإما مجمدة بدون أن نضيف إليها أي شيء وكانت هناك شركة واحدة  لتعليب الأسماك اسمها ( ميب فريغو)  تصدر منتجاتها مجمدة، بعضها على شكل سمكة جاهزة للطبخ وبعضها عبارة عن وجبات جاهزة للاستخدام، وكانت هذه الشركة توزع منتجاتها في فرنسا في مطاعم معروفة بجودتها.

لكنني انطلقت من مبدأ أنهم يعملون الفحوصات بشكل دائم عندنا لكن للنتيجة النهائية فقط، عندما يكون المنتج جاهز للتصدير،  لذلك بحثت معهم في وسيلة حتى نحدد إذا كان هناك مشكلة في المنتوج فهل هي بسبب أن السمك الموريتاني ليس جيدا؟ أو أن المشكلة تقع في أثناء فترة  التحويل؟

فطلبت منهم أن أقوم بدراسة عليه خلال السنوات الثلاثة الأخيرة للمنتج على  النتائج التي عندهم، ولكني في نفس الوقت أقوم بدراسة مقارنة آخذا عينات السمك يوم وصولها إلى الشركة وبعد الانتهاء من الإنتاج آخذ عينة أخرى حتى أعمل

مقارنة فهل المشكلة من السمك نفسه أم من تحضيره لذلك عملت عليه فحوصات ميكروبيولجيه  أنواع مختلفة خمس فحوصات مختلفة.

وبعد ذلك وصلنا لمرحلة  تأثير التجميد وعندما ينتهي آخذ النتيجة وبعد شهر نقوم أيضا بتحليل جديد حتى نعرف هل الجراثيم تأثرت بالتجميد.

كانت النتائج جيدة جدا لكن المنتج النهائي كان نوعا أقل جودة ة، لكنها في جميع الحالات  في المستوى المسموح به

موقع الفكر: هل يقصد الجراثيم الموجودة؟

اباه ولد آب ولد الطلبة: نعم، الجراثيم الموجودة كانت كميتها أكثر قليلا ومع بحثي معهم لاحظت إنهم يقطعونه يدويا، وفي حالة التقطيع اليدوي يلزم أن تكون القاعة  في درجة حرارة عشرة فما تحت، لكن العمال-نحن منطقة صحراوية- لا يستطيعون تحمل هذه الدرجة من البرودة، فكانت درجة الحرارة مرتفعة بقليل إلى ١٣  درجة.

وقدمت للشركة بعض المقترحات.

المهم أن النتائج كانت جيدة جدا وكانت مشجعة، وعندما بدأت دراسة الدكتوراه انطلقت من عامل مهم جدا؛ وهو أن لدينا أسماك جيدة كل الناس يحبونها:  أوروبا و إفريقيا و آسيا، الباقي يكون في الأسواق المحلية دائما هو العينات الأقل جودة من ناحية القيمة المادية، ومن جهة أخرى نعلم أن السمك مادة حساسة جداً وتحتاج لدرجة حرارة منخفضة.

فإذا أخذنا سمكة جيدة وعرضناها للشمس، في  درجة حرارة  ما بين ٢٥  و ٣٠، فالنتيجة أنه خلال ١٢ ساعة، لن تكون صالحة للاستخدام، بالإضافة لعوامل النظافة أحياناً، الناس لا تعطيها قيمتها.

فحتى لانظلم موريتانيا فأول بحث عن المنتجات السمكية من الناحية الجرثومية هو كان  كشفا جرثوميا  وبيو كيميائياً وحسيا؛ حسية تجربة سريعة ترى من خلالها السمك هل العينة جيدة، التحاليل الجرثومية تأخذ أكثر من خمسة إما أن  التحاليل ا لبيو كيميائية في نفس النهار.

فأخذت العينات عندما  تنزل على الشاطئ نأخذ العينات من نوع من السمك يسمى “السردين” هو المستخدم كثيرا بالنسبة للشعب الموريتاني وخصوصاً أنه من الناحية الغذائية جيد جداً وأسعاره منخفضة، لكنه جيد من الناحية الغذائية،و نحن نقول في المثل الموريتاني:  “مار والحوت عندما لا يكون فيه السردين لا يكون جيدا”.

وقد عملت على  عينات منه  عند نزوله للشاطئ  وبعد ذلك بيوم قمت بأخذ في الأسواق المعروفة :سوق المقاطعة الخامسة،  وسوق أف..،  وسوق تيارات وأخيراً سوق الأسماك الموجود على الشاطئ، الذي يأخذ منه الكل لأنه قرب الشاطئ.

هذا من ناحية عملية ولمدة سنة كاملة  وقارنت النتائج الموجودة.

سأبدأ بالإيجابيات..، فالبحوث المتعلقة بحالة السمك ولله الحمد في موريتانيا كانت نتائجه جيدة جدا، و في هذه الظروف بالرغم أنه يأتي في أكياس مملوءة والأسماك عادة حساسة فالأحسن أن تحفظ مع الثلج.

