قراءة في كتاب ” الطلاق يهدد امن المجتمع ” حي حسن
يعتبر الطلاق من أهم أسباب الوضعيات غير السوية في المجتمع، حيث هو سبب مباشر في انفصام عرى المجتمع، وتشتت أوصاله، كما هو سبب في انتشار الجهل والجريمة.
وفي هذا الصدد جاء كتاب المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي “الطلاق يهدد أمن المجتمع” من وجهة نظر تنويرية تنطلق من التشريع الإلهي.
ينطلق الكتاب من القاعدة التي نصت عليها الآية الأولى من سورة النساء، حيث تقرر الآية مبدأ مساواة الناس رجالا ونساء في الحقوق، ومحورية المرأة في كينونة الأسرة والمجتمع، وهي المحورية التي جسدها حمل سورة كاملة من الطوال لاسم النساء، وهي السورة التي حوت الكثير من التشريعات الإلهية في ميدان الأحوال الشخصية.
ويلقي الكتاب نظرات مفصلة على حقوق المرأة ثم على الأضرار الكارثية للطلاق، وعلى خطورة الطلاق الشفوي، قبل أن يقدم خاتمة تلخص ما ورد فيه، ليلحق بالكتاب عقدا نموذجيا من مواد قانونية تلزم كل الطرفين بواجباته تجاه الآخر، وتجاه مؤسسة الزواج.
والحق أن المجتمع يؤسس أول ما يؤسس على حياة زوجية سليمة تضمن استمرار الأسرة وترقي الأبناء في وسط يكفل لهم تربية حسنة.
هذه التربية الحسنة ستمكنهم من تجاوز عتبات وعقبات الحياة السريعة المفرطة في الإسراع أحيانا، لدرجة أن القيم التي بها ترقي الأمم وتشيد الحضارات قد أصبحت مهزوزة كي لا نقول انها شبه معدومة حتى صار البعض يقول إن أزمة العالم اليوم أزمة قيم وأن المثقفين يحابون الناس في ذلك و يتسترون وراء الحقيقة فيقولولون : العولمة.
ألم يقل الشاعر أحمد شوقي
وانما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
مجتمعاتنا معرضة للتفكك بسبب انتشار ظاهرة الطلاق!
الطلاق منذر بتشتت الأسر ومخيب لآمال المجتمع في تربية الأجيال، وكيف يمكن حصول تربية نموذجية لأبناء يفتحون عيونهم ليل نهار على المشاداة والخصام وعلى حرب لا تهدأ بين الكبار سيقلدونها لا محالة.
المفكر والمصلح الاجتماعي علي محمد الشرفاء الحمادي، وهو أحد فرسان القلم يمتشق القلم ليفتح عيون العالم على خطر الطلاق و التشتت الأسري،، ويذكر بأن التشريع الإلهي يهدف لبناء أسرة آمنة مستقرة ومطمئنة محصنة و محصنة من المكائد يتربى فيها الأبناء على القيم الإسلامية الفاضلة والنبيلة وتسعى لتحصيل العلم والمعرفة خلفا عن سلف حتى يحققوا للامة وللوطن ما نسعى اليه في بناء أوطاننا و أمتنا.
الكتاب يمثل وصفة او عقدا اجتماعيا جدير بالمربين وقطاعات الشؤون الاجتماعية وخطباء المساجد ورجال الإعلام أن ينطلقوا منه لمحاربة هذه الظاهرة.
أختم هذه القراءة بمختصرات من خلاصات الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي في ختام كتابه، حيث يعود ليؤكد أن الحكمة الإلهية تقرر أن الطلاق مشروع بالتراضي بين الزوجين والتشاور عند تقينهما استحالة عيشهما المشترك، في ظروف هادئة بعيدة عن الغضب والتشنج، ولإتاحة المجال بينهما لتجاوز الخلاف فإن القرآن ينص على أن تقضي الزوجة عدتها في بيت الزوجية، وفي حال ما إذا استمر الزوجان في قرارهما يتم الانفصال مع رعاية الأبوين لأبنائهما، وقيام الطليق بواجباته نحوهم، وتمتعه بحقوقه اتجاههم.
الكتاب وثيقة واعية تنطلق من الخطاب الإلهي وتعالج التطبيقات البشرية الخاطئة لخيار الطلاق الذي أباحه الله.