اتصال هاتفى بين المفكر العربى على محمد الشرفاء والوزير المفوض بجامعة الدول العربية لبحث وثيقة «انقاذ الأمة»
بقلم رانيا عبد الكريم 2023-09-21
فى اتصال هاتفى بين المفكر العربى على محمد الشرفاء الحمادي، مدير ديوان رئاسة دولة الإمارات إبان تولى المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان رئيس الدولة، والوزير المفوض محمد خير مدير المنظمات والإتحادات العربية بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أثنى الوزير المفوض على كتابات المفكر العربى على الشرفاء، خاصة ما جاء بوثيقة الشرفاء لإنقاذ الأمة، والذى تقدم بها منذ ٢٣ عاما، لأمين عام جامعة الدول العربية آنذاك، الدكتور عمرو موسى.
جاء ذلك خلال استقبال الوزير المفوض محمد خير اليوم بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، الحاج محمد الأمين نائب الأمين العام ورئيس مكتب مؤسسة رسالة السلام في أوروبا.
ناقشا «الشرفاء» و«خير» بنود الوثيقة، وتعهد الوزير المفوض بمتابعتها لسعادة الأمين العام أحمد أبو الغيط والأعتكاف مع الأمين العام المساعد حسام زكى للإستفادة من الوثيقة.
وأكد الوزير المفوض على أهمية ما تضمنته الوثيقة لتوحيد الأمة العربية من خلال إنشاء سوق عربية مشتركة، ومجلس أمن قومى عربى مشترك، بالاصافة إلى الكثير من النقاط التى تساهم فى دفع العلاقات العربية اقتصاديا وسياسيا .
كان المفكر العربى على الشرفاء كتب مقالا بعنوان ” الأمن القومى العربى ” هذا نصه،،
لقد تناولت كثير من البيانات العربية والصحف في مختلف الدول العربية منذ أكثر من ثلاثين عاما مصطلحا جديدا على الساحة العربية السياسية، وهو ما يعرف باسم الأمن القومي العربي، ولا أعلم ماذا يعني هذا الشعار، وعلى أي أساس استندت تلك المقولة، وما هي المقومات الموضوعية التي يمكن أن يؤسس عليها مفهوم الأمن القومي العربي، وفي رأيي المتواضع وحسب فهمي المحدود هو ما تعنيه قضية الأمن لأية مجموعة من الأقوام ومن الدول بالرغم من اختلاف توجهاتهم أو دياناتهم أو لغاتهم، أن هناك مصلحة معينة مدركين أهميتها وآثارها على مجتمعاتهم سواء كان ذلك من الناحية السياسية أو
دياناتهم أو لغاتهم، أن هناك مصلحة معينة مدركين أهميتها وآثارها على مجتمعاتهم سواء كان ذلك من الناحية السياسية أو الاقتصادية ويستشعرون بما يمكن أن يهدد تلك المصالح ويعلمون مدى الآثار السلبية على شعوبهم فيما لو تأثرت تلك المصلحة المشتركة والأخطار التي تترتب عليها في كافة المجالات الحياتية، عندئذ يتجهون جميعا برؤية واحدة وعقيدة مشتركة للبحث عن منظومة أمنية يهيئون لها كافة الإمكانيات المتاحة لدى كل منهم ويوفرون لها المناخ المناسب ويجمعون كل القدرات المادية لبناء منظومة أمنية وفق استراتيجية واحدة تحمي أمن الجميع دون استثناء، حيث أن رابط المصلحة المشتركة يفرض على تلك المنظومة العمل نحو حماية أمن دول المنظومة لما وصلوا إليه من قناعة موضوعية بأن انهيار أي منها يهدد البقية ويتمثل ذلك بكل الوضوح في منظومة الحلف الأطلسي، حيث لا ينتمي عضو فيه للآخر سواء من حيث اللغة أو الثقافة أو التاريخ المشترك، بل ارتبطوا بمصلحة الأمن المشترك بالإضافة إلى تحقيق مصالح اقتصادية مشتركة تستفيد منها شعوبهم وينتج عنها تكتل اقتصادي قادر على مواجهة العولمة.
وأنني أتساءل هل هذه الصورة بكل أبعادها ووضوحها والتزاماتها موجودة على الساحة العربية؟! .. أريد هنا قبل أن أبدأ في الإجابة على السؤال أن أترك الأحداث تجيب، فهي أكثر قدرة على تأكيد الصورة لأنها أحداث مادية حدثت في زمن معين لا يمكن تزويره أو تبديله وعلى سبيل المثال:
أولا: في أعقاب الثورة الفلسطينية الكبرى (1936 – 1937)، والتي توقفت اثر النداء الذي وجهه إلى عرب فلسطين، ملوك ورؤساء ست دول عربية هي: مصر وسوريا والعراق والسعودية واليمن ولبنان، يطلبون فيه وقف العمليات العسكرية، معتمدين على النوايا الحسنة للدولة المنتدبة (بريطانيا) – انعقد في (بلودان – سوريا) في شهر أغسطس 1937، أول مؤتمر عربي رفيع المستوى لاتخاذ القرارات الواجب اتخاذها للمحافظة على حقوق عرب فلسطين، وحمايتهم من الأطماع الصهيونية التي كانت تحظى بالدعم الكامل من قبل دولة الانتداب، وإنني اعتبر نداء الدول العربية والطلب من الثورة الفلسطينية وقف العمليات العسكرية ضد القوة الغازية، هو بداية غياب الرؤية المميزة لطبيعة الأخطار التي تهدد الأمة العربية وبداية للعد التنازلي لمتطلبات الوعود الغربية لما يحقق مصلحة إسرائيل، فأين كان الأمن القومي العربي؟ لو كان هناك إدراك ووعي من القيادات العربية لخطورة تمدد السرطان الإسرائيلي لاتخذ الجميع خطوات جدية من منطلق الأمن العربي بدعم الثورة الفلسطينية بالعدة والعتاد ولكن للأسف لم يحدث، وما حدث على العكس طلبوا منهم وقف العمليات العسكرية تماما كما يطلبون اليوم من الانتفاضة بأن تتوقف عن العنف، حتى يبدأ حوار السلام بالرغم من مرور أكثر من ستين عاما على مؤتمر بلودان وكأننا لم نتعلم دروس الماضي ولم تمر علينا أحداث وصمت العرب بالانهزامية والاستسلام، وأطلقت إسرائيل مصطلح العنف على الانتفاضة لصرف الأنظار عن جرائمها التي ترتكب كل يوم ضد العزل الأبرياء، وتتبنى أجهزة العالم كله ذلك المصطلح بما فيه أجهزة الإعلام في العالم العربي تردد كالببغاوات مالا يتفق مع منطق ولا عقل ولا فكر، جرائم حرب وأعمال وحشية تتعارض مع أبسط القوانين الدولية، وما يسمى بحقوق الإنسان حيث تستتر إسرائيل بجرائمها خلف تلك الصورة ليصبح القاتل هو المقتول والقتيل هو المجرم، منطق معكوس يؤيده موقف عربي مهزوم.
ثانيا: أين كان الأمن القومي العربي عندما قامت ثلاث دول بعدوانها على جمهورية مصر العربية تتزعمها بريطانيا وتساندها فرنسا وإسرائيل حينما اسـتباحت الأجـواء المصـرية وأسـقطت عشرات الآلاف مـن القنابل لتخلف وراءها آلاف الضحايا، علمـا بأن بعض الطائرات الحربية كانت تنطلق من بعض القواعد العربية وتركت مصر وحدها تواجه ببسالة شعبها قوى البغي والعدوان وانتصرت إرادة الشعب وانكفأت بريطانيا العظمى داخل حدودها وانهارت إمبراطوريتها.