ولكن عندما يذهب إلى الأسواق  تكون النتيجة أقل جودة .

لكن أنا لا أريد أن أكون سلبيا في التقييم، فالنتائج كانت أقرب إلى الجيدة بالإضافة لبعض النتائج التي لم تكن في المستوى، لكن لو قارنها مع دول أخرى تكون نتائج موريتانيا جيدة جدا.

فالأحسن أن هدفي من هذا البحث كما يقال- أشبه “كوام من جياب”-  ضرورة أن نحافظ على ثروتنا السمكية، فموريتانيا بدأت بحمد لله تتجه نحو استهلاك اكبر للأسماك، ففي العام ٢٠٠٢-٢٠٠٣ كان معدل الاستهلاك السنوي للشخص الواحد من الأسماك في حدود ٤.٣ كلغ،   وفي العام  ٢٠١٨ وصل المعدل إلى 12.6كغ، وذلك بفضل الشركة الوطنية لتوزيع الأسماك، فأصبح السمك متوفرا بكميات كبيرة في موريتانيا.ولكن تلزمنا المحافظة عليه، من خلال توفير الثلج بكميات كافية، والمحافظة على ظروف النظافة واشتراطاتها محترمة.

 الدراسة التي قمت بها وجدت  تجاوبا كبيراً من لجنة التحكيم، حيث أوصت بتثمينها، وتثمين بعض التوصيات التي هي في مصلحة موريتانيا لهذا الأساس جزاكم الله خيرا جئت إليكم لنقوم بهذا التحسيس.

ليس الهدف أن أقول إني أصبحت دكتورا، كل الناس يريدون أن يحصلوا علي شهادة لكن الهدف من هذه الدراسة  أن السمك الموجود عندنا يكون بعينة جيدة، ونعرف أن السمك ذا القيمة العالية يصدر للخارج، وهذا أمرطبيعي،  لكن السمك الذي يبقى هنا يجب ان نحافظ عليه، وقد حبانا الله  بفترة كان السمك فيها جيد،  لكن يلزم أن يدخل السمك في عادتنا الغذائية، فهو جيد من ناحية الصحة هذه السردين غنية بالأو ميكا 3، مادة مهمة جداً؛ مهمة لنمو الأطفال، مهمة لسلامة جهاز القلب والأوعية الدموية، وتنقص نسبة  الدهون الثلاثة الضارة في الدم،  فهذه فرصة كبيرة لنعمل معكم حتى يكون السمك الموجود في وضعية جيدة.

موقع الفكر: الدراسة قمتم بها في عمق البحر أم في الأسواق؟

اباه ولد آب ولد الطلبة: الدراسة إنما قمت  بها على الأسماك عند الشاطئ وأيضا في الأسواق واقتصرت فيها على عينة واحدة من السمك حتى لا يقع تشابك بين الأنواع، لأن كل نوع عنده جراثيم خاصة به.

الدراسة الأولى في الماستر قمت بها على السمك بشكل عام وكانت نتائجها جيدة وهذه المرة قمت بها على السردين، لأن ظروفه كانت صعبة بعض الشيء، لأنه يختلف عن الأسماك الأخرى، الكمية التي تصل منه عندما تكون قليلة تأتي في كراتين مملوءة لدرجة أنك لا تستطيع أن تضع إصبعك بسب التكدس؛ وهذا يؤثر على السمك، لكن الأسماك بشكل عام جيدة لو حوفظ عليّها يمكن أن تبقى مع بوجود الثلج لها مدة أسبوعين فما فوق.

موقع الفكر: مصانع الموكا الموجودة في نواذيبو، هل قمتم بدراسة حول تأثيرها على البيئة البحرية والشعب والعوالق، وما  تأثيرها على الأسماك؟

اباه ولد آب ولد الطلبة: لا لا، حقيقة هي الدراسة لم تتطرق للموكا، ومع ذلك  الموكا موجودة في نواكشوط وعددها مصانعها انطلقت من مصنعين في العام ٢٠٠٥ إلى ٤٣ مصنعا في سنة ٢٠١٨، موكا هذه الشركات خطر على الثروة السمكية، لا أريد أن أتكلم في السياسة لكني أريد أن أقول لك شيء هو أنه من أجل الحصول على طن واحد من دقيق السمك، تحتاج إلى 5 طن، وفي العالم الآخر السمك الموكا يذهب إليها الأسماك غير المستخدمة، أو ذات الجودة المتوسطة.

موقع الفكر:  هل تتخذ الدولة الموريتانية إجراءات لتخفيف ضرر مصانع الموكا على البيئة البحرية؛ والعوالق البحرية والشعب المرجانية؟

اباه ولد آب ولد الطلبة: هو كما تعرف من ناحية شخص علمي يجب أن يتكلم في الأشياء التي يتقنها.. هو درجة الحرارة عامل مهم للبحر ، هو البحر ليس السمك فقط ،البحر فيه العوالق وهذه العوالق حساسة وهي التي تتغذى عليها الأسماك الصغيرة والأسماك الصغيرة تتغذى عليها الكبيرة وهكذا.

