إضاءة قانونية: أخلاقيات البصمة البيومترية بين القانون الدولي الإنساني والقانون المحلي… د / تهاني العبيدلي

الموريتاني: لقد تم تطبيق البصمة البيومترية في الكويت على الجميع أي على المواطنين والمقيمين والوافدين دون استثناء ابتداء من عمر 18 عاما ضمن استراتيجية الخطة الأمنية لدولة الكويت وتم تنظيم عملية البصمة البيومترية من قبل وزارة الداخلية عبر المواعيد الالكترونية على منصة (سهل) للمواطنين والمقيمين وأما الخليجيين فعبر موقع وزارة الداخلية وقد وفرت الأدلة الجنائية عدة مراكز (5) مراكز للمواطنين الكويتيين ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي في مختلف أرجاء الكويت للبصمة  البيومترية ويمتد العمل فيها من الصباح حتى الليل (8:00صباحاالى 8:00 مساء)ليشمل كذلك أيام الاجازة الأسبوعية لتسهيل الأمر على الكافة لاسيما الذين يعملون بنظام النوبات وممن يعملون في مختلف القطاعات ا( الحكومية-الخاص) بالإضافة الى منافذ دولة الكويت الأخرى(الحدودية- مطار الكويت الدولي) وأما بالنسبة لطريحي الفراش وذوي الاحتياجات الخاصة فيتم تطبيق البصمة البيومترية في مقارهم بعد فحص المستندات المتعلقة بالحالة الصحية وتحديد الموعد المناسب ومن يتخلف عن اجراء البصمة البيومترية سيتعرض الى إيقاف جميع المعاملات الحكومية والمصرفية وإيقاف البطاقة المدنية وبادئ ذي بدئ فلنتعرف على ماهية البصمة البيومترية والغرض من تطبيقها .
إن البصمة البيومترية هي تقنية عبارة عن منظومة متطورة ودقيقة ويمكنها بفضل برمجيتها أن تبحث وتقارن في البيانات المسجلة لديها (بصمة الوجه والعين والأصابع) من البحث عن مطابقات محتملة فالبصمة البيوترية تعزز صحة المعلومات ا لمتعلقة بهوية الأشخاص المتواجدين على إقليم دولة الكويت (مواطنين كويتيين- مقيمين- وافدين) فهو تطبيق يمكن الجهة الأمنية من تتبع الأشخاص لكشف المزورين والمحتالين ومن جهة أخرى تحمي الأشخاص من  اختراق حساباتهم ومن انتحال شخصياتهم حيث أن نظام المصادقة البيومترية يحميهم من ذاك الخطر فهي تحدد أفراد بشخوصهم لذلك هي أكثر أمانا من الطرق التقليدية (بطاقة الهوية-كلمات المرور).
والمصادقة البيومترية باختصار هي علم يقيس ويحسب ويقارن الخصائص الحيوية البشرية السلوكية بدلا عن أرقام وعبارات وذلك من خلال البيانات الفيزيائية فهو يمسح بصمة الأصابع وقزحية العين والوجه من خلال ماسحات مرتبطة بكاميرات عبر الكمبيوتر المحلي أو السحابي وتطبيق برنامج بيومتري متخصص وهو بذلك يكفل الأمان للأشخاص من المخترقين.
وقد أعطيت لنفسي الحق بإضافة البصمة البيومترية الى عائلة الدي ان أيه (DNA) ولكم الاختيار في مرتبة القرابة الا أن هناك فروقا بينية بينهما وقد قضت المحكمة الدستورية بحكم لها في سنة 2015 بعدم دستورية القانون رقم 78 لسنة 2015 بشان البصمة الوراثية وأنه صدر مخالف للدستور بتطبيق البصمة الوراثية بشكل عام على الجميع لتعارضها ومواد الدستور حيث لفتت المحكمة أن المواد (2-4-8 -11) من القانون المطعون على دستوريته يخالف المواد (30-31) من الدستور والتي تكفل الحرية الشخصية وحفظ وصون كرامة الانسان  وحقوقه في الحفاظ على أسراره وتعمدت ذكر البصمة الوراثية كي أفك الترابط الغير صحيح بينهما في ظن الكثير من الأشخاص وينعون عليه للقياس بعدم دستورية البصمة البيوترية والتي هي هوية الشخص الحيوية وليست ملفه الطبي بما فيه من أمراض جسدية أو عقلية أو نفسية.
حيث أن الكثير بالفعل ينتقد بل ويهاجم البصمة البيوترية ويتهم الجهات التي تطبقها أنها تنتهك خصوصية الانسان وتسيطر عليه ومن هذا المنطلق نعرج على الناحية الأخلاقية والقانونية لهذا الجانب فكيف يمكننا تحديد النطاق القانون لاستخدام  بيانات البصمة البيوترية للأفراد ومنع إساءة استخدام تلك البيانات ومن هذا التساؤل ننتقل الى كيفية الرقابة التكفل الحفاظ على أمن البيانات البيومترية من مخاطر النظام وعندما نذكر كلمة  مخاطر فهذا يعني مواطن ضعف الجهاز الماسح الذي يمسح بصمة الاصبع و قزحية العين والوجه أو البرمجية التي تحسب وتقيس أو البرنامج الذي يبحث ويقارن ويطابق ويحدد المتطابقات  ألا أنه تثور عدة تساؤلات أخرى بشأن مدى الأمان والمصداقية في المصادق للبصمة