تأملات في كتاب ” اسرار الصيام فالقرآن “
الموريتاني : الصوم عبادة قديمة عرفته كل الأمم السابقة تهذيبًا وسموًا للروح يقول تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» (البقرة: 183).
في كتاب «أسرار الصيام في القرآن الكريم» يبين مؤلفه عبد المعز خطاب، أنه كان من صور الصيام عند الأمم السابقة الصوم عن الكلام، كما قال تعالى لمريم: «.. فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا» (مريم: 26).
كما أكدت آيات الذكر الحكيم على أن الصوم هدفه بلوغ التقوى «.. لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» (البقرة : 183).
يقول المؤلف: التقوى جماع الخير كله ودخلت في كل العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق.
من أسرار الصيام ارتباطه بالزمن
ويشير «خطاب» إلى أن الصوم عندما ذُكر في القرآن كان له علاقة مباشرة مع الزمن قال تعالى: «أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ…» (البقرة: 184)
وقال سبحانه: «..فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ..» (البقرة: 184).
وقال عز وجل: «…وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ ..» (البقرة: 187).
وفي هذا الارتباط دعوة لاغتنام الأوقات وعدم تضييعها، فالإنسان أنفاس معدودة وأعمار محدودة، وكل يوم يمر يقتطع من عمره ولعل هذا ما جعل الله رحمةً بنا أن يسوق لنا مواسم الخير.
ومما جاء في القرآن عن التخفيف والتيسير الخاص بعبادة الصيام وتطبيقًا للقاعدة الإسلامية الأساسية بقوله تعالى: «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ..» (البقرة: 286).
وقوله تعالى: «.. يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ..» (البقرة: 185)
وقال سبحانه: «فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ ..» (البقرة: 184).
لا يريد الله أن يشق على عباده بما لا يطيقونه
وذكر المؤلف أن من أسباب التيسير التي وردت في القرآن، عدم اشتراط صوم المسلمين جميعًا في وقت واحد، فإن المشارق والمغارب تختلف يقول تعالى: «.. فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ ..» (البقرة: 184).
وقد جاء القرآن باقتران الذكر والشكر لله بالعبادات فهو اعتراف بالجميل لصاحبه الذي يوفق خلقه لإتمام العبادة وتيسيرها.
ومن الذكر التكبير في قوله تعالى: «.. وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (البقرة: 185).
والصيام كما جاء في كتاب الله الحكيم، هو العبادة الوحيدة التي تدخل في الكفارات، وقد ورد ذلك في عدة أمور تارة يبدأ الله بالصوم وتارة يؤخره.
قال تعالى: «.. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ.. » (المائدة : 89)
وقال سبحانه: «.. أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ..» (المائدة : 95)