المستنقع الأخلاقي الآسن/ الولي سيدي هيبه

الموريتاني : يكاد الإجماع يكون مطلقًا على أن “المنكب المنكوب” قد أصبح منذ بضعة عقود مرتعًا للمنافقين ومسرحًا لحياكة الدسائس بأيادٍ جريئة على النهب والفساد والمعتقد والقيم. تتراكم مظاهر الخداع وتنموا على أطرافها بذور الانحلال الأخلاقي بشكل يصعب تجاهله، إذ تشير جميع الدلائل بوضوح إلى هذه الحقيقة المؤلمة التي تكشف زيف الشعارات البراقة لدى النخب المتلونة الخائرة وتفضح غنائياتها المنمقة التي تغطي على واقعً مريرً تطفوا طحالبه العفنة على السطح يومًا بعد يوم.
لقد تحولت المعاملات، التي يفترض أن تكون عنوانًا للأمانة والصدق، إلى ممارسات ملوثة بالكذب والغدر والتحايل. صار التلاعب بالحقيقة قاعدة غير مكتوبة، وأصبح الانتحال المكشوف سلوكًا شائعًا يمر دون مساءلة أو استحياء. في خضم هذا الواقع المشوه، تتلاشى القيم النبيلة، ويضيع الضمير وسط زحمة المصالح الشخصية والرغبة الجامحة في المكاسب الآنية.
لكن الأخطر من كل هذا، أن الانحدار الأخلاقي يُمارس بلا خجل، في غياب تام للإرشاد الديني الناصح والوعي المجتمعي القادر على كبح جماح هذا التدهور. وكأن الضمائر قد استسلمت تمامًا وتلاشت منها معايير التمييز بين الصواب والخطأ. لا مكان للشفافية في بيئة تخضع لهيمنة المصالح الضيقة، ولا مكان للنخوة في مجتمع تطغى عليه الأنانية والجشع المظلم.
إن هذا الوضع المأساوي يتطلب منا وقفة تأمل ومراجعة جادة، لإعادة بناء منظومة القيم التي تهدمت، ولإيقاظ الضمير الجمعي الذي بات في حالة غيبوبة سريرية. فمن دون ذلك، سيظل “المنكب المنكوب” شاهدًا على انحطاط الأخلاق وانهيار المبادئ، وستتسارع خطاه نحو مستقبل أكثر قتامة ما لم تُبذل جهود مخلصة وحقيقية لإنقاذه من هذا المستنقع الأخلاقي العميق.
فهل نستجيب لنداء الضمير قبل فوات الأوان؟

زر الذهاب إلى الأعلى