البيومترية ان البيانات الحيوية تعتبر آمنه لكنها ليست مضمونه تماما للأسف فأنه يمكن  من خلال العرض التقديمي أن يتم تزوير البيانات الحيوية باستخدام تقنيات متعددة من تطبيقات وبرامج ودمجها كما يمكن استخدام صورة شخص آخر أو قناع مزيف ثلاثي الأبعاد أو استخدام بصمة سيليكون مزيفة أو غيرها من التقنيات المختلفة وبلا شك لتلافي تلك العيوب فأنه لا بد من الاسترشاد بمعايير التشغيل العلمية إضافة لمعايير الجودة لكشف عمليات التسلل والتزوير في البيانات الحيوية وتحصين تطبيق البصمة البيومترية بترقية و تطوير الأنظمة من أجل دعم التحول إلى القياسات الحيوية والذي يحتاج الى ميزانيات ضخمة كما أثير ان التقنية يعتريها النقص والثغرات حيث في كثير من الدول اكتشفت أن التقنية لا تميز أصحاب لون البشرة الملونة أو كما أن الثغرة الكبيرة هي تخزين تلك المعلومات وتكمن خطورتها فيمن يتعامل بها ولا سيما الشركات الخاصة والتي قد تعرضها للبيع في مزادات السوق السوداء أو أن يسوء استغلالها من قبل الدول القمعية في تعاملها مع اللاجئين و تلك مسائل تتعلق بالمال والأخلاق ولكن يظل الجانب الإيجابي أكبر بكثير من السلبي وما يخصني كمتخصصة قانونية في الإرهاب فأنه ينبغي الاطلاع على البروتوكولات الدولية عبر الاتفاقيات القانونية لمشاركة قواعد البيانات ولا سيما في مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة عابرة الحدود  وبهذا الصدد يجب الاطلاع على دليل المنظمات الدولية وعمل مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة الإرهاب (UNOCT) والأفرقة الدولية المعنية بإنفاذ مكافحة الإرهاب سواء المحلية أو الإقليمية أو الدولية.  
فإذا تناولنا جانب مكافحة الإرهاب فأن الدولة يحتم عليها التعاون دوليا مع تلك الجهات المعنية بمكافحة الإرهاب ومنها الانتربول المزود بقواعد بيانات دولية وتطبيقات أمنية لأمن المعلومات وبروتوكولات لمشاركة البيانات البيومترية وفقا للقانون الدولي والوطني عبر بروتوكولات الاتفاقيات الدولية وهي الطريقة المناسبة لتزويد الغير بمنح تلك البيانات  من خلال تلك الاتفاقيات التي تكفل مشروعية الدولة في الحفاظ على بيانات مواطنيها بالدرجة الأولى وضمان الخصوصية والسرية وفقا لبنود القانون والاتفاقيات الدولية ومن الضروري معرفة أنه كثير من الأحيان تصطدم التشريعات المحلية والقانون الدولي من خلال التوقيع على الاتفاقية أي باعتمادها والعمل بها لذلك نجد أحيانا أن تتحفظ الدولة على الاتفاقية برمتها أو على بعض بنودها الغير ملائم أو الغير متوافق ودينها الرسمي أو أنه يخالف قانونها الداخلي أو أعرافها الأخلاقية لأنه في حال التوقيع على الاتفاقية فيجب العمل على إنفاذها والذي يتطلب من الدولة أن تغير قوانينها المحلية الوطنية لكي توائم قانون الاتفاقية الدولي ومن الضروري معرفة أن الأفرقة التي تراقب عملية إنفاذ القانون ان وجدت خللا أو تخاذلا من دولة ما في تطبيقه فالتقرير الذي ترفعه للجهة الرقابية يتم بعدها التواصل الدبلوماسي الرسمي مع الدولة المعنية حول مسببات عدم تنفيذ  كافة أو بعض بنود الاتفاقية وعليه فالدولة إما أن تستمر بموقفها وإجراءاتها بعدم التطبيق وانفاذ بنود الاتفاقية أو تماطل في التنفيذ عمدا أي أنها تطلب أجلا (مهلة) للتنفيذ ليتسنى لها تغيير قانونها الداخلي ليوائم بنود الاتفاقية ومعنى ذلك هو أن تكون الدولة متعاونة تماما أو نصف متعاونة أو رافضة لتنفيذ الاتفاقية التي وقععت عليها وفي حال الرفض فالعواقب عادة هو عزل واقصاء الدولة عن المجتمع الدولي وعدم التعاون معها بل وعدم التعامل معها على كافة الأصعدة مما يخلق لديها عجز اقتصادي وزعزعة مكانتها الدولية سياسيا وتجاريا واجتماعيا ويثور سؤال يطرح نفسه من هي الجهة التي تنظر وتحكم وتفصل في الخلاف حينما تثور مثل هذه الإشكاليات؟ لا شك أن التحكيم الدولي هو المعني بالنظر بالنزاعات التي تثور بهذا الشأن فبالنسبة لدولة الكويت فقانون التحكيم القضائي                  
وبعد هذا السرد يتبادر الى الذهن ما الهدف الدولي من البصمة البيوترية؟
باختصار ومن خلال ما أسلفنا ذكره فأن وجود قواعد بيانات البصمة البيوترية في الانتربول الدولي والشركاء الدوليين يؤدي الى:

