المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي يكتب.. تحرير العقول وأتباع القرآن

يستطيع المسلمون تحرير عقولهم مما علق بها من روايات كاذبة مفتراة على الله ورسوله، ويمكنهم ذلك إذا آمنوا بأن القرآن هو رسالة الإسلام لعباده واتبعوا كتابه وتمسكوا بآياته التي يقول فيها سبحانه:(فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى*  قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا*  قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (- (طه: 123-126).

كتاب الله وحده المتبع

ثم إن الله سبحانه أمر المسلمين بعدم أتباع غير كتابه بقوله تعالى: (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ )- (الأعراف:3).

أمر واضح وجلي من الله سبحانه لعباده من المسلمين بألا يتبعوا كتابًا غيره، وقد أنذره فى الآية الأولى بأن من لا يتبع كتابه ويحتكم إلى آياته فسيعيش حياة البؤس والضنك، وهذا ما نحن نعيشه اليوم لأننا عصينا أمر الله ومن يعصى الله فقد حل عليه عقاب الله وعذابه.

سموم الروايات

ولتحرير العقول مما علق بها من الطفيليات وتنظيفها من سموم الروايات التي فرقت المسلمين وخلقت بينهم الفتن والبغضاء والكراهية وجعلتهم يقتتلون بعضهم. هل يستمر المسلمون بالتمسك بها، أم يرجعون لكتاب الله الذي يدعوهم للوحدة والسلام والتعاون والرحمة والعدل فيما بينهم؟!

تساؤلات

أيهم الأفضل للإنسان… كتاب الله أم كتب الشياطين وأتباعهم الذين أضروهم ومزقوهم إلى شيع وطوائف يضربون أعناق بعضهم؟

أليس كتاب الله يدعوهم للخير والصلاح، والروايات تدعوهم للضلال والفرقة؟

أليس الله يدعوهم للبر والتقوى حيث يقول سبحانه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)- (المائدة:2(

أم يتبعون مرجعيات متناحرة متناقضة فيما بينها جعلت المسلمين في متاهات وصراعات. الحل في تحرير العقل هو العودة لكتاب الله فقط.

وحينما نقرأ في القرآن الكريم حيث يأمر الله رسوله بقوله: ( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّهُ ۚ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ )  – (يونس: ١٠٩).

طريق الخير والصلاح

فإذا كان الله يأمر رسوله بإتباع ما يوحى إليه من آيات الذكر الحكيم… أليس من المفروض- بما أننا نتبع دعوة رسول الله  المأمور بإتباع كتاب الله- أن نتبع كتاب الله كما أمر رسوله إن كنا صادقين في إسلامنا ومؤمنين بأن القران خطاب الله للناس كلف الله به رسوله ليبلغه لعباده ليهديهم طريق الخير والصلاح.

وحينما يأمر الله رسوله باتباع القرآن وآياته إنما ليكون أسوة حسنة لعباده عندما يطبق تعاليم القرآن وأوامر الله سلوكًا على أرض الواقع من عبادات ومعاملات وتشريعات إلهية، معلمًا الناس فضائل الأخلاق والقيم الربانية من رحمة وعدل وحرية وسلام.

سلام مع النفس والله والمجتمع

سلام مع الله، وسلام مع النفس، وسلام مع المجتمع، وسلام مع جميع الناس فى كل مكان، حيث ترفرف عليه البركة وتغمره السكينة وتتحقق له السعادة.

وحينما نقرأ في كتابه المبين قوله تعالى:(المص (1) كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ) – (الأعراف: 1-2).

بهذه الآية يحدد الله لرسوله أن ما أنزل عليه من آيات الذكر الحكيم أن يبلغها للناس وألا يكون محرج في تبليغها وأنه ذكرى المؤمنين.

فالله يؤكد الهدف من إنزال الكتاب على رسوله من أجل أن يبلغ عباده بمراده من آيات القرآن الكريم وينذرهم إذا لم يتبعونه فيما بلغهم به من آياته وما جاء فيها من عبادات وتشريع ومعاملات وفضائل وأخلاق ليؤمنوا يوم الحساب من عقاب الله وعذابه و يعيشوا سعداء فى الحياة الدنيا إذا اتبعوا هدايته.

اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ

وفى نفس الوقت يأمر الله المسلمين بقوله (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) – ( الاعراف: 3).

إن هذه الآية تحذر المسلمين بعدم أتباع أيًا من البشر تحت أي مسمى وأيا كان أم شيخًا أم عالمًا غير ما أنزل الله على رسوله الكريم من آيات الذكر الحكيم، ثم يوم القيام يسأل الله سبحانه بقوله: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا * فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ۚ وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ) – ( الفرقان: 17-19).

فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ

وقال سبحانه يصف الذين لم يتبعوا رسوله فيما أنزل عليه من كتاب مبين:  (فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ). (الأعراف: 30).

ويحذر الله فى قرآنه الذين نسوا ما بلغهم به رسول الله من آيات القرآن بقوله تعالى: (فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ) – (الأعراف: 30).

وتؤكد أكثر آيات القرآن الكريم بأن الله كرر أمره لرسوله بإيصال رسالته لعباده وشرح آيات الذكر الحكيم للناس وفيها ما يهديهم للطريق المستقيم وفيها ما يحذرهم من الوقوع فى طريق الشياطين خسروا الدنيا والآخرة.

ومن الآيات التي تحدد بوضوح مهمة الرسول عليه الصلاة والسلام حيث يقول سبحانه:(فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ)- ( ق: ٤٥).

التذكير بالقران

من هنا نجد أن التعليمات الإلهية تحصر مهمة الرسول بالتذكير بالقرآن للناس وشرح مراد آياته ومقاصدها لخير الإنسان وليس غير ذلك مما ابتكره الرواة وحشوها بأكاذيب وافتراءات على الله ورسوله. فلا تصدقوهم، وليكن كتاب الله الذي أنزله على رسوله هو مرجع المسلمين ليخرجهم من الظلمات إلى النور وينقذهم مما هم فيه من ضنك وصراع ونفاق وقتال، يدعوهم للوحدة والرحمة والعدل والسلام.

الملجأ إلى الله

فلا ملجأ إلا إلى الله ولا منقذ غيره.قال تعالى: (فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ)- (طه: 130).

==============

تعريف بالكاتب

شعل المفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي ،منصب المدير الأسبق لديوان الرئاسة بدولة الإمارات العربية، ورئيس مؤسسة رسالة السلام العالمية، الكاتب لديه رؤية ومشروع استراتيجي لإعادة بناء النظام العربي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وينفذ مشروع عربي لنشر الفكر التنويري العقلاني وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب والعنف الذي يُمَارَس باِسم الدين،وقدم الكاتب للمكتبة العربية عدداً من المؤلفات التي تدور في معظمها حول أزمة الخطاب الديني وانعكاسه على الواقع العربي.

زر الذهاب إلى الأعلى