ثالثا: أصبحت مصر في الستينات بما تملكه من قدرات عسكرية تشكل تهديدا مباشرا لأمن إسرائيل، عندها كالعادة وضعت إسرائيل كل الاحتمالات ومدى خطورة القوى العسكرية النامية على أمنها ومدى آثارها السلبية على توسعها حيث سعت إسرائيل مع حلفائها لإعداد ترتيبات معينة وتخطيط محكم
لاستدراج مصر في مكان وزمان حددته إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في استدراج القوات المصرية في سيناء، حيث حدثت المذبحة في 5/يونيه/1967 كي لا تقوم قائمة لمصر وما تمثله من مركز الحركة والقوة للدول العربية، واتضح أن القيادة المصرية لم تكن قد اتخذت قرار الحرب واضعة القوات المصرية في صحراء سيناء دون حماية جوية كاملة ودون استعداد حقيقي للهجوم على إسرائيل ودون أن تدرك بأنها تعرض أمن مصر للخطر وأن الجيش المصري سيكون وحده في أتون النار وستتحمل مصر وحدها الآثار المدمرة للهزيمة ، واستغلت إسرائيل تلك الفرصة بأن تشن حربا مفاجأة بدأت بتجريد الجيش المصري من غطائه الجوي بتدمير طائراته عندما بدأ الهجوم الجوي الإسرائيلي الساعة التاسعة صباحا يوم 5/يونيو/1967، وأن يصبح الجيش المصري صيدا سهلا في صحراء سيناء يتساقط الآلاف دون أن تتاح لهم فرصة الدفاع عن النفس، ذلك ما حدث، فأين كانت الدول العربية، وماذا كان موقفها، لقد تباينت المواقف منها، موقف شامت وسعيد بما آلت إليه الأمور في مصر، ومنها المتعاطف الذي لا يملك من أمره شيئا ، ومنها الذي يتظاهر بالحزن والأسى، ونتج عن ذلك احتلال سيناء وتعطل الملاحة في قناة السويس ولم تدرك حينها الدول العربية أن أمن مصر من أمنها ، وأمن سوريا بعد احتلال الجولان، والأردن بعدما سقطت الضفة الغربية تحت سيطرة الصهاينة، وما سوف يترتب من نتائج سلبية ستؤثر عليهم، لم يكن ذلك المفهوم واردا بل لم يكن موجودا على الإطلاق فأين يكمن الأمن العربي في مثل تلك الأحداث.
رابعا: استطاعت مصر أن تعيد حشد قواتها وتعيد بناء قدراتها العسكرية بأسلوب علمي مدروس واتخذت قرار العبور، وكان الله معها فتحقق انتصار كالمعجزة، ولكن هل كانت الدول العربية تقف خلف مصر تدعمها بالمال والسلاح قبل بداية المعركة، كلا فقد حاربت مصر تساندها سوريا في معركة الشرف الذي أعاد للامة العربية بعضا من هيبتها، وتجاوب معها زعيم في أقصى الخليج وهو الشيخ/ زايد بن سلطان آل نهيان – رئيس دولة الامارات العربية المتحدة – الذي حتمت عليـه مروءته وشهامته أن يتخذ موقفا كان له تأثير مباشر في تغيير مجرى الأحداث ، وكان قرار وقف ضخ البترول ووقف إمداداته عن حلفاء إسرائيل، مرعبا وقويا له صوت الزلزال وما يمكن أن تؤول إليه حضارة الغرب في حال إذا ما طال أمد وقف ضخ البترول، وما يترتب على ذلك من تعطيل كثير من العناصر الأساسية والمؤسسات التي تعتمد على البترول ومنتجاته وما سينتج عن ذلك من فوضى وارتباك في أمريكا وأوربا، ذلك الموقف لم يكن وليد تخطيط مسبق ولكن رؤية بعيدة المدى بأهمية مصر وأن انتصارها سيشكل دعما قويا لدولة الامارات العربية المتحدة وللدول العربية كافة، ذلك هو الزعيم الوحيد في العالم العربي، الذي اعتبر أن أمن مصر هو من أمن دولة الامارات العربية المتحدة، ولذلك كان رد الفعل صادقا وقويا لم يحسب لأي كان اعتبارات خاصة إلا اعتبارا واحدا هو إيمانه وقناعته بأن مصر تشكل لديه رصيدا ضخما لمواجهة ما يخبؤه المستقبل، ودورا يمكن لها أن تقفه مع دولة الامارات إذا وقع المحظور، واستجابة لنداء شقيق وهو يعبر بنا طريق الأمل والنصر، ولم يكن الأمن العربي موجودا في تلك اللحظات غير موقف المروءة والشهامة التي يتجلى في أروع صفات الرجولة وفي المواقف الشجاعة، كان صوت زايد يهز بكل قوة الاقتصاد الدولي ليعيدوا حساباتهم وكان تأثيره على نتائج حرب أكتوبر مباشرا ومؤثرا في الضغط الأمريكي على إسرائيل لوقف إطلاق النار بعدما احتلت منطقة الدفرسوار في الضفة الغربية والحصار الذي حدث للجيش الثاني من قبل القوات الإسرائيلية.
خامسا: قامت إسرائيل بغزو لبنان سنة 1982 واستباحت سيادته وأرضه ودمرت وقتلت الآلاف وأهلكت الأخضر واليابس والجميع فاغر فاه يتفرج دون إحساس أو شعور بأن ما يحدث في لبنان يشكل خطرا على بقية الدول العربية، ولم يكن الوعي حاضرا ولم يكن الإدراك موجودا، فانفردت إسرائيل بشعب لبنان القليل العدد القوي بإيمانه قاوم الاحتلال بمفرده وانتصرت إرادة شعبه، فأين موقف الأمن القومي العربي؟ وما هي الخطوات العملية التي اتخذتها الدول العربية لمساندة لبنان في حربة ضد قوى العدوان، لا شيء غير التمنيات والبيانات تستنكر وتحتج وتترجى الأمم المتحدة على استحياء تطالبها بإدراج الغزو الإسرائيلي ضمن أجندتها للمناقشة، وكانت حينها أجهزة الإعلام العربية المرئية والمقروءة والمسموعة تتحدث عن الألعاب الأولمبية المقامة في أسبانيا وكأن أمر الغزو بعيد عن اهتمامهم فأين كان البعد الأمني للامة العربية وكيف لم يدرج الغزو الإسرائيلي في حسابه.
سادسا: حرب لبنان واقتتال أبنائه وما حدث فيه من تخريب ودمار ومجازر ارتكبها من لا ضمير لهم واستمرت المذبحة أكثر من عشر سنوات دون أن تقوم الدول العربية باتخاذ إجراءات حاسمة لوقف القتال، أين كان الأمن العربي، ما هي الإجراءات الحاسمة التي تم اتخاذها ليتم إطفاء نار الفتنة حتى لا تنتشر نيرانها وتأتي على الأخضر واليابس، لقد كانت الدول العربية ترى وتسمع ما يحدث في لبنان وما سيؤدي إلى انهيار النظام في لبنان وما سيترتب على ذلك من أخطار على لبنان، لم تكن الرؤية العربية مدركة بأن ما يهدد أمن لبنان يهدد بقية الدول
العربية، ولذلك السبب لم يكن رد الفعل مساويا لأهمية لبنان بالنسبة لهم، وواجه الشعب اللبناني الكارثة بصبر واستسلام للقدر ولم يكن موضوع أمن لبنان يقلق القيادات العربية ولا تعيره شأنا هاما بحيث تتحرك بسرعة لإخماد نار الفتنة ولذلك غاب مفهوم الأمن القومي العربي عن الساحة.
