دروس من الأدب القديم عن أزمة المناخ الحديثة…الخيال المناخي

الموريتاني : في الوقت الحالي يجري نشر العديد من الروايات الجديدة حول تغير المناخ، ضمن التصنيف الأدبي الذي بات يسمى “الخيال المناخي” -على غرار “الخيال العلمي”- ويتناول موضوعات التغير المناخي والاحتباس الحراري وآثارها على حياة البشر.

ويبدو ذلك متوقعا بالنظر لأن وظيفة الأدب تتضمن تخيل المستقبل الممكن، الجيد والسيء على حد سواء، ولكن مختصين يقولون إن الأدب القديم كذلك يقدم منظورا قيما للأزمة المناخية الحالية. 

تاريخ المناخ
وفي مقالهما المشترك بموقع كونفيرذيشن قال أستاذ الأدب الإنجليزي يجامعة ليدز ديفيد هيغنز، وزميلة الأكاديمية البريطانية في قسم اللغة الإنجليزية تيس سومرفيل، إن النصوص الأدبية التاريخية تعكس الظروف المناخية التي انتجتها. 

واستشهد الكاتبان بما كتبته الروائية السويسرية ماري شيللي عام 1816 ضمن روايتها الشهيرة “سنة دون صيف” وهي السنة التي شهدت تقلبات مناخية قاسية وانخفضت درجة الحرارة فيها بشكل ملحوظ، مما أدى لنقص المحاصيل في نصف الكرة الشمالي وسميت أيضا بسنة الفقر.

وحملت العديد من النصوص القديمة آثارا مباشرة لتغير المناخ، وفي ملحمة “الفردوس المفقود” يشكو الكاتب الإنجليزي جون ملتون من أن “المناخ البارد” يثبطه ويمنعه من إكمال ملحمته الفنية، ويعكس ذلك حقيقة أنه عاش خلال أبرد فترة مما سمي “العصر الجليدي الصغير” في القرن السابع عشر وهي الحقبة التي انخفضت فيها درجات الحرارة عالميا بشكل ملحوظ.

روايات عالمية ترسم سيناريوهات مختلفة لتداعيات الاحتباس الحراري  (الجزيرة)

وتكشف العديد من الأعمال الأدبية مثل قصيدة “الظلام” للشاعر الإنجليزي لورد بايرون عام 1816، وقصيدة الجبل الأسود للشاعر الإنجليزي بيرسي بيش شيلي الذي عاش في الحقبة نفسها، وكذلك رواية فرانكشتاين لزوجة بيرسي الأديبة ماري شيلي، عن قلق بالغ إزاء آثار التغير البيئي والمناخي على الإنسان، حتى مع الأخذ في الاعتبار قدرة البشر على تكييف البيئات المحيطة بهم. 

وتحتوي أقدم قصيدة ملحمية في الأدب، ملحمة جلجامش (حوالي 1800 قبل الميلاد)، على آثار لتغير المناخ، وتحكي عن فيضان ضخم يشبه قصة نوح في الكتب السماوية، وتعطي لمحة مقارنة لارتفاع مستوى سطح البحر بعد ذوبان الأنهار الجليدية في نهاية العصر الجليدي الأخير الذي حدث قبل أكثر من عشرة آلاف عام.

ولم تكن هذه التحولات المناخية القديمة من صنع الإنسان بالطبع، لكنها توفر فكرة مهمة وملهمة لعصرنا عما يمكن أن يحدث في المستقبل بسبب النشاط البشري الذي أصبح مؤثرا بشكل كبير على المناخ والبيئة. 

زر الذهاب إلى الأعلى