التيه.. بين النص الإعلامي والنص الأدبي

شكلت اللغة الإعلامية جسرا اجتماعيا لربط وتنوير المجتمعات على مر العصور ، لا تعتمد بالضرورة في خبرها على قواعدة لغوية معينة ، وتكتسي الوسائل الإعلامية أهمية في الوطن العربي رغم ميولها المتسارع إلى طابع اللهجات الشعبية ، كما هو الحال في الشقيقة مصر ، ما يقطع عناء التفكير عن خبراء اللغة حول تأطير المادة الإعلامية .
وتعتمد وسائل الاعلام الموريتانية ، أو في أغلبها على الاتصال عن طريق اللغة العربية وخاصة الفصحى لتبدو القصة الخبرية ، أو الإعلامية لدى البسطاء ، وكأنها تستند إلى قواعد لغوية على غرار القصص الأدبية ، رغم اختلافهن.
وتُعد اللغة عند أرسطو نظام لفظي محدد نشأ نتيجة اتفاق بين أفراد المجموعة البشرية في مكان ما وهي رمز للفكر وغاية اللغة عند أرسطو هي تحقيق الصلات بين الإنسان والإنسان أو معرفة الإنسان للأشياء وقد تستخدم كذلك للترفه والمتعة في ناحية خاصة من نواحي النشاط الإنساني أو أنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم.
في حين يرى “فندريز” أن اللغة فعل اجتماعي من حيث أنها استجابة لحاجة الاتصال بين بني الإنسان لا فرق أن تكون الحاجة عامة لتمشية أمور الناس في حياتهم المختلفة أو خاصة للتعبير عن الأفكار التي تجول في ذهن الفرد.
ويقول محمد عبد المطلب (لغة الإعلام بين الفصحى).
“ما دام لم يحسم اللغويون في التحديد الدقيق لمفهوم اللغة، وكذلك تحديد مفهوم واحد للإعلام، فإنه من الصعب الاتفاق على تعريف شامل لمصطلح “اللغة الصحفية” وهناك من يدعو إلى تسمية هذه اللغة الخاصة الإعلامية بالإنشاء الإعلامي أو الكتابة الإعلامية فقط ويحبذ عدم الأخذ بكلمة “التحرير” في التعبير عن الكتابة الإعلامية، لأن المعنى المعجمي لكلمة “حرر” هو حسن وأصلح”.
إن معظم من حاولوا المقارنة بين القصة الأدبية والقصة الخبرية لجأوا إلى “التنظير” أكثر مما استندوا إلى الحقائق الأدبية والصحفية، فعلى مستوى اللغة تختلف لغة الأديب عن لغة الصحفي، وعلى مستوى الكتابة، ينطلق الأديب من ذاته بينما ينطلق الصحفي من الواقع الاجتماعي.
وعلى مستوى البناء فإنهما يختلفان، فالقصة الأدبية تختلف من أديب لآخر، وتخضع لثقافة القاص، أما القصة الخبرية، فهي تخضع لشروط محددة مسبقا وهي:
أولا: توفر خبر يحمل عناصر القص بمعنى وجود حدث أو واقعة ليس من صنع الخيال كما هو الحال بالنسبة للأديب.
ثانيا: أن القالب الفني لكتاب القصة الخبرية هو الهرم المعتدل.
وهذا التقصي يكون على مستوى سياسة الوسيلة الاعلامية هي التي تحدد زاوية المعالجة إلى جانب القراء الموجهة لهم.
مولاي الحسن.. لموقع الموريتاني