سابعا: الحرب العراقية الإيرانية وما شكلته من استنزاف للقدرات العربية والإسلامية، أكثر من ثمان سنوات والدم العراقي ينزف والمال العربي يحترق في أتون المعركة، ولم يكن الأمن القومي العربي يهمه ماذا يحدث وضاعت قدرات اقتصادية وسالت دماء بريئة لمئات الآلاف، فأين كان الأمن العربي حينذاك، وكأن الجميع ينتظر من يفوز في ذلك الصراع فالمطلوب أن يجهز كل منهما على الآخر ليصفو الجو لإسرائيل تمرح وتسرح في الوطن العربي تفعل ما تريد.
ثامنا: كما تم التخطيط لاستدراج القوات المصرية في سيناء، تم بنفس الأسلوب دون وعي أو إدراك من القيادات العربية لتدارك ما يخبئه المستقبل من أخطار تهدد مصالح الأمة العربية مجتمعة حينما استدرج جيش العراق أثناء غزو الكويت، وكيف تم ترتيب أسبابه وتحدد مسبقا في المخطط الشيطاني للولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل هدف رئيسي يتحقق به تدمير القوة العسكرية العراقية وعلى الأخص القواعد الصاروخية التي يصل مداها إلى عمق إسرائيل وتم تدمير المفاعل الذري العراقي عام 1981، وما تمثله من أخطار أكيدة على إسرائيل وتؤثر على توازن القوى العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، فالمطلوب أن تبقى إسرائيل وحدها صاحبة القوة الوحيدة واليد الطولي لحماية مصالح المستعمر الجديد فأين الأمن القومي؟ وأين حركته التي كان يجب أن تلتف بسرعة قياسية في التدخل العاقل والحاسم في حسم المشكلة والضغط على العراق بكل القوة للانسحاب من الكويت جار وشقيق بل كما يبدو أن اتفق الجميع على أن تستمر فصول المسرحية ليستمتع الجميع بكل صور المأساة وآثارها المدمرة على الشعب العراقي واقتصاده وعلى فلسفة التضامن العربي الذي تشتت من جراء تلك المحنة التي ستتعاقب على المسرح العربي. فأين الأمن العربي من هذه الكارثة؟ وأين الرؤية والوعي المسؤول لاستشراف المستقبل وما يمكن أن تؤول إليه الأمور بما وصلت إليه الآن بأن يظل شعب العراق ينهار اقتصاده ويتساقط عشرات الآلاف من أطفاله وتستباح سيادته ويوضع تحت الوصاية، وكان ذلك الأمر لا يعني الدول العربية، ألم يتصور أي من الدول العربية بأن ما يحدث للعراق يمكن أن يحدث في مكان آخر وقد حدث فعلا حصار ظالم لشعب بأكمله في ليبيا دون أية مبررات قانونية أو أسباب منطقية، اللهم إلا استمرار ضرب القدرات العربية وتحطيم معنويات أبنائه حتى يستسلم ويرضخ ليقبل بكل املاءات إسرائيل، ألم تتصور الدول العربية طالما سمحت لقوى الهيمنة بوضع العراق تحت الوصاية الدولية، يمكن أن توضع أي دولة في العالم العربي تحت الوصاية وكما يقال (إذا سمح للذئب بدخول مزرعة الغنم سيأتي عليها واحدا تلو الآخر).
تاسعا: واختتم سرد الأحداث بالطامة الكبرى وما يحدث في فلسطين المغتصبة من سقوط الشهداء كل ما أشرقت شمس تنهمر دموع الأرامل حزنا على فراق عزيز، وكلما غربت تدك إسرائيل دون مقاومة بكل أسلحتها الثقيلة منازل الأبرياء دون وازع أو ضمير والعالم العربي يستمتع كل يوم بمشاهد قوافل الشهداء يحملها الآلاف إلى مثواها الأخير لا حول لهم ولا قوة والصمت العربي يترجمه الغرب بعدم المبالاة، طالما أن من يدعون بالأشقاء لا يأبهون بما يحدث غير اللهم بعض الاستنكار في حالة اجتماع القمم العربية، وإذا بنا نعيش في عصر يتحمل فيه الضحية مسئولية العنف
ويبقى القاتل المدجج بالسلاح يبحث عن الأمن وتردد مقولته كل دول العالم وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية لوقف العنف الفلسطيني وتطالب الدول العربية بالضغط على أبناء القتيل لأنهم تسببوا في ذلك ويحملونهم المسئولية، انه منطق الظالم الذي لا يجد له من يقف أمامه، يقابله منطق الضعف والانهزام والإحباط الذي يعيشه المواطن العربي.
ومن هنا أتساءل:
ماذا يعني مصطلح الأمن القومي العربي؟ .. هل ندرك معناه؟ .. وهل نعرف متطلباته؟.. هل نحن فعلا أمة واحدة تربطنا مصالح واضحة ومحددة؟.. هل نحن ندرك أن أي خطر يهدد أحدنا؟.. هو الخطر الذي يهدد الجميع؟.. هـل وظفنا قدراتنا الاقتصادية لخدمة مصالحنا المشتركة؟.. والتي بالتالي تتطلب إيجاد منظومة أمنية تدافع عن مصالحنا المشتركة وتحمي دولنا مما يهددنا من أخطار.. هل يكفي أننا نتحدث اللغة العربية فقط، سبيلا لتكتلنا، خمسون عاما أو أكثر لم تستطع لغتنا الجميلة أن تبعث فينا
العزيمة والإرادة، بل حتى لغتنا العربية بدأت تترنح تحت وطأة حركة التغيير والتطور.
إن القيادات العربية اليوم مدعوة إلى التفكير بعمق وموضوعية ورؤية جديدة تميز بين الشعار والعمل .. رؤية تدرك بأن الزمن أغلى شيء في عمر الأمم ولابد من استغلال الوقت كي لا تفوت الفرصة ويقع المحظور، فدول العالم في سباق محموم وتنافس رهيب وصراع اقتصادي بدأ يأخذ أشكال تكتلات اقتصادية دولية وتكتلات شركات عالمية لتكون لها القدرة على المنافسة وعلى البقاء في تأمين الحد الأدنى لشعوبها من عناصر الحياة والمدنية، فأين الأمة العربية من ذلك ، ولديها كنوز وخيرات وثروات لم تستثمر وتوظف في خدمة أبناء الأمة العربية. ولذا فإن القيادات العربية يجب أن تدرك أن الأخطار تحيط بها من كل جانب وأن وقوع إحدى الدول العربية تحت سيطرة العدوان لا يعني بأن بقية الدول العربية ستكون في مأمن، وأن سياسة العولمة ستجر على شعوب الأمة العربية مآسي وكوارث إذا لم يتحدد مفهوم جديد وروابط عميقة لأهمية العلاقات العربية والتزام واضح بين الدول العربية لبناء قاعدة جديدة تؤسس عليها مفاهيم جديدة أساسها العلاقات الاقتصادية لربط مصالح الشعوب العربية لتصل عندئذ إلى الشعور بمسئولية الأمن المشترك من أجل البقاء، عندها ستدرك القيادات العربية أهمية إيجاد منظومة أمنية تحمي مصالحها مما يهددها من قوانين وإجراءات قد تصل بعض الأحيان إلى فرض وصاية على أهم ثرواتها وهو البترول حيث تستطيع القوة المتحكمة اقتصاديا في العالم أن تفرض أوامرها على الدول المنتجة للبترول سعرا محددا أو تفرض مقاطعة على الدول التي لا تنصاع لقرارات أمريكا، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية على خطط
التنمية وما يعقبها من مشاكل اجتماعية تؤثر على الجبهة الداخلية للدول العربية، لتكن وقفة يتم فيها تحكيم العقل والرؤية والحكمة لإعادة النظر في مسيرة التضامن العربي الذي أصبح مجرد شعار خال من أية أسس واليات تدعم التمنيات وتحول قرارات مؤتمرات القمة إلى إجراءات عملية يكون لها نتائج مؤثرة على سير الأحداث.
