رمضان في زمن الوباء فريد من نوعه

الموريتاني : من فضل الله عز وجل علينا كأمة إسلامية أن أكرمنا بشهرٍ مخصوص تتجلى فيه الرحمات وتتنزل فيه البركات أكثر من غيره، فهو محطة إيمانية تأتي في العام مرةً واحدة، لابد للعاقل من اغتنامها قبل أن تذهب منه وهي وصية الحبيب صلى الله عليه وسلم حيث قال في الصحيح: “رغم أنف من بلغ رمضان ولم يغفر له”. 

وقد أعان الله عباده في هذا الشهر بسبلٍ شتى، تعينهم على القيام بهذه العبادة عبادة الصوم على أفضل وجه، وما علينا إلا الأخذ بهذه السبل والتقوي بها، ومن أهمها أن الله يصفد الشياطين بالسلاسل في هذا الشهر كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: “إذا جاء رمضان صفدت الشياطين”،

فهذه أكبر عقبةٍ قد زيحت عن الطريق ، لذلك كان واجباً على المؤمنين أن يتسابقوا ويسارعوا في هذا الشهر خاصةً عن غيره في اغتنام القدر الأكبر من الحسنات والفوز بها إن شاء الله
ولذلك بشر النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح فقال: “من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر ما تقدم من ذنبه”. 

فها هو شهر رمضان الفضيل يدخل الأبواب، لكنه رمضان من نوع آخر ، فلا أسواق مزدحمة، ولا معالم للبهجة، ولا مساجد تكتظ بالمصلين ، ولا موائد للرحمن تعكس ملمحا للود والتكافل الإنساني، لقد غير كورونا كل شيء، وجاء ليلقي بظلال كئيبة، على شهر كان يعمر في العادة بالبهجة والتعبد واللحمة الاجتماعية والإنسانية.

فهذه المرّة الأولى في التاريخ الحديث، التي تخلو فيها ساحة الحرم المكّي بالكامل من المصلّين بما في ذلك  تعلّق العمرة إلى أجل غير مسمّى ………

كما توقّفت الزيارات إلى العتبات المقدسة في العراق وإيران، ولم يبدأ الخبراء بعد بإحصاء الخسائر التي مني بها قطاع السياحة الدينية.

وبعدما انعكست إجراءات العزل بشكل ملحوظ على فترة الصوم الكبير وعيد الفصح لدى المسيحيين، تزداد الخشية من أن تلقى شعائر رمضان المصير نفسه

فقبل شهور فقط من الآن لم يكن أحد ليتصور أن شهر الصيام لهذا العام سيكون خاليا من أهم مميزاته وخصوصياته : العزائم والولائم العائلية لوجبة الإفطار وصلوات التراويح وموائد الرحمن وربما فريضة الحج كذلك…

لذلك وجب علينا ونحن نستقبل رمضان أن نستعد أيضاً ونجهز النفوس والأهل والبيوت كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فكيف نستعد لشهر رمضان شهر الرحمن شهر القرآن ؟

إليكم بعض الخطوات المهمة والوصايا القيمة لذلك ارجوا أن تعملوا بها وتنتفعوا منها:

– النية: لا تبدأ أي عمل إلا وقد أصلحت نيتك، فلن يُقبل عملك إلا إن كان خالصا صوابًا موافقًا للشرع، فانوي الاستعداد كي يكون عملك مقبولاً، ثم تعلم أحكام الصيام وعلمها أهل بيتك ومعارفك من الآن وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “إنما الأعمال بالنيات” واعقد العزم على صوم الشهر كاملاً متوكلاً على الله عزوجل ومستعيناً به ولا تلتفت إلى الشائعات التي يطلقها قومٌ مهابيل عن إفطار شهر رمضان بحججٍ واهية كاذبة ، كذبها أهل الإختصاص من الأطباء.

– تهذيب النفس : هذّب نفسك وألزمها التقوى منذ الآن، فرمضان مدرسة للمتقين. قال الله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (سورة البقرة: 183) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْجَهْلَ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ)) (رواه البخاري 1903).

– صلة الأرحام : بادر بصلة رحمك، واحذر أشد الحذر من قطعها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إِنَّ اللَّه تَعَالى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قال: فذَلِكَ لَكِ ) ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ: [ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ  ] ) متفق عليه .

– سلامة اللسان: نبتعد عن كل غيبة وعن كل نميمة، قيل للشافعي فلان يذكرك بسوء فقال له : ان صدقت فأنت نمام وإن كذبت فأنت فاسق..

 – القرآن : في رمضان يقبل الناس على تلاوة القرآن وختمه ولكن لتكن تلاوته سلسة وختمته عليك يسيرة فابدأ في وضع برنامج لذلك وقسم الختمة على أوقاتك، وإن كانت عادتك أن تتلو جزءا يوميا فلتجعلها جزئين أو ثلاثا بل حاول أن تجعل لك في كل عشرة أيام منه ختمة والفطن من خصص له وقتاً لا يتركه ابدا، لا أن تجعل القرآن لوقت فراغك فقط وتقدم عليه المسلسلات وغيرها والإنترنت

– الأذكار : من الآن عود لسانك أن يكون رطبا بذكر الله فلا تفتر عن الذكر والاستغفار والتسبيح والتهليل فما أيسرها من عبادة وما أكبر أجرها عند الله.

– الدعاء : أكثر لنفسك ولأهلك وأولادك من الدعاء قبل وبعد كل صلاة ولا تنسى اهلك من النصيحة ورفع همتهم وتنبيههم أيضاً بالاستعداد، “فخيركم خيركم لأهله”.

– المسامحة : أخيراً والأهم العفو عن كل الناس وخصوصاً من ظلمك، أو جار عليك فالعفو من شيم الكرام، فلا تدخل رمضان وقلبك فيه مثقال ذرة من بغض أو حقد على إنسان وسامح لوجه الله..

– للمدخنين : أخي وأختي، رمضان فرصة عظيمة لترك هذه الآفة اللعينة المحرمة، فاعتد من الآن على نبذها وتركها وضع النية الصالحة أنك تتركها لله ثم لتحافظ على صحتك واسأل الله أن يعينك على ذلك فابدأ من الآن بالتخفيف منها وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم (( من ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه)).

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال والطاعات و أسأل الله أن يجعلنا من عتقاه والفائزين بشهر رمضان بأعلى الدرجات وأن يجعلنا ممن يحظون بوافر الحظ والنصيب من الاجر يوم القيامة وكل عام وأنتم بخير وصحة وعافيه أسأل الله أن يوفقنا لما فيه خير لنا في ديننا ودنيانا إنه ولي ذلك والقادر عليـه.

المصدر : الموريتاني

زر الذهاب إلى الأعلى