الإعلام في موريتانيا: بين التحديات المادية والتطلعات الإصلاحية.. هل تحقق الحكومة تغييرات حقيقية؟

رغم ما تحقق من إنجازات في مجال الإعلام في موريتانيا خلال السنوات الأخيرة، إلا أن المشهد الإعلامي في البلاد مازال يعاني من العديد من التحديات التي تؤثر على جودته وفاعليته.

من أبرز هذه المشاكل، النقص في الدعم المالي وغياب التمويل الكافي للمؤسسات الإعلامية، الأمر الذي يعيق قدرتها على تقديم محتوى إعلامي متنوع وجاد.

كما أن قلة التكوين الجاد والمستمر للصحفيين تشكل عائقاً كبيراً أمام تحسين مستوى الأداء المهني، وتطوير الصحافة في البلاد.

المشاكل والتحديات:

  1. النقص في الدعم المادي: يعتبر تمويل وسائل الإعلام أحد أكبر التحديات التي تواجه الصحافة في موريتانيا. يعاني العديد من المؤسسات الإعلامية من ضعف التمويل، مما يؤثر على قدرتها على إنتاج محتوى إعلامي متنوع ومتطور.
  2. ومن ناحية أخرى، فإن الصحافة الخاصة تعتمد بشكل كبير على الدعم الحكومي، وهو ما يثير تساؤلات حول استقلاليتها.
  3. تكوين الصحفيين: رغم وجود بعض المؤسسات التعليمية التي تهتم بتدريب الصحفيين، إلا أن التكوين المهني في مجال الإعلام لا يزال محدوداً وغير كافٍ.
  4. تفتقر الصحافة الموريتانية إلى صحفيين مدربين تدريباً جيداً في مختلف المجالات الصحفية، مما ينعكس سلباً على جودة العمل الصحفي في البلاد.
  5. تحديات تنظيمية وتشريعية: يعتبر العديد من الصحفيين أن هناك نقصاً في الحوكمة والتنظيم الفعال في المجال الإعلامي.
  6. بعض الصحفيين يعتقدون أن أي إصلاح قد يحدث في الإعلام قد يكون غير ملائم أو يفتقر إلى القيادة المناسبة، ما يساهم في إعاقة أي تغييرات إيجابية في هذا القطاع.

التوقعات والتوجهات المستقبلية:

في ظل هذه التحديات، راهن الإعلاميون في موريتانيا على التغيير المحتمل في المشهد الإعلامي، وخاصة بعد تعيين الحسين ولد مدو وزيراً للثقافة، وهو شخصية تتمتع بخبرة كبيرة في مجال الإعلام والثقافة.

تعول فئات واسعة من الإعلاميين على الوزير الجديد لتقديم حلول عملية للعديد من القضايا التي يعاني منها القطاع الإعلامي، في ظل تساؤلات من بعض الصحفيين الذين يشككون في قدرة الإصلاحات على تحقيق تغيير حقيقي، خاصة مع غياب قيادة قوية في هذا المجال.

تصريحات وزير الثقافة:

في آخر تصريح له، أكد الحسين ولد أمدو، وزير الثقافة الناطق باسم الحكومة، أن ثلاث قنوات تلفزيونية خاصة قد حصلت على رخص جديدة، في حين انتهت رخص القنوات الأخرى.

وأوضح الوزير، خلال المؤتمر الصحفي للحكومة في 27 نوفمبر 2024، أن السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية (الهابا) تعمل مع هذه المؤسسات الإعلامية لإيجاد حل للمسألة، بما يتماشى مع القانون الناظم للمشهد الإعلامي، مع التركيز على توسيع الحريات الإعلامية.

وأكد الوزير على أن الدولة تتحمل تكاليف ضخمة تقدر بالمليارات من الأوقية لتغطية نفقات وسائل الإعلام الخاصة، وذلك بهدف ترقيتها وتحسين أدائها.

وأعرب عن أمله في أن تفضي المفاوضات بين الهابا والقنوات الخاصة إلى إيجاد حلول تحافظ على هذه المؤسسات الإعلامية، وتضمن استمراريتها في المشهد الإعلامي الوطني.

صندوق دعم الصحافة:

فيما يتعلق بالدعم الحكومي، أشار وزير الثقافة إلى أن الدولة لم تطلب من وسائل الإعلام سوى المعيار المؤسسي للاستفادة من صندوق دعم الصحافة.

هذا الصندوق يهدف إلى دعم الإعلام الذي يساهم في تلبية احتياجات المواطن ويشجع على إعلام هادف ومتنوع.

وفي هذا السياق، أكد الوزير أن لجنة تسيير الصندوق ستشكل مطلع الأسبوع المقبل، وأن ميزانية الصندوق قد تضاعفت هذا العام، مما يدل على أهمية هذا الدعم في تحسين الواقع الإعلامي في موريتانيا.

رغم الجهود التي تبذلها الحكومة لتطوير المشهد الإعلامي في موريتانيا، يبقى القطاع الإعلامي في حاجة ماسة إلى حلول شاملة لمواجهة التحديات الراهنة، مثل ضعف التمويل، وتطوير التكوين الصحفي، وتفعيل الإصلاحات المؤسسية.

في ظل تعيين وزير الثقافة الجديد ووجود بعض المبادرات الحكومية، يمكن أن تشهد الساحة الإعلامية في البلاد تغييرات إيجابية في المستقبل القريب إذا تم التعامل مع القضايا الأساسية بشكل جاد ومؤثر.

زر الذهاب إلى الأعلى