ولذا فإن الأمر أصبح من الخطورة بحيث يتطلب أن تقوم الجامعة العربية فورا بإعداد استراتيجية العمل العربي المشترك لوضع أسس علمية مدروسة تستوعب مطالب الجماهير العربية على امتداد الوطن العربي من مشرقة إلى مغربه التي أدركت بوعي لا تنقصه الرؤية بأن الأمن العربي هو القاعدة الأساسية الركيزة الأولى الذي يجب أن ينطلق على أساسها التضامن العربي وتحدد به أسلوب العلاقات العربية وهو السياج الوحيد الذي سيحمي مستقبل الدول العربية ويحفظ لها سيادتها ويحمي ثرواتها ويجعل دول العالم تحترم قراراتها، وان ما ذكرته آنفا من أحداث مأساوية مرت على الأمة العربية كان من أهم أسباب التردي والهزائم المتلاحقة هو عدم وضوح الرؤية في عقيدة تؤمن بها كل الأنظمة العربية بأن وحدة المصير يحتم على الدول العربية؟ لا ملجأ لامتنا إلا من خلال تشكيل منظومة أمنية تهيئ لها كل أسباب النجاح من تنظيم وإعداد وتنسيق لتستطيع حماية حقوق الأمة العربية ومواجهة التحديات.
ومن أجل الوصول إلى ذلك الهدف الاستراتيجي يتطلب ما يلي:
أولا: إعادة صياغة ميثاق الجامعة العربية بحيث يتضمن بكل الوضوح ما يلى:
(1) احترام خصوصيات كل دولة عربية فلكل منها طبيعة وثقافة وعادات على امتداد التاريخ يجري في عروق أبنائها جيلا بعد جيل.
(2) تلتزم الوسائل الإعلامية لكافة الدول العربية بميثاق شرف يستهدف عدم التعريض بأية دولة شقيقة بالنقد أو بالتشهير لأي سبب من الأسباب.
(3) تلتزم الدول العربية وتؤمن بعقيدة راسخة بأن أمن أي دولة عربية هو من أمنها وكل ما يهدد أي دولة شقيقة سواء كان حصارا أو أي عمل مادي يمس أمن أي دولة يعتبر مساسا بأمن الدول العربية جميعا.
(4) تكلف القيادات العربية أمين عام الجامعة العربية باتخاذ الإجراءات التالية فورا:
أ – دعوة وزارة الدفاع ورؤساء الأركان لإعداد استراتيجية لإنشاء حلف دفاعي يضع في اعتباره المسئولية الأولى عن حماية كل قطر عربي عندما يتعرض أي منه للتهديد على أن تعرض هذه الاستراتيجية في أول اجتماع قمة عربي لإقرارها واعتماد الآليات التنفيذية لها وتأمين الالتزامات المالية.
ب – تكليف وزراء الخارجية لتقييم العلاقات العربية مع الولايات المتحدة الأمريكية على أساس مواقفها من مصالح الأمة العربية وكيفية وضع أسس مشتركة تجعل الولايات المتحدة تحترم إرادة الأمة العربية وحقوقها على أساس المعامـلة بالمثـل واتخاذ ما يتطلب من وسائل لبناء علاقة متوازنة تحترم كل الأطراف حقوق الطرف الآخر.
ج- دعوة وزراء الاقتصاد والمالية والنفط لإعداد خطة اقتصادية لبناء علاقة استراتيجية مع أوروبا وصولا بها إلى خلق شركات عملاقة مشتركة يتحقق بها مردود اقتصادي لصالح أوروبا والعالم العربي وأن العلاقات التاريخية بين العالم العربي وأوروبا وقربها الجغرافي من الوطن العربي يحتم علينا إعادة النظر في تعميق العلاقات الاقتصادية لتكون أوروبا الشريك الاستراتيجي للعالم العربي في القرن الواحد والعشرون.
د – إن انهيار الاتحاد السوفيتي ترتب عليه تأثير خطير في الموازين الدولية مما أدى إلى تحكم القطب الواحد ومن يتحكم في إدارته كالعدو الصهيوني الذي يرضع كل يوم من تعاليم التلمود ليوظف العالم كله في خدمة مصالحه وتحقيق أهدافه ولكم وقف الاتحاد السوفيتي مواقف تدعم الحق العربي وتساعده أيضا في تأمين احتياجاته من السلاح، فلقد كان الصديق عند الشدة واليوم فان روسيا الاتحادية تنظر بكل الترحاب
إلى الاستثمارات العربية وما يمكن أن يؤدي تزاوج القدرات المالية العربية والإمكانيات العلمية في روسيا من تحقيق مصالح مشتركة كما تضيف للامة العربية رصيدا قويا يعينها في أوقات الضرورة.
تلك أمنيات وخواطر صادقة مخلصة علها تصل إلى عقول أذن الله لها أن تعي ما يخبئه لنا المستقبل وقلوب تستوعب مشاعر أبناء الشعب العربي وتتعايش معهم ودعائي للبارئ أن تدرك قيادات الأمة العربية بأن الزمن ليس في صالحنا وأن النوايا العدوانية المبيتة تم تنفيذها وفق مخططات تعتمد أساسا على التشتيت العربي وعلى صراع الدول العربية بين بعضها على أدوارها شبه إقليمية كانت أم دولية وقدرات مالية مكدسة في وول ستريت، في نيويورك أكبر مركز مالي عالمي للصهاينة، وقرارات عربية مضي عليها أكثر من خمسين عاما تنتظر التنفيذ، وكان الله في عون امتنا.
كما تقدم المفكر العربى على محمد الشرفاء بوثيقة لإنقاذ الأمة العربية هذا نصها،،
لقد تشـرفت الأمة العربيه برسـالة انسانية سامية حملها إبـن مـن أعظم أبنائها وأشرفهم نسبا ومكانة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي حمل راية التوحيد ودعا لتحرير الإنسان من كافة أشكال العبودية واضعا أسسا لحياة متحضره راقية مبنية على قيم سماوية سامية أساسها العدل وآخرها الرحمة وبينهـما تعاليم أخلاقيـة متصلة بعضها ببعض لبناء المواطن الصالح وما قررته الرساله من نصوص واضحه وأوامر إلهيه لاتقبل الجدل في وضع أسس جليه من أجل حقوق الإنسان وتحريره من كل ما يعيق حركته في حياة كريمه سواءا في اختيار دينه أو اسلوب حياته بشرط الا يترتب على سلوكه إضـرارا بنفسه أو بغيره تلك مبــادئ السلوك الحضاري في طريقة التعامل بين الإنســان وأخيه الإنسـان حيث نرى في القــرآن الكريم ونعيش معـه في اكمــل صور الحوار وعظمته بين الخالق سبحانه وملائكته وبين الخــالق وعبـاده دون بطش أو مصادرة لرأي فهو يعلمنا ســبحانه كيف يكون الحـوار الذي يخاطـب العقل بالمنطق تارة وبالأمثال تارة أخرى ويقرب لنا النتائج من خلال العرض الرائع لأحداث من سبقنا من الأمم لنتجنب أخطاءهم حتى نأمن الطريق الذي نسير فيه ومن ذلك المنطلق فان الأمة العربية كانت سباقة لكل الأمم في طرح أسلوب الحوار الهادف طريقا لتحقيق مصلحة كل الأطــراف توفيرا للجـهد والمال والدم لموقف أكثر خطورة من خلافات وجهات نظر أو مشاكل حدود بين القادة العرب التي تكاد أن تنسف ماتبقى من روابط الاخوه وتقطع أواصر العروبه ورابطة المصير المشــترك وإعطاء صــورة حضــارية مستمدة من تعاليم ديننا الحنيــف وقيمه في التعامل فيما بينهـم حيث كل منهم يتقدم على صاحبه بمد يد المودة والســلام على أساس إتباع منهج محمد عليه الصـلاة والسلام تمشيا مـع الآية الكريمة ((ادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)) صدق الله العظيم (الايه 125 سورة النحل) .. والاية الكريمة ((ولاتستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)) صدق الله العظيم (الاية 34 سورة فصلت).
