تشاد تنهي آخر مراحل المسار الانتقالي بتكريس حكم ديبي
الموريتاني : أجرت تشاد الأحد آخر انتخابات إفريقية في العام 2024، الذي كان عاما انتخابيا بامتياز في القارة، حيث نظمت خلاله 15 دولة إفريقية على الأقل انتخابات رئاسية أو تشريعية، ومثلت البلدان التي أجرت استحقاقات إفريقيا وعالميا نحو 40% من سكان العالم.
لكن خصوصية تشاد تكمن في أنها من الدول الإفريقية القليلة التي أجرت انتخابات رئاسية وتشريعية في نفس السنة، بل إنها أجرت بالتوازي مع انتخاباتها التشريعية اقتراعا إقليميا ومحليا، وهي المرة الأولى التي تنظم فيها البلاد استحقاقات ثلاثية.
كما أنها المرة الأولى أيضا التي تنظم فيها تشاد انتخابات تشريعية منذ أزيد من عقد، ما يجعل اقتراع الأحد استثنائيا بامتياز، رغم أن مقاطعة أحزاب المعارضة الفاعلة، تحد من أهميته على الصعيد الديمقراطي، حيث يظهر الحزب الحاكم كما لو أنه يسابق نفسه في استحقاقات انتظرها تشاديون طويلا، منذ عهد الرئيس الراحل إدريس ديبي إتنو.
إن انتخابات تشاد بما لها وما عليها، تؤسس لنهاية حقبة وبداية أخرى، فمن خلالها تستكمل الدولة النفطية الحبيسة آخر مراحل المسار الانتقالي الذي دخلته منذ اغتيال إدريس ديبي في 20 ابريل 2021، ليتولى نجله السلطة على رأس مجلس عسكري انتقالي.
وقد أمضى ديبي الإبن 3 سنوات كرئيس انتقالي، حيث مدد فترة رئاسته مرتين، قبل أن ينظم في 6 من مايو 2024 انتخابات رئاسية فاز في جولتها الأولى بنسبة 61%، وقالت المعارضة التي حل مرشحها الرئيسي سيكسي ماسرا ثانيا، إن الاقتراع كان على مقاسه.
وقبل ذلك وافقت نسبة 86% من الناخبين تشاديين على مشروع دستور جديد أواخر العام 2023، وكانت تلك أولى خطوات المجلس العسكري نحو العودة للمسار الدستوري.
وبهذه الخطوات المتتالية تكون تشاد قد أنهت مسارها الانتقالي، ودخلت مرحلة جديدة، خلف فيها المشيرَ الأب، المشيرُ الإبن، في انتظار معرفة ما إذا كانت الحقبة الجديدة ستكون مماثلة لما قبلها، فقد حكم إدريس ديبي تشاد على مدى 3 عقود بقبضة من حديد إلى أن اغتيل أياما قليلة بعد إعلان إعادة انتخابه لولاية سادسة.
لقد باتت تشاد أولى دول الساحل المحكومة من طرف أنظمة عسكرية، التي تنهي المسار الانتقالي وتعود للمسار الطبيعي وإن بطريقة أقرب إلى الالتفاف على السلطة، إذ بقي نفس الحاكم حاكما.
وبالمقابل مازالت دول أخرى بالمنطقة تماطل في إنهاء المسار الانتقالي ولو على الطريقة تشادية، ففي نفس الفترة التي تولى فيها إدريس ديبي السلطة، وبفارق أشهر قليلة أطاح الجنرال الغيني مامادي دومبويا بالرئيس المدني ألفا كوندي، وما يزال في السلطة، دون وضع دستور أو تحديد موعد لإجراء أي انتخابات رئاسية أو تشريعية أو بلدية.
وفي بوركينا فاسو يتولى النقيب إبراهيم تراوري السلطة منذ انقلابه على رفيقه العقيد بول هنري سانداوغو داميبا في 30 سبتمبر 2022، وتم تمديد حكمه لمدة 5 سنوات إضافية منذ أواخر مايو 2024.
ولم تضع بعد البلاد في عهد تراوري أي دستور جديد، كما لم تجر أي اقتراع، ولا يبدو أنها ستقوم بذلك في الأفق المتوسط والقريب، حيث يربط النقيب الرئيس إجراء الانتخابات باستتباب الأمن.
أما مالي التي يحكمها الجنرال عاصيمي غويتا منذ أدى اليمين رئيسا انتقاليا في يونيو 2021، فقد وضعت دستورا جديدا، لكنها أجلت الانتخابات الرئاسية عن موعدها الذي كان مقررا في فبراير 2024، دون تحديد موعد جديد لها.
وحدد عبد الرحمن تياني الجنرال الحاكم في النيجر منذ انقلاب أواخر يوليو 2023 على الرئيس محمد بازوم، 3 سنوات كفترة انتقالية، ولم يخط بعد خطوة باتجاه الانتهاء التدريجي من المسار الانتقالي.
وبهذا تكون تشاد قد اختلفت – على طريقتها – عن باقي بلدان المنطقة، التي تبدو آفاقها الانتقالية ضبابية، وقد يهدد طول أمدها بالعودة إلى المربع الأول.
محفوظ ولد السالك / صحفي متخصص في شؤون القارة الإفريقية