عندما يسير النظام في الاتجاه المعاكس

بقلم: محمد عبدالرحمن عبدالله
كاتب صحفي

في الدول التي تنهض، تسير القيادة في اتجاه تطلعات شعوبها:

نحو تحسين الخدمات،

تعزيز العدالة،

محاربة الفساد،

وبناء دولة المؤسسات.

أما في الدول التي تفشل في قراءة الواقع، فتمضي الأنظمة في الاتجاه المعاكس تمامًا، حيث تكون كل خطوة بمثابة التفاف على مطالب الناس، أو تجاهل لأصواتهم.

وموريتانيا اليوم، للأسف، مثال صارخ على هذا التناقض.

مشاكل واضحة… وردود عكسية

المواطن يصرخ من غلاء الأسعار، فيأتيه رفعٌ للدعم.

الشباب يطالب بالفرص، فتُعاد تعيينات الوجوه القديمة.

الشعب يريد محاربة الفساد، فتُمنح الثقة للمشبوهين.

الناس تحتاج خدمات، فيُهدر المال في شعارات.

هكذا، يسير النظام ضد التيار الوطني، وكأنه يعمل بمنطق: “عكس ما يحتاجه الناس بالضبط”.

هل هو جهل بالواقع… أم تجاهل متعمد؟

السؤال المطروح بإلحاح:
هل النظام لا يعلم حجم المعاناة؟
أم أنه يعلم جيدًا ويتعمد إدارة الظهر لها؟

في كلتا الحالتين، النتيجة واحدة:

أزمة ثقة،

فتور سياسي،

احتقان اجتماعي،

وهجرة صامتة للأمل.

الخطورة في الإصرار على المسار الخطأ

الأنظمة لا تسقط دائمًا بسبب الثورات، بل أحيانًا بسبب الإصرار على الخطأ رغم وضوح الطريق البديل.

حين يتجه الشعب يسارًا بحثًا عن الإنصاف، ويتجه النظام يمينًا نحو مصالح ضيقة، فلا مفر من التصادم.

وحين يشعر المواطن أن صوته لا يسمع، ومعاناته لا تُرى، فإنه لا يثور دائمًا، بل ينسحب بصمت… أو ينفجر بغضب.

النظام الذي يسير في الاتجاه المعاكس، لا يبتعد عن الشعب فقط… بل يقترب من الهاوية.
وليس أخطر على الأوطان من قيادة تصرّ على إنكار الألم، وتغضّ الطرف عن الواقع، وتمضي في طريق لا يوصل إلى أي مكان.

التصحيح يبدأ بالاعتراف… وبالاستماع قبل فوات الأوان.

زر الذهاب إلى الأعلى