تأملات في كتاب ( السنة النبوية في الآيات القرآنية) المفكر العربي الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي
السنة النبوية في الآيات القرآنية كتاب لمؤلفه المفكر العربي الكبير الاستاذ على محمد الشرفاء الحمادي. وهو أحد الكتب الثمينة الزاخرة بما ينفع المسلمين لحقيقة دينهم، معرفة حقيقية، على غرار ما بينه الله في محكم كتابه الكريم، بعيدا عن الزيغ، والتضليل، والروايات المحرفة للدين، للتغطية على الشوائب، وقد بنى المؤلف حججه المحضة على نص قول الله في محكم كتابه..”(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ٣٣ فصلت.
وبدأ المفكر مقدمة كتابه بشرح مفصل يكشف فيه غوامض سر اختيار الله تبارك وتعالى لبشر من خلقه خصه بتبليغ الرسالة، يسري عليه القانون الإلهي، مثله مثل جميع البشر، يموت،ويحي، ويبعث يوم والنشور.
والفائدة من ذلك حتى لا يتخذه الناس إلها يعبدونه..ميزته غيره أنه مكلف بتبليغ الناس كتاب الله وشرح مقاصد آياته، بما يحقق صلاحهم، والنفع لهم، والمحافظة على حياة كريمة يسودها الأمن والاستقرار، والسلام.إذا اتبع الناس ما في الآيات القرآنية من أوامر، ونواهي،وما فيها من تشريعات ومناهج تقود إلى السبيل القويم،والحق والنور.
فكل الآيات تؤكد أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بشر خصه الله بتبليغ الرسالة، وتبشير المؤمنين بما وعدهم الله به من جنات، ونعيم ..إذا حافظوا على هدي القرآن.. وما ينذر به الله الذين تكبروا عليه، وأعرضوا عن آيات كتابه، وتعليماته، وعن سبيل الحق ، ويعدهم به من العقاب يوم الحساب.
ويبرز المفكر في تناوله للموضع أهمية الحكمة في ذلك، حتى لا يستغل أصحاب الروايات، وشيوخ الدين،المبالغة في صفات الرسول ، ومخادعة الناس بعلم الغيب.مبرزا كذب ما كان قد روي عن تبشير عشرة بالجنة بناء على قول الله تعالى:”.. وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( الأعراف188)
كما يبين الكاتب أن الغرض من الإسلام ليس الصلاة وتأدية شعائر العبادات فقط.. وإنما الإسلام مبني على شريعة ومنهاجا ينظم للإنسان حياته في الدنيا حتى لا يسلك طريق الضلال والشقاء،ويجنبه عذاب يوم الحساب.ويسوق على ذلك الكثير من الأدلة المستنبطة من القرآن مثل قول الله تعالى” لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ( البقرة177)
وقوله..” وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ( القصص77)
كما يسرد الكاتب الكثير من الآيات في ذات السياق تحدد بعض شروط المؤمنين وصفات سلوكهم في رسالة الإسلام، إضافة إلى الأخلاق التي خص الله بها الرسول في تعامله مع الناس، وسننه الحقيقية لصياغة شخص المسلم وسلوكه، والتي يترجمها الرسول على أرض الواقع في تعامله مع كل الناس.وتجسد سيرته الشريفة في الحياة الدنيا، والتي تترجم معنى الآيات الكريمة”.. قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ..(آل عمران 31)
فالمسلم الحقيقي من يتبع الرسول في صفاته وأفعاله، ويعض بالنواجذ على سنته بناء على قوله تعالى” هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ..(الجمعة2) .
ويصل الكاتب إلى أن التمسك بالقرآن والالتزام بما ورد فيه من اختيار الإسلام دينا والرضا بشروطه من شهادة أن لا إله غير الله ربا، وأن محمد رسولا. وتطبيق مناهج الله وتشريعاته التي جاء ت في القرآن الكريم في الحياة الدنيا، هي التي تحقق للمسلم النجاة من العقاب يوم الحساب.
وأن السنة النبوية ليست أقوالا استحدثها المفترون على الرسول، من روايات، وعادات، وإشاعات،وإسرائيليات،الفتها أفكار بشرية، لا تستند على مسوغ ولا دليلا .. الهدف منها النيل من رسالة الإسلام ،ومن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، وصرف المسلمين عن التمسك بكتاب الله.
الاستاذ حي حسن