أطار: مدينة ينهشها الظلام وتُخدَرها الوعود .. تقرير الموريتاني

لا جديد يُذكر في مساءات مدينة أطار سوى الحزن، ذاك الزائر الثقيل الذي يتسلل مع العتمة إلى بيوت أرهقها الانتظار، حتى غدت وكأنها على موعد يومي مع الخذلان.
فالكهرباء لم تعد خدمة أساسية بل ضيفًا عابرًا، يغادر مع أولى خيوط الغروب، تاركًا خلفه ليلًا طويلًا يختنق فيه الأمل وتضيق فيه الأنفاس.
في المستشفيات والمنازل، تحدّق عيون المرضى وكبار السن في الفراغ، بينما تهمس ألسنة الأهالي بحسرة:
“أما آن لهذا الكرب أن ينجلي؟”، فيأتيهم الجواب صمتًا مظلمًا ولهيبًا حارقًا، فشهر يونيو في أطار ليس كغيره، إنه “شهر اطلوع الانجام” كما يسميه السكان، إذ يكشف كل شيء عن وجهه الحقيقي… حتى عجز الدولة.
ومع اتساع الأزمة، يعلن الجزارون توقفهم عن بيع اللحوم بسبب انقطاع الكهرباء، لتُضاف معاناة الغذاء إلى أزمة الإنارة، وكأنهم – عن قصد أو اضطرار – يشاركون شركة الكهرباء عبء حصارها اليومي على أرواح المواطنين.
أما السلطات، فلا تزال تلوذ بالصمت، متفرجةً على معاناة تتعمق بلا حلول.
في ظل هذه الفوضى، بات كل طرف يفرض قانونه الخاص، مستغلًا غياب الرقابة والردع، حتى بدا أن المدينة تُدار بمنطق الغلبة لا بمنظومة العدالة.
وسط هذا، تتساقط الوعود الحكومية كما تتساقط أوراق الخريف: وعدٌ بمولد كهربائي لم يأتِ، وآخر بإصلاح “قريب”، لم يرَ النور حتى اللحظة، فيما الزمن يمرّ والوجع يكبر.
هكذا تعيش أطار مدينة يخنقها الظلام، وتطفئها وعود كاذبة، وتشعلها معاناة لم تعد صامتة.
فهل من نور في نهاية هذا النفق الطويل؟ أم أن الليل قدرٌ كتب عليها وحدها؟