وأردت بهذه المقدمة كي تكون مدخلا لمناقشة الواقع العربي والأوضاع السياسية استعدادا لدخول القرن الواحد والعشرين وما يمثله من تحديات أخشى أن تقف الأمة العربية فيه موقفا يزيد من معاناة أبنائها ويضيف اليها مزيدا من الكوارث والاحباط حينما لن تقوى على مواجهة أعاصير التطور الاقتصادي الذي بدأ يتشكل منذ سنوات عديدة في كتل سياسية واقتصادية واجتماعيه لمواجهة القرن القادم.
وأين نحن من ذلك قرن ينسل من أمام أعيننا دون أن نستغل أوقاته فمرت أيامه غير نادمة علينا لأننا لم نستثمر طاقاتنا وإمكانياتنا كأمة واحدة ونقوم بتطوير علاقاتنا بعضنا ببعض لنحقق بها تكاملا يجمع عناصر القوة فيه ويوظف كافة الوسائل المتاحة لنتمكن من تحقيق الأمن القومي للأمة العربيه اقتصاديا وسياسيا ويحقق لكل مواطن العيش الكريم. بل كانت أيامنا معارك كلامية دون هدف ودون مصلحة أيا كانت وشعارات قوميه دون مضمون وعقيدة ومصطلحات وزعت ألقابا وصنفت شعوبا منها التقدمي ومنها الرجعي، ومنها المتخلف ومنها .. ومنها، فضاعت آمال بسطاء العرب أمثالي في كل مكان حيث كانوا يحلمون كل يوم بوحدة تصون عزتهم وتحقق أمنهم وتطور معيشتهم وتصد كيد أعدائهم وتحقق لهم في مجتمعاتهم مانصت عليه شريعة السماء من حقوق تحفظ لهم كرامتهم وتدافع عن قناعاتهم .
ونحن اليوم على أعتاب قرن جديد علينا أن نعود الى أسلوب الحوار المنطقي والهادئ الذي دعانا إليه رسول هذه الأمة حتى نستطيع أن نخرج من حالة التمزق والتشتت ونتحرر من الحلقة المفرغة والمفزعة. كيف ؟
أولا: المجال السياسي:
(1) لابد من وضع ميثاق جديد تتحدد فيه العلاقات العربيه بإسلوب واضح وملتزم مع تحديد صريح لواجبات كل دوله عربيه مما يضمن لها من حقوق ويستوجب عليها من التزامات في وقت السلم أو في وقت الاعتداء على أحدها من خارج المجموعة العربية.
(2) وضع إطار لإسلوب التعامل فيما بين الدول العربية على أساس الاتصال المباشر والحوار المستمر لإنهاء أي خلاف وأن تتم معالجته بالسـرعة التي تجعل الامـر محصـورا بيـن القـادة منعـا لأيـة تداعيات تنعكس سـلبا على الشعوب وتزيد من ابتعـاد هـذه الأمـة عن أهدافها ويساعد ذلك أعداءها على استغلال أية نقطة ضعف.
(3) تلتـزم الـدول العربيه بإجتماعـات منتظمة لمؤتمرات القمه في مكان مقر الجامعه العربيه ولايجوز تحت أية مبررات أو حجج أو طواريء تأجيل إجتماعات القمه حتى تثبت الدول العربية جدية اللقاءات وما ستسفر عنها من نتائج لها بالغ الاثر على مصلحة الامة العربيه.
(4) إعـادة النظر في قانون الجامعة العربيه لتفعيلها وإعادة هيكلتها بحيث تكون لديها القـدرة علـى تحمل مسـئوليات القرن القادم وما يتطلبه من مؤهلات وإمكانيات وسياسات تستوعب متطلباته كما يلي:
( أ ) تعيين الأمين العام للجامعة يكون دوريا حسب الحروف الأبجدية على أساس ثلاث سنوات فقط لا تجدد وتتاح الفرصة لأمين آخر بالتسلسل الأبجدي لتأخذ كل دولة عربية فرصتها بإسلوب يضمن عدالة التناوب للأمين العام.
ثانيا: المجال العسكري:
إنشـاء مجلس الأمـن القومي العربـي بحيث يشـكل مـن قادة القوات المسلحة في الدول العربيه وتتبعه أمانـة خاصة مقـرها في الجامعة العربيه حيث يتولى المجلس القومي التخطيط الإستراتيجي والعسكري بحيث يكون مسئولا عن تنفيذ مايلي:
(1) وضع النظم والإجراءات الكفيلة بتفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك والموقعة من قبل الدول العربيه كافة.
(2) تحقيق الاتصال بالقيادات العسكرية في الدول العربيه والقيام بالتنسيق فيما بينها.
(3) ترتيب التعاون بين القوات المسلحة في الدول العربيه مع بعضها البعض بواسطة اجراء المناورات السنوية ضمن برنامج معد لذلك لكي يتمكن كل فريق من التعرف على نوعية السلاح عند الفريق الآخر وتوحيد المصطلحات العسكرية الى حين يتم التوصل الى تحقيق وحدة كاملة في النظم والمعلومات والتواصل المستمر عن طريق تبادل الخبرات بين الدول العربيه وزيادة الكفاءات والقدرات القتاليه للقوات المشتركه وتنظيم الدورات التدريبيه في المدارس التعليميه للضباط وضباط الصف والجنود لرفع كفاءتها والنهوض بها.
(4) وضع الخطط اللازمة لاتخاذ أية إجراءات تتطلبها المصلحة القومية سواء كانت للدفاع عن دولة عربيه تعرضت للعدوان أو التدخل لمنع الاشتباك بين دولتين عربيتين حدث بينهما خلاف كاد أن يؤدي الى تصادم حتى نمنع مايحدث من كوارث كما حدث في القرن المنصرم.
(5) يتم تعيين أمانه عامه لمجلس الأمن القومي للقيام بالمسئوليات المشار إليها أعلاه وإعداد جدول أعمال إجتماعات المجلس وإعداد التقاريرعن نتائج أعمال المجلس لرفعها لمجلس الدفاع العربي لإعتماد القرارات والمصادقه على جدول زمني لتنفيذها.
(6) يتم تعيين أمين عام لمجلس الأمن القومي برتبة عالية ورفيعة وتقوم كل دولة بترشيح الامين العام حسب التسلسل الابجدي المعمول به في نظام الجامعه العربيه على ألا تتجاوز مدته ثلاث سنوات فقط وذلك يتيح لكل دولة عربيه أن يكون امين عام المجلس القومي مرشحا من قبلها بحيث تضمن العداله في توزيع المسئوليات دون استثناء دولة دون غيرها كما انه يتيح ذلك الاسلوب فرصه للأمه العربيه لإبراز الكفاءات والقدرات التي ستكون في خدمة المصلحه القوميه للامة العربيه.
