” الجماعة ” في الوزارة : قصة البيان والندوة

الغوغاء في اللغة، صغار الجراد.

والجراد من خلق الله المتماثل الغايات، فهو يتعاون لغاية واحدة وهي إفساد ما كان قائما ولا يراعي في وجهته إلا ولا ذمة ولا يميز بين أخضر ولا يابس .

قبل أيام كنت ضيفا على ندوة رفقة شباب من خيرة من أعرفهم علما ودينا وأخلاقا، تمت دعوتنا للمشاركة كل بموضوع يخصه تحت يافطة جامعة وهي عظمة القرآن الكريم.

تحدث كل محاضر عن موضوعه وكانت جل المواضيع أقرب ماتكون للتذكير أو التذكرة ولم يطرق بها جديد ولاغريب ولا منكر.

ولن أغوص في تفاصيل المداخلات نظرا لعلاقتها الهامشية بالموضوع.

في اليوم التالي فوجئت كغيري ببيان من وزارة الشؤون الإسلامية تستنكر فيه ” ما حدث في الندوة من تطاول على السنة المطهرة” وبعدها بساعات طار إلى الرأي العام بيان من رابطة العلماء.

فاتصلت فورا بالمستشار المكلف بالاتصال بالوزارة وهو صديق لي.

فرد علي بأن الوزارة أوفدت من تثق به وأنه كان شاهدا على ماحدث وهو موثوق عندها ( أي الوزارة) وهي غير معنية ولا بحاجة لسماع شهادات غيره وأن على من شهد أو شاهد غير ذلك أن يأخذ كامل حقه في التعبير عن وجهة نظره على صفحته الشخصية، وأغلق الخط في وجهي مباشرة.

ختم معالي الوزير ( كاشيه)

وشهادة السيد مدير التوجيه الإسلامي ( مصدر المعلومات المنقولة عن الندوة)

وأخيرا رد المستشار المكلف بالاتصال.

كلها افعال ورطت الدولة في مآزق عدة.

أولها توريط الدولة في الكذب

وثانيها توريط الدولة في الإساءة للأفراد وظلمهم بالزور والبهتان.

وثالثها إلحاق الضرر من خلال تأليب الرأي العام والغوغاء ضد مواطنين دون التحقق والتبين من صحة مانقل من الأخبار.

” مهونها وغلبتكم”

كان متاحا للوزارة أن تتريث وتتبين من خلال المادة المصورة للندوة، ومن خلال المشاركين الذين يعرف  المستشار الاعلامي ومدير الاتصال والنشر بالوزارة اغلبهم وتربطهم بهم صداقات شخصية وأنا أولهم.

لم تتبين الوزارة قبل أن تورط الدولة الموريتانية في الإساءة لعرض وشرف مواطنين،بالرغم من سهولة ذلك وتيسره.

بدأت الشرارة وبدأ الزحف نحو اهداف الغوغاء.

حرصت ” الجماعة” على توريط الوزير  أولا ونجحت في ذلك من خلال استهلال كاذب نقله مدير التوجيه الاسلامي للوزارة وصدقته لأنه ثقة بالنسبة لها ( على حد تعبير المستشار الاعلامي للوزير) .

ثم بدأت الجماعة في تنفيذ باقي المهمة فنقلت ” وكالة الأخبار” ثلاثة أنباء عن الموضوع ومهرت أحدها بصورة من المنصة ظهرتُ بها رفقة مدير التوجيه الاسلامي ومدير الاتصال والنشر ورابعنا أحد مثقفي جيش الاحتياط.

كانت الاضاءة بارزة على وجه أحد الحضور وفق لغة الصورة.

لكن الغوغاء تحتاج لما هو أكثر وضوحا، فبدأ صحفي في قناة المرابطون بشرح أبعاد الصورة من خلال نشرها على صفحته معلقا بعبارة ” ندوات مشبوهة ونخب ساقطة”

ثم لم يكف ذلك فتكرم الاستاذ الهيبة الشيخ سيداتي بنشر خبر زائف من موقع آخر وعلق عليه متسائلا ما إذا كان الوارد في الخبر هو ما يدعو إليه ” المشروع الوطني “؟ .

ألهذا الحد صعبت عليكم كتابة إسمي؟

عقد للمهمة لواء آخر وهو أحد مناضلي اتحاد طلاب” الجماعة ” فنثر على صفحته مابقي من كنانة الزيف “

حتى ظننت أنه سيوردني جهنم قبل يوم الحساب.

تحدثت لأغلب من أطلوا برؤوسهم في هذا الموضوع مبديا اندهاشي ومبينا زيف ما ذهبوا إليه ولم أحظ ببادرة اعتذار إلا من طيب الذكر ( اكس ولد اكس اكرك).

كان بالامكان أن يُستغل المتاح من الوسائل لردع الزيف وإيقاف أي صائل على رؤوس أصابعه حتى تزول الشمس عن كبد السماء.

لكنني أيقنت بأن لا أحد من الاتباع يستحق ذلك، فالتاريخ لم يشهد محاكمة كلب صيد مطلقا.

ما يهمني في هذا الموضوع هو جانبه الوطني.

فخرق مظلة الدولة هو اعتداء سافر على أمن وسكينة الناس.

وتذييل كذبة أَو تحريض أو إساءة لمواطن أو نيل من شرفه أو عرضه، بختم وزير كامل الصلاحية ، هو عمل سياسي بامتياز يهدف لتصفية الوزير نفسه وتوريطه في لعبة الحسابات الايديولوجية ورهن وخطف للوزرة التي بين يديه لصالح جماعات أهلكتها فسادا خلال عقود متتالية.

إذا كانت الدولة مسؤولة ومكلفة بحماية اعراض الناس واقواتها فقد خرقت عقدها وزارة الشؤون الاسلامية بإطلاق عنان الشائعات المغرضة التي عرضت حياة الناس للخطر  ووضعت أعراضهم تحت أحذية الحسابات والخصومات الايديولوجية.

والاخطر من ذلك هو “دعشنة” السكون واستفزاز التطرف وتجييشه.

لكن دعونا نقول “جل من لا يخطئ” فلايزال هناك متسع لرد الاعتبار من خلال فتح تحقيق فيما حصل ومحاسبة من ورط الوزارة في الافتراء وإبعاد الدولة عن هيمنة الجماعات فلا أضر عليها من ضعفها أمام لوبيات السياسة والحسابات والمصالح وارتهانها لهم .

واخيرا تهذيب المعنيين من موظفيها وتوطئتهم لخدمة الناس بتواضع وكفاءة فالدولة لا تكذب ولا تظلم ولا تحرض و لا تطلق الغوغاء( ضغار الجراد) في أسراح الناس وأعراضهم

والأهم أنها لا تغلق الخط في وجه المتظلمين .

محمد افو

زر الذهاب إلى الأعلى