وتتوالى محطات الإصلاح
الولي سيدي هيبه
الموريتاني : لفت انتباهي على شاشة إحدى القنوات التلفزيونية العالمية “خبر ساخن” عن محاكمة بتهمة الفساد لأحد أشهر وزراء دولة ديمقراطية له مع ذلك على اقتصادها وديبلوماسيتها أياد بيضاء وقد حمل اسمه قوانين عديدة غيرت مسار البلد ورفعت من شأنه.
ولكن هذا الوجه الناصع بهذه الصفات الجميلة لم يشفع لهذا الوزير اللامع أو ينجيه من شباك العدل عندما ثبت تورطه في قضايا اختلاس من المال العام وضلوعه في صفقات مشبوهة على حساب المصلحة الوطنية العليا، بل رفعت حينها قضيته وبلا تأخير أو تعطيل أو تأجيل إلى نظر القانون وحكم القضاء ليتم على الفور استدعته لتقوم بمعالجة الاتهامات الموجهة إليه “محكمة عدل” خاصة بمحاكمة الوزراء المذنبين بارتكاب أعمال فساد أو سوء إدارة وتسيير أو اختلاس أموال عامة.
وبالطبع لم يذكر الخبر، الذي تفاعل معه وبارتياح كل الشعب تلك الدولة، أن هذا الوزير حظي بدعم مجموعة عشائرية أو من منظمات للدفاع عن الشخصيات المرموقة المتورطة بحجة أنها أسهمت في بناء بلدانها بجدارتها وعبقرتيها من غير المقابل في الرعاية والأمن.
لقد كان الوزير كغيره يمثل أمام القضاء كمن سبقوه، ومثلهم قبلهم من “الرؤساء” أمام محاكمهم الخاصة، واقفا ووحدهم معه محاموه، في حدود الحفاظ له على حقوقه، للدفاع عنه ورد التهم بالأدلة والبراهين التي وحدها ٍلا تقبل الطعن.
أفقت سريعا مع نهاية الخبر على حالة الافلات من العقاب المرضي عندنا على أسس تجافي القانون. فكم من الوزراء تورطوا خلال العشرية المنصرمة في حالات مدمرة من
– النهب الفاحش،
– والاختلاس الممنهج،
– وإبرام الصفقات المشبوهة حول التنقيب والبحث عن مكنونات البلد من المعادن النفيسة والغاز والبترول،
داخليا مع رجال “إهمال” لم يشفقوا على الوطن، ومع شركات عالمية “طامعة” في ثرواتنا الكثيرة والمتنوعة في البحر والبر وعلى ضفة النهر تعمل لحساب مجموعاتها ودولها فقط.
ولكنني استفقت من هول المفارقة الكبيرة على شعور غامر من الأمل أن ذاك عهد “الإفلات من العقاب L’impunité” موشك على الزوال وأن محاسبة الجناة على مقدرات وأموال البلد والشعب ستأخذ مجراها في استقلالية تامة للقضاء تضمنها برنامج “تعهداتي” لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني؛ أمل تؤيده إلى تحققه تباشير تتجسد يوما بعد يوم من خلال:
– قرارات حصيفة وصائبة فيها بعد نطر وتلامس متطلبات المرحلة ورغبات وتطلعات الشعب بكل مكوناته وشرائحه التي يحدوها هذا الأمل،
– وتعيينات تتوالى بوتيرة مدروسة وموفقة،
– وحراك برلماني عارم تعمل فيه كل القوى الوطنية من مختلف الاحزاب والتوجهات المتبصرة إلى وضع حد لـ”قوى” الفساد العاتية وأهله المتغولين، ومناقشة إمكانية إنشاء “المحاكم المتخصصة” بأسرع وقت لمحاسبة المفسدين والمختلسين وباعة مصالح البلد من مواقع المسؤولية الكبيرة التي تقلدوها والوظائف التسييرية المؤتمنة التي عينوا فيها، وحتى الطلاق البين من الاحتماء وراء القوالب الرجعية والتي ل تعد تنتمي لعهد الجهورية ودولة المواطنة.
ويعزز هذه الوضعية الجديدة والتوجه المتبع، إلى إعطاء القانون مكانته الفوقية في استقلالية مطلقة، عديد المواقف القوية والقرارات المتأنية الأخرى التي اتسمت بالحكمة والحصافة والمرونة الحازمة كـ:
– التجاوز بصرامة، وعلى خلفية ضبط النفس والحفاظ على الأمن بإحكام ولحمة شعب ووحدته الوطنية، لمواجة خطاب الكراهية التي اجتاحت وسائل بعض الاعلام المبتذل وجزء مغرضا من وسائط التواصل الاجتماعي،
– والسماح لرجل الأعمال محمد ولد بوعماتو بالعودة إلى وطنه لمباشرة أعماله والاضطلاع بدوره في الاستثمار والمشاركة في عملية بناء البلد وخدمة المواطنين من خلال التشغيل والأعمال الخيرية،