ثالثا: المجال الاقتصادي:
إن الاسباب التي ادت الى تخلف اكثر الدول العربيه اقتصاديا ليس بسبب عدم توفر ثروات طبيعيه او نقص في العماله الفنيه ولكن السبب الحقيقي هو عدم توفر الموارد الماليه التي تستطيع بها استغلال ثرواتها الطبيعيه سواء كانت بتروليه او مواد خام مختلفه ولو تحققت لها الموارد الماليه لاستطاعت ان تستثمر مواردها وتحقق لشعوبها فرص العمل والعيش الكريم.
ولذا فإن المرحله القادمه تتطلب اجراءات فعاله ونظرة علميه موضوعيه في تفعيل امكانات الدول العربيه لتستفيد من ثرواتها وفوائضها الماليه لذا فانه يتطلب مايلي:
(1) إنشاء بنك عربي رأس ماله لا يقل عن خمسين مليار دولار تكون مهمته تصحيح الهياكل المالية في الدول العربيه وتطوير إمكانياتها الاقتصادية حتى تستطيع الخروج من الكبوة الاقتصادية على أساس خطة خمسية تأخذ في الاعتبار الدول التي لديها إمكانيات وثروات يمكن استثمارها وتحقيق مردود اقتصادي في وقت لا يزيد عن خمس سنوات، على أن يكون أداء البنك وسياسته التنفيذية تعتمد على الدراسات الاقتصادية حتى يستطيع معالجة الخلل المالي تباعا في الدول العربيه مما يعني بأن الأمة العربيه إذا استطاعت أن تضع الآليات العلمية العامه وتسخر فوائضها المالية في خدمة الاقتصاد العربي مما سيحقق لها مايلي:
(أ) ستكون الاستثمارات العربيه في مأمن من التجميد أو المصادرة او التلاعب كما حدث في أمثلة كثيرة الكل يعلمها حيث قامت الولايات المتحدة بتجميد أرصدة الجماهيرية الليبيه على سبيل المثال.
(ب) المردود المالي على الاستثمار العربي ستكون مضمونه الفوائد ستفوق ما تحصل عليه الاستثمارات العربيه في الدول الغربية من فوائد هزيله وأحيانا فقدان رأس المال في الاستثمارات الدوليه.
(ج) تملك الاستثمار العربي لمشاريع حقيقية منتجه وأسواقها موجودة في الدول العربيه ولو علمنا بأن الدول العربيه تستورد من الخارج سنويا ماقيمته اكثر من 65 بليون دولار في حقل الغذاء مثلا كان يمكن أن توجه تلك المبالغ للمنتج العربي وتكون عاملا في ازدهار المجتمعات العربيه المنتجه.
(د) تتحقق للدول العربيه التي تواجه صعوبات مالية في تمويل مواردها الطبيعية استفادة عظيمة في تطوير ثرواتها وتحقيق أهدافها في التنمية وتوفير فرص العمل مما يساعدها على الاستقرار والنمو ويمنع عنها الهزات السياسيه والانقلابات العسكريه مما يغنيها عن طلب المساعدات والهبات وتحفظ ماء الوجه وتنطلق لبناء المستقبل المشرق .
كما يتم إنشاء مكتب للدراسات الاقتصادية يتبع البنك للقيام بدراسة الأوضاع الاقتصادية وإعداد خطة عملية في كيفية استغلال الموارد الطبيعية في الدولة التي تقرر الموافقة على الدعم المالي لها وعلى سبيل المثال فان جمهورية السودان التي يتوفر فيها 200 مليون فدان قادرة أن تمد العالم العربي بالغذاء وتحقق له الأمن الغذائي يستطيع البنك المقترح إعداد مشروع طموح لاستغلال ذلك وما يمكن أن يعود على السودان من نتائج اقتصادية كفيله بحل مشاكله المالية وتوفير فرص للعمل قد تتجاوز عشرات الآلاف بحيث يتيح لأبناء السودان حل مشكلة البطالة ويحولهم الى طاقة منتجة. وهكذا يستطيع السودان أن يخرج من مشاكله الاقتصادية ويعتمد على نفسه وبنفس الأسلوب يتوجه البنك لدراسة اقتصاديات دولة أخرى والنهوض بثرواتها واستغلالها مما ينتج عن ذلك انه في غضون خمسة وعشرين عاما او يزيد قليلا أن تتعافى الدول العربيه من أزماتها الاقتصادية ولإستغلت ثرواتها الطبيعية التي تبحث عن التمويل المالي علاوة على المردود المالي الذي سيتحقق للأموال التي قام باستثمارها البنك المقترح.
رابعا: مواجهة العولمه الاقتصاديه:
نظرا للتطورات الاقتصاديه المتلاحقه في عصرنا الحاضر، وانتهاء صراعات ومواجهات معسكرات القوتين الشرقية والغربيه، فإن هذه التطورات والتغييرات قد فرضت اسلوبا جديدا في صراع البقاء، ألا وهو ما أسميه هنا بالصراع الاقتصادي، والذي اعتبره في رأيي المتواضع أشرس وأخطر أنواع الصراع في الحاضر والمستقبل، لان هذا الصراع سيكون متمثلا في صدام قدرات اقتصاديه وامكانيات تخطيطية، وأساليب تسويقيه، تعتمد اساسا على نوعية الانتاج والسعر المنافس وسرعة الحركة ومرونتها، والتكيف مع متطلبات السوق بكل الاخلاقيات والقيم الجديده التي تسوده في الوقت الحاضر وصولا الى هدف رئيسي وهو ضخ أكبر كميه من الانتاج الى اسواق جديدة، وأن ذلك الامر يتطلب تخطيطا بعيد المدى تشارك فيه جميع الفعاليات الاقتصاديه سواءا
كانت حكومية أو شبه حكوميه والقطاع الخاص، وذلك ببناء استراتيجية شامله تستهدف في النهاية زيادة الانتاج الذي من شأنه إتاحة الفرص لتشغيل اكبر عدد ممكن من أبناء الوطن العربي، وبالتالي يحقق مردوده على الاستقرار في الدولة، ويصبح الكل له دورفي تسييرعجلة التطور والتنمية مما يحد من ظاهرة البطالة المستفحلة.
إن اتفاقية (الجات) ستفتح مجالا واسعا من التنافس والغزو السلعي اللامحدود، لانها اعطت الحريه للسوق، والعرض والطلب هو اساس التعامل في النظام الدولي الجديد، فالقضيه لابد أن تؤخذ بمأخذ الجد، حيث ستكون السيادة للقوي في الساحه الاقتصاديه ويتراجع الضغيف، وتصبح الاسواق اسواقا استهلاكية، وما سيترتب عليه من أعباء خطيره منها ماسيسببه من تفشي داء البطاله وما يشكله من أعباء على الدوله، وبالتالي تضطر الدوله الى ان تضحي بأغلى ما عندها من مخزون استراتيجي وثروات طبيعية، فتبيعها مرغمة بأقل الأسعار حتى تتمكن من مواجهة مواقف عسيره لم تعد لها العدة من قبل، ويستمر التراجع والتخلف الاقتصادي الى مدى لايعلمه الا الله.
ومن هنا، يتضح بأنه لابد من وضع خطة مستقبليه تستوعب كافة الطاقات الاقتصاديه وتوظيفها توظيفا علميا سليما، وبنظرة شموليه وحياد الى كافة قطاعات المجتمع والذي في النهايه اما ان يكون مجتمعا فعالا كل له دوره في التنميه واما ان يتحول المجتمع الى طاقات معطله مبددة ويتراجع التفكير الشمولي ليصبح تفكيرا محدودا ضيقا يكون محيطه دائرة الفرد والاسرة فقط مما يؤدي الى تفتت الجهد المشترك لمواجهة متطلبات التطور وعندها تبدأ الكارثه.
