الروايات طغت على الآيات.. بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء
من هو الإنسان المختار الذي أرسله الله بكتابه للناس ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ونزل عليه القرآن، وكلفه بتذكير الناس بآياته وتبيان مقاصده لخير الإنسان، ومنفعته في الدنيا ويجزيه في الآخرة جنات النعيم ، فإذا كان المسلمون يؤمنون بمحمد عليه السلام، ويشهدون في كل أذان وصلاة أن محمدا رسول الله، فذلك يعني لا مرجع لرسالة الإسلام إلا ما يبلغه الرسول عن ربه، كما أمره الله سبحانه في خطاب التكليف بقوله مخاطباً رسوله عليه السلام ( كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ) (الأعراف -٢) وحدد الله دعوته للناس بتذكيرهم بالقرآن فقط ، لأنه كلام الله الذي يريد سبحانه ورحمة بعباده أن يتخذوه خارطة طريق ، حتى لايضلوا طريق الحق، ويتجهوا نحو طريق الباطل، ويهديهم طريق الرشاد لما ينفعهم في حياتهم وآخرهم.
وإذ أمره بتذكير الناس بالقرآن في مخاطبة الله لرسوله بقوله ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ) (ق -٤٥) إضافة إلى أن الرسول عليه السلام أعلن بأمر الله، وما نطقه بلسانه عن ربه (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة-٣).
وقال الله سبحانه (مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) (الأنعام -٣٨) .
بعد كل ذلك هل من المنطق أن يؤلف الرسول عليه السلام مئات الآلاف من الروايات سميت بالأحاديث ، والله سبحانه وتعالى أبطل كل الروايات الكاذبة التي سميت زورا وافتراء بأحاديث منسوبة ظلما للرسول، وهل يمكن للرسول أن يخالف ما كلفه الله من مهمة مقدسة، وهل يحتاج القرآن إلى إضافة بعد ما وصفه الله بقوله ونطق به رسوله ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ) و ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ) و(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) .
فأين العقول وأين التدبر في آيات الله لمعرفة الحق من الباطل؟ وكيف نجح الشياطين وأعداء الإسلام في زرع الروايات الباطلة؟ وتلقاها الفقهاء وشيوخ الدين بالتصديق والتسليم، دون أن يرجعوا إلى مصدر رسالة الإسلام الحقة، كتاب الله وآياته ، وما فيها من حكمة وهدى وبشرى للمؤمنين ليجزيهم الله جنات النعيم، ويحذر المشركين من نار الجحيم، إذا تكبروا على آيات الله، وهجروا القرآن الكريم، واختاروا ليكونوا مع المجرمين حين يسألهم الله سبحانه يوم الحساب بقوله ( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)) المدثر (42/43/;45/ 46 / 47) .
وليعلم المسلمون بحقيقة رسالة الإسلام التي جعل الله سبحانه مرجعيتها الوحيدة القرآن، وأن كل الافتراءات على الرسول بأقوال لم ينطقها بلسانه ملفقة ؛ ولم يخوله الله بتأليف أحاديث من عنده، فقد حدد الله سبحانه للرسول مهمة واضحة لا لبس فيها، في أمره لرسوله بقوله سبحانه ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ (45)( ق ) والله سبحانه أبطل كل ماسميت أحاديث بكل أنواعها ومسمياتها وصفاتها، في قوله سبحانه الذي نطق به رسوله بلسانه مخاطبا إياه ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ)(الجاثية -٦).
فهل بعد هذه الآية الفاصلة لكل حديث وقول أن يصدق المسلم روايات الكذب والبهتان على الرسول عليه السلام، الذي أمره الله في الذكر الحكيم بقوله ونطق به لسانه الشريف (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) المائدة (٦٧)
فما الذي أنزله الله على رسوله غير القرآن الكريم الذي كلفه بتبليغ الناس بآياته ويبين لهم مقاصدها لخير الإنسان ومنفعته في الدنيا والآخرة كما حدد الله لرسوله صلاحيته في التكليف الإلهي بقوله سبحانه (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) (الرعد -40)
لقد حدد الله صلاحية الرسول في تبليغ الناس بكتابه ليخرجهم من الظلمات إلى النور، وأختص الله سبحانه لنفسه محاسبة خلقه على أعمالهم، ومدى اتباعهم شرعته ومنهاجه، وحين يقف الإنسان يوم الحساب لا سبيل له من الهروب من الموقف العظيم.
عندها يتم سؤال الناس يوم القيامة كما قال سبحانه ( أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ) (المؤمنون -١٠٥) فكانت إجابتهم كما وصفها الله سبحانه في قرآنه ( قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ) المؤمنون (١٠٦) والسلام على من آمن برب العالمين واتبع آياته في الكتاب المبين وكان من الصادقين .