عندما ترتفع درجات الحرارة يمكن أن يؤثر ذلك عليها -ويزيد- وينقص ذلك نسبة الأكسجين الموجودة في البحر لكن هناك دكتورا كان يعمل بحثا في هذا، لكن لا أعرف أين وصل، هذا حقيقة..

موقع الفكر: هناك مجموعة من الشركات كانت في موريتانيا-طبعا- طواها النسيان، في بحثك هذا، هل لديك عنها معلومات:  الشركة الموريتانية الليبية للصيد..الشركة الموريتانية الجزائرية للصيد.. مصنع تعليب الأسماك شركة ميب؟

اباه ولد آب ولد الطلبة: شركة “ميب”  هي التي عملت فيها، وهي الآن للأسف في توقف وهدفهم توسيع المنتجات، لكن الشركات الأخرى للأسف لا أعرفها.

 الثروات الموريتانية  تصدرون قيمة مضافة عبر اتفاقيات صيد كالموقعة مع الاتحاد الأوروبي و غيره.

موقع الفكر: هل هناك بنية تحتية تسمح بتفريغ الأسماك؟

اباه ولد آب ولد الطلبة: تلك هي المشكلة، البنية التحتية بدأت تتطور لكن تحتاج إلى قرار سياسي لتسريع  الوتيرة.

نحن عندنا تقدر ب 1.8مليون طن سنويا، هذه هي قدرتنا الاستيعابية ننتج منها ١.٤ مليون طن ،وعندنا ثروات كثيرة أخرى، عندنا هذا الذي يقال له الرخويات عندنا منهم منتوجات كبيرة وكان هناك تجربة للأسف لم تستمر لزراعة الرخويات،  ذكر لي أحد الخبراء أنه عندما تزرعهم  في موريتانيا بسبب غناء الماء فيها -مياه البحر- ستة أشهر يصل إلى مستوى يمكن أن يصدر، في حين أنه في فرنسا  تصل لنفس المستوى خلال ثلاث سنوات.

أنا بالنسبة لي الهدف الأساسي من البحث هو:

أولا تشجيع الناس على استعمال السمك لأنه من الناحية الغذائية أحسن ومن الناحية الاقتصادية أحسن، لكن نحاول أن يكون بكمية ومع أحترام النظافة.وهنا يكون الثلج بأسعار مناسبة فالذين يشتغلون في هذا الميدان أغلبهم يأخذ كيس لليوم لا يمكن أن يحافظوا عليه إمكانياتهم قليلة جدا وظروف الأسواق ينبغي يلزم أن تحسن لازم يكون فيها أسواق خاصة نظيفة وتكون الناس مراقبة صحية لكي لا تنتقل الأمراض.

موقع الفكر: ما النقاط  العلمية التي تميز بها بحثكم أو أضاف؟

 اباه ولد آب ولد الطلبة: أنا يظهر لي أن أهم نقطة عندي مسألتين:

واحدة أني عملت أعطيت فكرة عن السمك خاصة السردين عندما يصل الشواطئ الموريتانية، كان أحسن أن نأخذه عندما يصاد لكن هذا يتطلب قليلا من الجهد

النقطة الثانية أني أعطيت نتيجة يلزم أن تؤخذ في الحسبان عندما يكون في الأسواق بعد 24 ساعة.هذا بالنسبة لي.

من الناحية التقنية أنا بالنسبة لي لم أرد أن أعمل فقط في تخصصي الذي هو الأحياء الدقيقة أو الجرثومية، بل قمت ببعض الفحوصات لبيو كيميائي هذه لبيو كيميائي فيها إيجابية لأن لها علاقة بالجراثيم لكنها تأخذ أقل من الوقت

قمت أيضا بفحص حسي مثل المفتشين الصحيين مفتش الأسماك، حتى السمك يجب أن تراه بدلا من أن تأخذ عينة تنظر الأسماك وهذا يعطيك فكرة؛ أن هذا السمك من الناحية الحسية كانت جيدة.

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

اباه ولد آب ولد الطلبة: على كل حال أشكركم على هذه السانحة التي أعطيتموها لي حتى أتكلم عن البحث الذي قمت به.

على كل حال أطمئنكم على أن الأسماك في موريتانيا جيدة جدا ولكنها تحتاج لبعض الأمور التي قد تساعد في المحافظة على جودتها، هي:

أولا توفير الثلج بكمية كافية.

والثانية تكوين الأفراد  المشتغلة في هذا الميدان على أهمية احترام معايير النظافة.

هذا بالنسبة لي هو أهم شيء.

والنقطة الثانية أن هذا بداية بحث يمكن أن يستمر حتى نحدد مستوى السمك كله غير السردين؛ نقوم به على أسماك أخرى، ونقوم به على الأسماك المتحولة لأنها أيضاً تعطي قيمة مضافة..

وجزاكم الله خيرا على اللفتة السانحة وأشكركم جزيل الشكر .

زر الذهاب إلى الأعلى