فالغرب وغيرهم يبحثون عن مصالحهم مستخدمين كافة السبل والوسائل لتحقيقها ونحن من حقنا ايضا استخدام كافة السبل والوسائل بما نملك من ثروة وخبرة وعلم يجب ان تستثمر في تحقيق اهدافنا الوطنيه، فلسنا بأقل من الدول المتقدمه، ولكننا وللاسف الشديد انشغلنا في صراعات هامشيه وقضايا ثانوية لاتخدم مصالح شعوبنا ولا مصالح اوطاننا وانما في حقيقة الامر تكون نتيجة هذا كله ان تصب في مصالح القوى الاخرى، كما ان كافة المحاولات التي تبذلها الحكومات العربيه مع بعضها بعمل اتفاقيات ثنائيه تبقى في اطار التمنيات دون أن يكون لها تأثير فعال على الواقع، وانما هي اطار عام للتعاون يحتاج الى آلية ذات مصلحة تعود عليها من جراء جهدها ونتائج مادية ملموسة تدفعها دائما الى البحث عن اسس جديدة لزيادة مواردها وذلك يشكل حافزا مهما لها بالبحث الدؤوب عن اساليب مختلفه وخطوات متتابعة لتحقيق اهدافها في النمو وان مايخيفني مع معركة السلام ان تستطيع اسرائيل بمالها من كفاءات وقدرات في المناورة والتخطيط توظيف فائض الاموال العربيه لخدمة مصالحها مما يمكن لها السيطرة الاقتصادية كما كان لها السيطرة العسكرية في السابق، وستكون لها الامور ميسرة، حيث اننا لم نفق بعد، ولم ندرك اهمية التعاون والتنسيق في تشكيل مستقبل العالم العربي، حيث ستأخذ اشكالا مختلفه ووسائل في ظاهرها البراءة وفي باطنها السيطرة والاستغلال، لذا يتطلب الامر انشاء الشركة العربيه للتسويق كما يلي:
(1) يتم تشكيل الشركة برأس مال لا يقل عن 5 مليار دولار تساهم فيها الحكومات العربيه بنسبة 50% ورجال الأعمال في الدول العربيه بنسبة 50%.
(2) تكون مهمة الشركة كما يلي:
أ – تنمية التبادل التجاري بين الدول العربية.
ب- بحث امكانيات تأسيس المشروعات المشتركه في مختلف اوجه النشاط الاقتصادي وتسهيل تدفق الاموال العربيه.
ج- المساعدة في البحث عن اسواق جديدة لتصريف المنتجات المصنعه في الدول العربيه.
د- اعداد الدراسات وتوفير البيانات والمعلومات اللازمه والمتعلقة بالامور التجاريه والصناعية والزراعيه والاستثماريه.
ه- تذليل الصعوبات الناجمه عن انتقال البضائع بين الدول العربية.
و- دراسة فرص الاستثمار في الدول العربيه وتوجيه فوائض الاموال العربيه للإستثمار في مشاريع البنيه التحتيه على نظام (البوت) مما يحقق مردودا أعلى من مردود الاستثمار في خارج العالم العربي بالاضافه الى حل مشاكل البنيه التحتيه للدول العربيه.
(3) تشكيل مجلس إدارة يمثل القطاع الحكومي والقطاع الخاص لوضع خطة تهدف لتحقيق تلك الاهداف وان يتم انشاء اربعة فروع على أن يكون المركز الرئيسي مدينة جدة بالمملكه العربيه السعوديه وذلك لما لها من مكانة إقتصادية وجغرافية مرموقه تؤهلها لذلك والفروع الاخرى مقرها تونس في المغرب العربي / القاهرة/ بيروت في المشرق العربي / دبي في
مجلس التعاون الخليجي.
خامسا: مصداقية الشعارات العربية:
ضرورة خلق مناخ منطقي وعقلاني للتصالح مع أنفسنا وإزالة التناقضات التي يعيشها كل مواطن عربي في أي دولة عربيه وذلك ناتج مما تطرحه الدول العربيه في الاجتماعات الرسمية وأجهزة الإعلام المختلفة بالتأكيد الدائم على وحدة الأمة العربيه وأن مصيرها واحد ومستقبلها واحد واقتصادها يكمل بعضه البعض في حين يرى المواطن العربي في التطبيق العملي والمعايشة اليومية تناقضا خطيرا في السلوك والممارسات اليومية التي تتعامل من منطلق تشريعات وقوانين ولوائح كل دوله تؤكد مفهوم الاقليميه البشعه وتمارس التمييز العنصري بين العرب المقيمين في اية دولة عربيه مما يتناقض ذلك السلوك مع ماتعلنه الدول العربية وما نصت عليه دساتيرها بأنها جزء من الامه العربيه وان مايجمعنا وحدة مصير ووحدة لسان ووحدة جغرافيا ووحدة مصلحة والتأكيد بأن مضمون العروبة أمر يكاد أن يكون موجودا فقط في خيال الحالمين لدى بعض المواطنين العرب ومن هذا المنطلق فانه لابد لنا إذا أرادت الأمة العربيه أن تواجه القرن القادم وتستعد له كما استعدت أوروبا التي وضعت نصب أعينها أهدافا محدده وواضحة بأن الأمن المشترك ومصلحة التكامل الاقتصادي فيما بينها يعلو على كل الأنانيات الإقليمية الضيقة ويجعل منها إذا إتحدت وتكاتفت قوة مرهوبة الجانب يحسب لها ألف حساب واستطاعت ان تحقق لشعوبها استقرارا في المعيشة ونموا في الاقتصاد وتطورا في التنمية ذلك ما يتمناه كل عربي غيور على مستقبل أمته أن نصل الى ذلك المستوى ونجعل المصلحة القومية فوق كل الاعتبارات عندها يتحقق الأمن والاستقرار للجميع ونستطيع
بناء مستقبل مشرق للاجيال العربيه.
وما دام الامر كذلك وما دام كل منا يفكر بأنانية وبأقليمية لايرى غير نفسه ولا يعلم ما يدور حوله ولاينظر الى ما يحقق له مصلحة امته بضمير يقظ وادراك لمسئوليته القياديه وتقديرا سليما لمجريات الاحداث وما قد تعكسه سلبا على مصلحته فاننا لن نستطيع ان نتجاوز العقبات التي تحول بين تمنيات القيادات العربية والتي تؤكدها دائما الشعارات الرنانه وتصيغها بصيغ مختلفه لتوحي الينا بأننا امة واحدة وبينما هو واقع في الممارسات اليوميه التي تؤكد بكل القوة عدم الايمان بتلك الشعارات بل أن القوانين ذاتها تتعارض في موادها مع ماتطرحه الاجهزة الاعلاميه في العالم العربي من بيانات وشعارات العروبه والمصير المشترك مما يشكل نوعا من ازدواج الشخصيه وما يسمونه بالشيزوفرونيا الذي يحتاج الى علاج طويل كي نتعافى منه وآمل أن يتم الشفاء قبل فوات الأوان لاننا على مر التاريخ لم نعط اهميه للفرص التي مرت علينا فضاعت.
