هيئة الدفاع عن الدولة الموريتانية .. ترد على محامية عزيز
بسم الله الرحمن الرحيم
رد هيئة الدفاع عن الدولة الموريتانية، الطرف المدني في ملف الفساد
على بيان سندريلا مرهج.
ردا على بيان، لا يحمل تاريخا، منشور من طرف الأستاذة ساندريلا مرهج، التي وصفت بانها عضو جديد في فريق الدفاع عن السيد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، ترى هيئة الدفاع عن الدولة الموريتانية، لزاما عليها أن تتقدم بالملاحظات والتصويبات التالية:
1- حول شكل البيان ونبرته:
• تسدي الأستاذة ساندريلا مرهج، عن بعد، وهي في بيروت، توبيخها للقضاء الموريتاني دون أن تكلف نفسها – في الظاهر من الحال – عناء الاطلاع على الملف ودون أن تقوم بإجراء ولو واحد في المسطرة حتى أنها ظلت خارج موريتانيا ولم تشعر لا وكيل الجمهورية ولا نقيب الهيأة الوطنية للمحامين بأنها تعهدت في هذه القضية خروجا على قواعد المهنة وآدابها.
• تصدر الزميلة الكريمة أحكاما قاطعة على سير المرفق القضائي في بلادنا بينما الملف
موضع مداخلاتها، مازال في عهدة قاضي التحقيق الذي لم يصدر إلى حد اليوم أمره بختم التحقيق فيه.
• تمضي الأستاذة، دون حرج، في تحليل نصوص القانون الموريتاني الذي يظهر أنها لما تأخذ بناصيته معرضة نفسها إلى شيء من التضارب فيما تبنته من مواقف، وتبسيط مخل لما عبرت عنه من راي .
• لا يخلو خط الدفاع الذي تبنته زميلتنا من شيء من الغموض حتى لا نصفه بعدم الانسجام بعضه مع البعض فبعد أن غردت، تقول أن الرئيس السابق لا ينوي اتخاذ الحصانة درعا واقيا أمام المسائلة علنا وطالبت له بمحاكمة علنية وشفافة ووعدت بان موكلها سيكشف حينها أمام العالم المصادر المشروعة لثروته، إذا بها تثير اليوم في بيانها “الحصانة الدستورية” التي تحمي، حسب زعمها موكلها من المسائلة أمام المحاكم.
• وفي النهاية تطلب زميلتنا من المجلس الأعلى للقضاء أن ينتصب محكمة أعلى تطل على درجات التقاضي وتلغي كافة الإجراءات المتخذة ضد موكلها فاين هذا المطلب الغريب من احترام للدستور ومن تشبث بدولة القانون؟
2-حول الأصل:
تثير الأستاذة العزيزة ساندريلا مرهج مقتضيات المادة 93 من الدستور وتذهب إلى القول بأن رئيس الدولة يستفيد من الحصانة حتى بعد انتهاء توليه لوظائفه، لكنها نسيت أو تناست أن تضيف أن هذه الحصانة ليست حصانة شخصية ذلك أن رئيس الدولة عند انتهاء مأموريته يعود إلى وضعه السابق كمواطن مثله كمثل باقي المواطنين وليس له أن يحتج بالحصانة إلا في ما يخص الأفعال المرتبطة بممارسته المباشرة لوظيفته أو الأفعال التي يقوم بها في إطار مهامه الدستورية دون غير ذلك من التصرفات والافعال.
• ولا شك ان العلة من الحصانة الواردة في المادة 93 تكمن في حماية الوظيفة الرئاسية فتجعل من يتولاها في مأمن من المسائلة عن الأفعال التي قام بها بوصفه رئيسا، ما دام تصرفه في إطار صلاحياته الدستورية.
• لكنه إذا ما تجاوز صلاحياته أو قام مباشرة أو عن طريق وكلاء بأعمال تجارية موازية لوظيفته أو ارتكب في هذا الإطار مخالفة للقانون أو فتح حسابات مصرفية في الخارج أو تاجر بالعملات خرقا لقانون الصرف أو استخدم هيأة خيرية خصوصية كواجهة للتغطية على غسيل الأموال أو هو – حتى نكتفي بأمثلة فقط – رفض إعطاء مبررات لمصدر الثروة الفاحشة التي لم يستحي علنا من الإقرار أنها بحوزته – بينما القانون يلزمه بان يحدد مصدر أمواله- ففي هذه الحالة تزول الحصانة إذ ليس من الممكن اعتبار هذه الجرائم أعمالا لها ارتباط بتسيير الشأن العام.
