مفكر العرب علي محمد الشرفاء يكتب .. توصيف القيادة في التشريع الالهي
الموريتاني : وضع الله لرسوله عليه السلام توصيفاً للقيادة يلتزم بتطبيقها في قيادته للمسلمين في بداية البعثة النبوية، وليكون قدوة للقيادات التي جعله الله سبحانه نموذجاً عمليا يتعلمون منه أسلوب القيادة والتعامل مع أفراد المجتمع ضمن معايير الرحمة والعدل والمساواة واحترام كرامة الإنسان وحريته ورعايته في الصحة والمرض وفي مرحلة الضعف والقوة وحماية أمنه وسلامته، ولذلك خاطبه الله سبحانه يعلمه صفات القيادة والالتزام بتطبيقها في قيادته وتعاملاته مع مساعديه ومع زملائه ومع كل أفراد المجتمع.
كما بين له الله سبحانه واجبات وظيفته بقوله “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” (159) آل عمران.
ولذلك أمر الله المسلمين بأن يتخذوا الرسول قدوة لهم في حكم الشعوب في خطابه للمسلمين بقوله سبحانه ( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) الاحزاب (٢١)، فمن اتخذ الرسول قدوة في قيادته وحكمه للمسلمين في حياته، فقد أطاع الله بإخلاص وأمانة ونصر آياته وعظاته، فقد وعده الله بالنصر وأيده بعونه، فتتحقق للدولة التي يحكمها الرحمة والعدل والإحسان واحترام حقوق الإنسان أياً كان دينه ومذهبه، فالكل في المجتمعات الإنسانية متساوين في الحقوق والواجبات، فلا ميزة لأحد غير ما يقدمه من عمل لمصلحة المجتمع وتطوره وأمنه وسلامته .
ولو اتخذت قيادات الدول العربية وطبقت معايير القيادة في التشريع الإلهي لتحولت الشعوب في الدول العربية كل منها إلى جندي مخلص متفانٍ في العمل على صالح دولته والمحافظة على أمنها القومي، لأن قياداتها سهرت على احترام حرية المواطن والمحافظة على كرامته
الإنسانية وحمايته من كل ما يهدد أمنه وتأمين دخل يكفل رعاية كريمة لأسرته.
فيتحقق بتطبيق الوصف الوظيفي لحكام المسلمين والتزامهم باحترام أداء مسؤلياتهم الأمن والرخاء والاستقرار
لدولهم وأوطانهم، جزاء على التزامهم وعهدهم مع الله ، ليعيش الجميع في الوطن يشد بعضهم أزر بعض ، ويحافظون على وطنهم الذي أكرمهم واحترم حريات أبنائه وحق التعبير عن أحلامهم للمستقبل، وتنفيذاً لأمر الله سبحانه كما قال ” وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” آل عمران (١٠٤).