مهرجان ليالي المدح النبوي: احتفاءٌ روحي وشعري متجذّر في الثقافة الموريتانية .. تقرير الموريتاني

افتُتحت مساء أمس النسخة الثانية عشرة من مهرجان “ليالي المدح النبوي” في ملعب شيخا ولد بيديا بالعاصمة نواكشوط، في حفل بهيج حضرته شخصيات رسمية وجماهير غفيرة توافدت للاحتفاء بهذا الحدث السنوي الذي يُحيي التراث الروحي والمدحي العريق.
وقد أشرفت السيدة الأولى، مريم محمد فاضل الداه، على انطلاقة المهرجان الذي ينظمه مركز “ترانيم” للفنون الشعبية، واختير هذا العام ليحمل اسم الصحفي الراحل محمد فال ولد عمير، تكريمًا لإسهاماته الإعلامية والثقافية.
رسالة ثقافية ومكانة روحية
وفي كلمته خلال الافتتاح، أكّد وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الحسين ولد مدو، على البعد الروحي والتربوي للمديح النبوي في الثقافة الموريتانية، مشيرًا إلى أنه لم يكن مجرد فن شعري يُلقى للتسلية، بل كان مدرسة روحية تُهذّب النفوس وتُغذيها بحب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وترسّخ القيم النبوية من أخلاق كريمة وخصال حميدة.
وأضاف الوزير أن الذائقة الأدبية الموريتانية، التي تعلّقت بالشعر الحساني منذ قرون، وجدت في قوالب هذا الشعر وأوزانه العذبة مجالًا خصبًا للتعبير عن مشاعرها النبوية بصدق وأصالة.
فكانت القصائد الحسانية، بما تحمله من موسيقى شجية وألفاظ قريبة من القلب، أكثر تأثيرًا ووقعًا في النفوس، حتى امتزج فيها الفن بالعقيدة، والتاريخ بالوجدان، وصارت علامة فارقة في التراث الأدبي والفني للمنطقة.
مهرجان بحضور ونجاح مستمرين
وأشار الوزير إلى أن استمرار مهرجان ليالي المدح النبوي لأكثر من عقد من الزمن يعكس المكانة المميزة التي يحتلها المديح في المجتمع الموريتاني، ويُظهر نجاح المهرجان في تعزيز الارتباط بالتراث الثقافي والروحي.
كما أوضح أن هذا النجاح يعكس شوق الناس إلى أجواء المهرجان وما يقدمه من ليالٍ روحانية ملؤها الذكر والمديح، وهي سمات بارزة تعززت بشكل أكبر في نسخة هذا العام.
التزام بإحياء التراث وتثمين الثقافة
وفي ختام كلمته، جدّد وزير الثقافة التزام الوزارة بدعم جميع المبادرات التي تهدف إلى تثمين التراث الوطني وإحيائه، مشددًا على أهمية هذا الدور في تعزيز الهوية الثقافية وترسيخ الوعي التراثي لدى الأجيال الصاعدة.
تراث يثري الحاضر ويُلهِم المستقبل
ويُعد مهرجان “ليالي المدح النبوي” أحد أبرز الفعاليات الثقافية السنوية في موريتانيا، حيث يجمع بين البُعدين الفني والروحي في أجواء يصدح فيها الشعراء والمدّاحون بقصائدهم في مدح النبي الكريم.
ومع إحياء هذه التقاليد التراثية، يتجدّد الاهتمام بالمديح كفن راقٍ يحمل معاني المحبة والإيمان ويُثري الحاضر بقيم التسامح والإخاء.
النسخة الثانية عشرة من المهرجان حملت كذلك لمسة وفاء من خلال تخصيصها لتكريم الصحفي الراحل محمد فال ولد عمير، الذي ظل حاضرًا في وجدان الموريتانيين بما قدمه من إسهامات في المجال الإعلامي والثقافي.
بهذا الافتتاح البهيج، يكون مهرجان ليالي المدح قد خطّ فصلاً جديدًا في مسيرته، مستقطبًا القلوب التي تتوق إلى كلمات تفيض حبًا للنبي صلى الله عليه وسلم، وموثقًا حضور المديح كجسر متين يربط الماضي بالحاضر، ويُلهِم الأجيال المقبلة للاستمرار في الحفاظ على هذا التراث النفيس.
محمد / أعليوت