• ولما طالبت الأستاذة ساندريلا مرهج التقيد في هذا المقام بالفقه القانوني والاجتهاد القضائي فإننا ندعوها إلى اطلاع أكثر بالفقه القانوني الثري فيهذه المادة والذي يميز تمييزا واضحا بين الأعمال التي يقوم بها الرئيس في إطار وظيفته وتلك التي يقوم بها أثناء وظيفته التي لا تشملها الحصانة الدستورية وشتان ما بين هذه وتلك!
• إننا ندعو كذلك إلى مطالعة أكثر للممارسة المقام بها في الكثير من الدول التي تعتبر أن الحصانة لا محل لها في حالة الاتهام بالرشوة أو الإثراء بما هو محرم.
في بيانها تجزم الأستاذة ساندريلا مرهج كذلك في اختصار مثير بأن القانون 2016/ 0014 المتعلق بمكافحة الفساد لا ينطبق على رئيس الدولة السابق لأنه ليس موظفا!
لكن القانون المذكور لا يخص الموظفين وحدهم بل جاءنقلا لمقتضيات اتفاقية الأمم المتحدة حول الفساد الصادرة بتاريخ 21 أكتوبر 2003 التي صادقت عليها بلادنا والتي تفرض من الدول الأطراف فيها أن تعاقب كل أشكال الرشوة وان تشمل هذه العقوبة كافة من يمارسون نشاطا عموميا ممن ورد ذكرهم في مقتضياتها الجنائية.
وجاءت المادة 2 من القانون الموريتاني المستنبط من الاتفاقية الأممية المذكورة لتعرف الوكيل العمومي بأنه”كل شخص مدني أو عسكري يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا سواء كان معينا أو منتخبا مدفوع الأجر أو غير مدفوعة مهما كانت رتبته أو اقدميته”.
• ويضيف النص في فقرته الثالثة “كل شخص آخر معرف بأنه وكيل عمومي او من هو في حكمه طبقا للقانون والنظم المعمول بها”
يستنتج مما سلف أن الموظفين العموميين، حسب التعريف القانوني لهذا المصطلح، ليسوا إلا طبقة من الوكلاء العموميين المشار إليهم في هذا القانون، وقد ورد ذكرهم في الرتبة الأخيرة من الترتيب التسلسليالوارد في القانون، فلا شك اذن أن النص الموريتاني واضح وضوح الاتفاقية الدولية التي نقل حرفا مقتضياتها: فهو ينطبق بصفة صريحة على كل شخص يستفيد من مأمورية تشريعية أو تنفيذية أوقضائية منتخبة أو معينة مهما كانت رتبتها وهو ما يشمل حتما رئيس الدولة.
• ولا شك انه من غير المستساغ عقلا القول بالعكس،ذلك أن الفساد سيكون في هذه الحالة معاقبا عليه بالنسبة للجميع باستثناء أسمى مسؤول في الدولة،له كافة الإمكانيات في أن يتعاطى اعمال الفساددون عقاب!
ومن جهة أخرى، إذا كان القانون رقم 0054/2007 المتعلق بالشفافية في الحياة العمومية قد ألزم رئيس الجمهورية بالتصريح بممتلكاته هو وأبناءه القصر فلم يكن ذلك ليعفيه من المسؤولية الجنائية في حالة ارتكاب هجرائم فساد.
وفي النهاية تعود الأستاذة ساندريلا مرهج لتثير مسالة تم تجاوزها، وهي الجدل حول شرعية لجنة التحقيق البرلمانية فملف الفساد أصبح منشورا أمام المحاكم ومن المعلوم ان القاضي غير ملزم بما خلصت إليه اللجنة المذكورة عملا بمبدأ قار وهو فصل السلطات.
وعليه، أي القاضي، أن يبت بكل موضوعية في الوقائع مراعيا قواعد المحاكمة العادلة.
واملنا وطيد في ان يعمل كافة أطراف النزاع معا من اجل الوصول الي هذا الهدف.
انواكشوط 31 مايو 2022
عن هيئة الدفاع
النقيب إبراهيم ولد ابتي