الكاتب العربي علي محمد الشرفاء الحمادي يكتب.. المنافقون

قال  الله سبحانه (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا) (النساء: 61)، ينبئنا الله بصفة المنافقين أنهم لا يطيقون من يدعوهم إلى كتاب الله الذي أنزله على رسوله الكريم، وما وضع فيه من تشريعات وعظات وأخلاقيات وقواعد للمعاملات بين الناس، لأن الله علم نياتهم فقال فيهم سبحانه (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة: 7)، لأنهم عصوا أوامر الله فيما أمرهم بقوله (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) (البقرة: 170).

فلقد وصف الله سبحانه آبائهم الذين يتبعونهم بدلاً من آيات الله أنهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون، فالله سبحانه يشهد بأن من يتبعونهم من أهل الروايات إنما هم لا يعقلون ولا يهتدون، لماذا لأنه (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)  فلا يرون الحق فيما بلغه رسول الله لهم، بل هجروا القرآن واستحوذ عليهم الشيطان فأطاعوه وأغواهم فهم لا يبصرون هدى ولا يفقهون ولا يعقلون، فاتبعوا  الأقاويل والتحريف والتزوير، وجعلوا من الروايات والإسرائيليات مكانة فى عقولهم وقلوبهم أهم من آيات الله البينات، الذي خلقهم وأرسل لهم الأنبياء والرسل ليرسم لهم خارطة الطريق لحياتهم ليعيشوا فى أمن وسلام وعيش كريم بالتراحم فيما بينهم، وبالعدل يسود فيهم وبالحرية يمارس الإنسان حقه فى الحياة، وفي التعبير عن فكره ورأيه دون خوف أو إرهاب، يحترم حقوق الناس دون اعتداء بالقول أو باليد أو بأي وسيلة لكي يتعايش الناس جميعًا فى مجتمعات تحكمها القيم والفضيلة والتعاون،  حيث يأمرهم سبحانه (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2).

وقد بلغ الله الناس بواسطة رسوله الكريم بأنه لم يعين وكيلًا أو  وصيًا عنه على الناس فالتكليف الإلهي للرسول الكريم أن يبلغ ما أنزل الله عليه في كتابه المبين، ويبشر الذين يعملون الصالحات بأحر عظيم وينذر الذين يعصون الله ويعتدون على الناس بعذاب جهنم وبئس المصير، وحساب جميع الناس يوم القيامة سيكون عند الله تأكيدا لقوله سبحانه (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (الزمر: 69)، فهو سبحانه القاضي الأوحد، والعدل المطلق، لكل الناس باختلاف أديانهم ومذاهبهم وألوانهم تأكيدا لقوله سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)(الحج: 17).

فالذين استحوذ على عقولهم الشيطان وأعمى أبصارهم عن اتباع آيات الله وهجر قرآنه وتوسلوا للأولياء فى القبور  وأشركوا بالله في وحدانيته، بأنه لا إله إلا هو وهو المستعان وحده وهو القريب من عباده يستجيب لدعواهم ويشفي مرضاهم ويرزق الفقراء والأغنياء والله يخاطب رسوله الكريم بقوله سبحانه  (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة: 186)، فلن ينفعهم الأولياء، ولن يستطيعوا إعانتهم،  وقد تحولوا إلى تراب وامتزجوا به، فلا حول ولا قوة لهم ولا قدرة بيدهم، فالله يريد لعباده أن يحررهم من الأوهام ويقول لهم سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (الأعراف: 194)، وتستكمل الآية التي تليها بقوله سبحانه (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ) (الأعراف: 195)، تصور هذه الآية وضع الأموات وهم لا يملكون من أمرهم شيئًا فكيف يستطيعون استجابة للأحياء؟

ولذلك يحذر الله عباده من اتباع غير كتابه حتى لا تزل أقدامهم فى النار يوم الحساب حين أمرهم بقوله سبحانه (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف: 3) اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد.

زر الذهاب إلى الأعلى