الفرق بين النخبة السياسية وباقي النخب … خاص
الموريتاني: يؤكد المهتمين بعلوم السياسة على أن وظيفة النخبة في أي بلد لا تتعلق بالمعارضة وحدها أو بالموالاة فقط فالأمر لا يتعلق بالأبيض أو الاسود ولكن المشكل يرتبط بمدى قدرة النخبة بحسبها فئة مميزة بما لها من وجاهة مادية ورمزية على ممارسة حد أدنى من الاستقلالية في التأثير في المجتمع المنتمية إليه من دون أن تفقد كنه وجودها أو تتحول إلى دمية أو إمعة لا حول لها ولا قوة .
في حين يرى أخرون أن النخبة السياسية هي “نخبة النخب” بمعنى تكويني لا بمعنى معياري النخبة السياسية هي العصارة أو الخلاصة النهائية لتفاعل النخب بمعنى أن كل النخب تصب في النهاية في النخبة السياسية وتتجه بشرائحها العليا إلى الانخراط فيها وهو ما يفسر عدم تجانس النخبة السياسية لأن أصولها وتدرجاتها تعود إلى كافة القطاعات الاجتماعية حتى وإن بدا أن هناك نخباً ذات تواتر أكبر في دائرة النخبة السياسية كأصحاب المهن الحرة (كالمحامين ـ والأطباء ـ والفنيين … ).
واستنتاجا مما سبق تكون النخبة السياسية قطاعاً واسعاً باتساع مفهوم السياسة ولا يقتصر فقط على بيروقراطية الدولة ورجال السلطة في المركز و المدن خاصة مع تطبيق الديمقراطية في مجالس بلدية ومجالس النواب والمستشارين وكذا البيروقراطيات الحزبية وأفراد المجتمع المدني الفاعل والمنشغل بقضايا الشأن العام .
وهذه النخبة هي بدورها متراتبة ومتدرجة وهرمية فهي تعكس إلى حد كبير هرمية جهاز الدولة كما تخضع بدورها لقانون المنافسة الشرسة والناعمة التي تحكم الحقل السياسي عامة والفضاء الاجتماعي برمته وبالتالي فهي ليست متجانسة في مشاربها السياسية ولا في موقعها الاجتماعي .
لكن للنخبة السياسية ميلاً عضوياً قوياً إلى أن تصبح هي “نخبة النخب” بالمعنى المعياري أي سيدة النخب” فهي النخبة التي تهفو إليها كل النخب الفرعية النخبة التي تعتبر نفسها قوى كل النخب وربما فائدة المجتمع ورائدة النخب .
ولعل هذه المكانة المتميزة التي تحتلها السياسة تعود إلى أن مسار السياسة هو السلطة وأن تمحور الصراع حول حيازة السلطة يؤشر إلى درجة سلطوية المجتمع إي إلى ضخامة كمية السلطة المتوزعة في ثنايا الجسم الاجتماعي وإلى كون السلطة تقليديا في المجتمع هي البوابة الكبرى إلى الوجاهة الاجتماعية والتميز والأمن والثروة والنفوذ .
ولعل جاذبية التميز والريادة التي تتحكم موضوعياً في دينامية النخبة السياسية تعود من جهة إلى قوة السلطة وتميزها في اتخاذ القرارات مما يدفعها إلى الاستعلاء عن النخب الأخرى عن طريق امتصاص رحيقها عبر استدماج فئاتها أو نخبها العليا واستعمال خبرتها وفكرها واستخدامه وكأنه متولد عن النخبة السياسية ذاتها بعد صهره وتكييفه …
وهناك من يري أن النخبة السياسية تحديداً تتشكل من تركيبة متجددة تتبادل تمثيل المجتمع والدفاع عن المصالح الخاصة والعامة داخله وهي محلية النفوذ وليست بدائمة …
كما أن هناك فرق اساسي بين النخبة السياسية وباقي النخب حيث تتمتع هذه النخبة بصلاحيات تمكنها من اختيار السياسة التي تحقق طموحاتها واهدافها مما يوسع من سلطاتها ويمنحها تأثيرات غير محدده عكس النخب الاخري التي تمارس نفوذها وسلطتها داخل مجالاتها الخاصة دون أن تستطيع التأثير علي التوجهات السياسية بشكل قوي وفعال .