كشف مزوري الجنسية وهو ما حدث في دولة الكويت حيث تكشفت آلاف جرائم التزوير عبر التزويد بمعلومات كاذبة مع العلم بأنها كذب وزور للتحصل على الجنسية الكويتية والانتفاع بمزاياها لهم ولمن يتبعهم بمقابل مالي. 
وقد تم سحب جميع الجنسيات الكويتية المزورة واحالة المزورين الى القضاء.
• سيحد من اجرام العصابات الدولية بمختلف أنواعها ومنها الجرائم الإرهابية حيث ستخلق الهلع والذعر لدى المجرمين وقاداتهم.
• كفالة منظومة حقوق الانسان ونطاق الحماية القانونية للأشخاص فيما يتعلق بادراة وتبادل ومشاركة البيانات الشخصية ولعل أبرز مثال فيما يخص هذا الجانب  النشرات الحمراء والزرقاء للانتربول .
• حماية الأفراد والحفاظ على أمنهم الشخصي والمالي من الاختراق.
• الحد من المخترقين للأنظمة والتطبيقات.
• الحد من التنقل الغير قانوني عبر الحدود المفتوحة بين الدول(الأشخاص – التهريب الجمركي- الاتجار الغير مشروع من الأسلحة والمخدرات- المتفجرات في العمليات الارهابية)
• تسهل كشف عمليات تزوير الهويات ووثائق السفر وسرعة القبض على المجرمين والإرهابيين.
• تسهل ربط حركة الأشخاص عبر الحدود ومراقبته وتنظيمه وكشف المهربين والمجرمين والمشتبه بهم من الإرهابيين بهذه التقنية المتطورة التي تمسح وترصد وتقيس السمات البيومترية وتبحث وتجد التطابق في ثواني.
• تسهيل تسليم المجرمين المطلوب تسليمهم ومحاكمتهم.
• مواكبة التطور التكنولوجي.
• تسهل في إيجاد روابط بين الجرائم المرتكبة لايجاد مطابقات من خلال قواعد بيانات مسرح الجريمة البيومترية وبالتالي تسهيل عمل الأدلة الجنائية وجهات التحقيق.
• التعاون في تحديث قواعد البيانات للبصمات البيومترية دوريا.
• التعاون الدولي في احكام الرقابة وفي التحقيق الدولي والحوكمة.
• وضع السياسات الدولية وتحديثها بما يخدم الدول ومصالحها الدولية.
وهذه الإضاءة القانونية مختصرة فيما يخص البصمة البيومترية وفي القادم القريب ستكون لنا اضاءات قانونية تفصيلية منفصلة نتناول فيها في مقال جانب من جوانبها لنغطي الموضوع كاملا.
دمتم بود,,,

د(ة) / تهاني العبيدلي

مستشارة قانونية كويتية

زر الذهاب إلى الأعلى