آدرار : حراك انتخابي يعيد تشكيل المشهد المدني في الولاية … الموريتاني

شهدت ولاية آدرار خلال الفترة الأخيرة موجة من الحراك الانتخابي شملت تجديد الروابط المهنية للواحات وانتخابات العصبة الجهوية لكرة القدم، ما عكس ديناميكية جديدة في بعض مكونات المجتمع المحلي.
غير أن الاهتمام بدأ يتجه مؤخراً إلى ملف أكثر تعقيداً وحساسية, المنتدى الجهوي لمنظمات المجتمع المدني، الذي ظل لسنوات ضحية التجاذبات والصراعات، حتى فقد دوره التنموي وتراجع تأثيره في الفضاء العمومي.
المنتدى الجهوي: مؤسسة مشلولة بفعل الصراعات
رغم أن المنتدى الجهوي لمنظمات المجتمع المدني أنشئ ليكون فضاءً للتنسيق والتكامل بين الجمعيات والمنظمات الفاعلة، فإن مسيرته خلال السنوات الماضية اتسمت بالارتباك والانقسامات.
فقد تحول إلى ساحة للصراع بين تيارات وشخصيات، تتنازع النفوذ تحت يافطة العمل المدني، في حين غاب المشروع التنموي الحقيقي، وتوارى صوت القواعد خلف صخب الولاءات والتكتلات الانتخابية.
العمل الجمعوي.. من مبادرة شعبية إلى أداة سياسية
تؤكد شهادات ميدانية أن العمل الجمعوي في آدرار عرف انحرافاً واضحاً عن أهدافه الأصلية، حيث أصبح في فترات معينة مجرد نشاط موسمي، يخضع أحياناً للإملاءات الرسمية، وأحياناً أخرى للحسابات السياسية الضيقة. وهو ما أفقد المجتمع المدني جوهره, التعبير عن هموم المواطن، وابتكار المبادرات المجتمعية، وتفعيل الشراكة بين الدولة والمجتمع.
أحد النشطاء المحليين صرح قائلاً:
“أصبحنا نشاهد جمعيات تظهر فقط قبيل الانتخابات، وتختفي بعد فرز النتائج, هذه الانتهازية أضرت بصورة المجتمع المدني، وعمّقت فجوة الثقة بينه وبين المواطن.”
إعادة الهيكلة: هل تلوح في الأفق؟
اليوم، ومع تجديد بعض الهيئات المرتبطة بالمجتمع المحلي، يُطرح سؤال مركزي:
هل يشهد المنتدى الجهوي لمنظمات المجتمع المدني في آدرار إعادة هيكلة فعلية، تُعيد إليه الروح، وتفتح الباب أمام جيل جديد من الفاعلين؟
المؤشرات الأولية توحي بأن هناك حراكاً باتجاه مراجعة السجل التنظيمي، وإحصاء الجمعيات الفاعلة على الأرض، بهدف فرز المشهد وتصفية الهيئات الوهمية التي لا تتجاوز نشاطاتها الورق.
لكن المسار لا يزال هشاً، ويخضع لموازين قوى غير مستقرة.
الفرصة المتاحة: مناخ جديد أم إعادة إنتاج للأزمة؟
يرى مراقبون أن الظرف الحالي قد يشكل فرصة تاريخية لإعادة الاعتبار للعمل المدني، إذا ما توافرت الإرادة السياسية، وخرج الفاعلون من عباءة الاستقطاب والتجاذب.
فآدرار تزخر بموارد بشرية شابة، وإمكانات ثقافية واقتصادية هائلة، يمكن أن تُوظف لخدمة التنمية المستدامة، إذا ما وُجدت الأطر المدنية الجادة، والمؤسسات ذات المصداقية.
ناشطة جمعوية شابة تقول:
“نحن نحتاج إلى فضاء يعبر عنا، يفتح لنا الباب للمبادرة، ويعترف بجهودنا, تعبنا من الأطر الشكلية التي لا تخدم إلا نفسها.”
المجتمع المدني.. رافعة ضرورية للتنمية
إن إعادة إحياء المنتدى الجهوي لمنظمات المجتمع المدني بآدرار ليست مسألة ترف أو ترفيع إداري، بل هي ركيزة أساسية لأي مشروع تنموي حقيقي في المنطقة.
فالمجتمع المدني، إذا تحرر من الحسابات الضيقة، يمكن أن يشكل رافعة قوية للرقابة والمساءلة، ولإشراك المواطنين في رسم السياسات المحلية.
والسؤال المطروح اليوم ليس فقط: هل يتم إصلاح المنتدى؟
بل: هل نملك الجرأة على تجديد أدواتنا، وتجاوز أخطاء الماضي، وإعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات؟
الجواب، كما يبدو، لن يطول انتظاره كثيراً، فالأيام القادمة كفيلة بكشف النوايا، وفضح المواقف، وتحديد اتجاه البوصلة.
محمد أعليوت … أطار \ ولاية آدرار