حمود ولد امحمد الخلوق الذي ترفضه أنظمة الفساد / عبد الله ولد الصادق
في نهاية التسعينات ظهر في الإعلام والشأن السياسي الموريتاني شاب أنيق حيوي تصدر من دون اجتماع قبيلة ولا دعم من وجيه محلي؛ كان خريج الجامعات الفرنسية في الإدارة، يلفت الانتباه بأصالته وحماسه وقوة شخصيته وحسن أخلاقه.
لم يلبث إلا قليلا حتى تحركت وزارة الثقافة وتصدر فيها المثقفون من أمثال المرحوم محمد المختار ولد اباه الذي تولى رئاسة أول مجلس لجائزة شنقيط وناجي محمد الإمام ودمبه ولد الميداح.. وغيرهم. وعاد للكفاءة اعتبارها في قطاع جبل لعقود على التصفيق والتملق والبعد عن قيم البلد وثقافته بفعل سياسات أريد لها أن تدوس وتطمس هوية البلد.
في تلك الفترة الوجيزة سجلت في التراث العالمي مناطق جديدة باسم موريتانيا، ونفض الغبار عن مشروع حفريات كمبي صالح، ونظمت مهرجانات في مختلف المدن، وتألقت المحظرة وعادت لعلمائها مكانتهم المستحقة.
لكن هذه الإنجازات العريضة لم تشفع لحمود فتكالبت عليه قوى الشر وأبعدته إلى وظيفة مدير للتلفزيون الرسمي، سعيا إلى تغييبه عن المشهد.
في التلفزيون أسس حمود لمشهد غير معهود، ففي عهده استضاف التلفزيون الرسمي لأول مرة أحمد ولد داده ومسعود ولد بلخير وجميل منصور في برامج حوارية، وأسس نواة قناة الثقافية وجابت فرق الإنتاج أعماق البلد طولا وعرضا. وهو ما لم يرق للانقلابيين الجدد في عهد عزيز فأبعدوه إلى الهابا التي كانت قبله غرفة تسجيل وسيف مصادرة فلم يكمل عامه الأول فيها حتى رخص لقناة المرابطون وقناة شنقيط ورفض إغلاق صحراء ميديا، كما رفض عدة مرات التضييق على المرابطون رغم إصرار راس السلطة التنفيذية المتكرر.
في عهد غرواني كان الناس ينظرون لحمود ولد امحمد كوزير أول أو رئيس الحزب الحاكم، نظرا لمكانه من رئيس الجمهورية وعلاقته به. لكن حمود آثر العمل بطريقة مختلفة حين استدعاه الرئيس وحدثه عن أهم مؤسسة في برنامجه الانتخابي مؤسسة معادن التي كانت حينها مجرد فكرة مكتوبة في برنامج تعهداتي. قبل رجل المهمات الصعبة التحدي واستلم معادن مرسوما من ورقتين، وفي أقل من ستة أشهر دشن الرئيس أشغالها واستمرت في العطاء إلى أن غادرها وإنتاج الذهب التقليدي في ذروته وهي شركة قوية تزيد أرصدة حساباتها على ستة مليارات وترسانتها القانونية مكتملة ومقراتها مجهزة ومختلف مناطق التنقيب تتوفر على خدمات الماء والكهرباء وشبكة الاتصال.
غادرها والاستثمارات في القطاع بمليارات الأوقية وسواعد موريتانيا تستخرج ذهب موريتانيا لتبني موريتانيا تجسيدا لشعار الشركة الذي أطلقه حمود والذي ما زال يتردد إلى الآن على ألسن المنقبين.
قلم حمود أظافر لوبيات الفساد التي تستخدم النفوذ وتنهب بالتراضي وبغير التراضي، فقررت إبعاده لكن فخامة الرئيس لمعرفته به عينه في عام انتخابي على أهم مشاريع برنامجه خلال مأموريته الأولى فامتلأت حواضر الفقراء خدمة، وفي أقل من سنة توفرت خدمة المياه لحوالي 100 قرية وتأسس مجتمع تآزر وارتبطت إنجازات غزواني به فأصبحت المعونات تسلم باسم رئيس الجمهورية وأصبحت تازر واقعا مشهودا.
طبعا، هذه الإنجازات كانت محل تقدير، فقد كان حمود هو المسؤول الوحيد الذي زار رئيس الجمهورية المؤسسات التي يقود سبع مرات خلال خمس سنوات.
لكن كان هناك أيضا النهابون ولوبيات الفساد الذين “لا يحبون المصلحين” وقد تقاسموا أن يبعدوا حمود مرة أخرى كما أبعدوه في عهد ولد الطايع وعزيز وذهب أولئك وبقي حمود بكفاءته وخلقه وإنجازه وصبره وتفانيه في خدمة بلده.