سادسا: السوق العربيه المشتركه:
لابد من وضع استراتيجية للسوق العربيه المشتركه، وذلك بإنشاء آليات يشترك فيها القطاع العام في الدول العربيه والقطاع الخاص لتحقيق حركة التجاره بين الدول العربيه واستغلال كافة الطاقات الماليه والفنيه والخبرات الاقتصاديه في إنشاء السوق العربيه المشتركه والتي يجب أن يتوفر لها مايلي:
(1) تشكيل مجلس ادارة السوق من وزراء الاقتصاد في العالم العربي ورؤساء الغرف التجاريه وأن تتقدم كل دولة بترشيح (3) من أهم شركات القطاع العام لديها و(3) من أهم شركات القطاع الخاص.
(2) تعيين أمانه عامه للسوق ويتم اختيار مركز السوق في امارة دبي بدولة الامارات العربيه المتحدة بحكم موقعها الجغرافي وبحكم ماوصلت اليه من تطور وتوفر الخبرات المتخصصه للتسويق والاتصالات بالاضافه الى انها اصبحت مركزا عالميا في المعارض الدوليه وتوفر البنيه التحتيه للتصدير الى مختلف دول العالم كما أن حكومة دبي وضعت اولوياتها للحركه الاقتصاديه وانفتاحها على العالم مقدمه كل الدعم والمسانده اللا محدوده لتطوير مكانتها الاقتصاديه العالميه.
(3) يجتمع مجلس ادارة السوق كل 3 شهور لاعداد كافة التنظيمات واللوائح.
(4) التنسيق بين كافة الشركات الملاحيه ووسائل النقل الأخرى لتوظيفها في خدمة الحركة الاقتصاديه والتسويقيه بين الدول العربيه.
(5) متابعة المسئولين في الدول العربيه بشأن وضع الاتفاقيه الاقتصاديه الموقعه بين الدول العربيه موضع التنفيذ.
(6) تذليل كافة العقبات لمرور البضائع بين الدول العربيه.
(7) توظيف خطوط الائتمانات الماليه المعتمده من قبل صندوق النقد العربي في تغطية التجاره البينيه وتشغيلها بين الدول العربيه.
(8) عرض تقرير كل ستة شهور على مجلس السوق المشتركه لشرح ما وصلت اليه انجازات السوق العربيه المشتركه وطرح المشاكل والعقبات لاتخاذ قرارات عمليه من أجل حلها.
(9) وضع انظمه وقوانين لاعطاء الضمانات الكافيه للمستثمرين العرب.
وخلاصة القول وحتى نستطيع أن نكون في موقف القدرة للاستعداد لدخول القرن الجديد على الدول والقيادات العربيه مسئولية تاريخية أمام شعوبها التي تشتت وتخلفت وضاعت ثرواتها دون طائل وتردت في بعض الدول أوضاعها الاقتصادية وهي تعيش على أراضي حباها الله من كل الخيرات ومع الأسف فإنها ترى ثرواتها تلك تضيع أمام أعينها دون أن توظف في خدمة اوطانهم لتحقق لهم بها العيش الكريم. ومن أجل مستقبل مشرق لأبناء الأمة العربيه ومن أجل إنعاش الطاقات المبعثرة وتوظيفها في خدمة المشروع القومي على مستوى العالم العربي وصولا به الى تحقيق القدرة على مواجهة قرن جديد لا نعلم ما يخفيه لنا القدر حيث امرنا الخالق سبحانه بالاستعداد دائما والتخطيط لكل أمر وعليه فان ذلك يتطلب إعداد منهاج عمل عربي مشترك لمواجهة أعباء ومتطلبات القرن القادم وذلك كما يلي:
سابعا: المشروع القومي:
(1) تشكيل فريق عمل من وزراء التربية والاقتصاد والشئون الاجتماعية والإعلام والخارجية ووزراء العدل يشترك معهم ثلاثة من أعضاء البرلمانات العربيه من كل قطر يتولى اعداد إستراتيجية ترقى الى تصور مشروع قومي للامه العربيه تتحد فيه المعالم التالية:
إعداد مشروع أساسي جديد للعلاقات بين الدول العربيه وأساليب الاتصال فيما بينها لتحقيق وحدة في الموقف السياسي وترسيخ مفهوم وحدة الأمة ومصيرها المشترك.
(2) إعداد مشروع وثيقة شرف تلتزم بها الدول العربيه وتضع اسلوبا جديدا للعلاقات السياسية بين الدول العربية وتحديد طرق الاتصال فيما بينها لتحقيق وحدة الموقف السياسي وترسيخ مضمون وحدة الامة العربية والمصير المشترك ومن ذلك استحداث اليات جديدة منها شبكة إتصالات خاصه تمكن الزعماء العرب من الاتصال المباشر وتبادل وجهات النظر في أي موقف طاريء لمنع مضاعفاته وماقد ينتج عنه من فتنه او الاتفاق على موقف موحد يخدم مصلحة الامه العربيه.
(3) تحرير المواطن العربي من الخوف والقلق ليكون آمنا على حياته وعرضه ورزقه فلا يباغت ليلا بتوقيفه او مصادرة أمواله أو تقييد حريته الا بناءا على جريمه ارتكبها وحكم صادر بحقه من المحاكم المختصه، ووضع كافة الضوابط القانونيه لحمايته والمحافظه على كرامته وحماية حقوقه في حرية التعبير دون اعتداء منه على دين او انسان او التحريض على عمل سلبي يضر بالمجتمع فله كل الحق بعد ذلك ان يعبر عن قناعاته ويقدم النصيحه المخلصه لخدمة الوطن وينبه للاخطاء والاخطار التي تهدد امن مجتمعه وان هذا السلوك هو تشريع سماوي تؤكد عليه الايات القرآنيه ومنها على سبيل المثال قوله تعالى ((ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)) صدق الله العظيم وبذلك السلوك يستطيع المجتمع أن يعالج الاخطاء فور حدوثها ويتجنب مضاعفاتها ليستمر المخلصون في ابراز اوجه النقص لتلافيه وحينها تستطيع المجتمعات العربيه أن تقٌوم نفسها وتصحح اخطاءها وحين ينتشر الامن والامان فسنجد الكفاءات المخلصه
والمواطنين الصالحين يتقدمون الصفوف في بذل التضحيه وتقديم الحلول العمليه لمعالجة ما يطرأ من مشاكل اجتماعيه والتي تعتمد اساسا على بناء قاعدة العدل في كل الامور وعندئذ لن ترى بائسا محبطا يندب حظه من عدم الحصول على حقه في السكن أو مواطن يبحث عن قوت لاطفاله او عمل يتكسب منه واذا استطاعت الانظمه وضع قوانين الضمان الاجتماعي حينها نستطيع ان نرى المواطن يقدم كل ما لديه في خدمة مجتمعه ويضحي بكل ما يملك من وقت ومال وجهد وحتى الزود بالروح عن الوطن الذي اعطاه الامان واحتضنه في حمايته وضمن له عيشا كريما له ولاسرته واحترم قناعاته وسهل له وسائل التعبير عن رأيه فاستحق ذلك الوطن بجداره كل الولاء وكل التضحيات.
(4) تتولى اللجنة إعداد مشروع قرار بإلغاء التأشيرات بين الدول العربيه وذلك لكي يتفق مع ما تصرح به الدول العربيه ولكي تؤمن بما تعلنه ولكي تكون صادقه بما نعتقده بأننا أمه عربيه واحدة ومصيرنا واحد ومستقبلنا واحد، وما يحققه ذلك من نتائج مهمة في تأكيد مضمون الوحدة العربيه وتبادل المصالح بين شعوبها وإمكانية انتقال العمالة العربيه الفائضة الى الدول العربيه التي تفتقر للعمالة بحيث سيساعد على تنشيط الحركة الاقتصادية بالإضافة الى ما يمكن أن يتحقق من جراء ذلك من المحافظةعلى عروبة بعض الدول التي أصبحت نسبة العمالة الأجنبية الغيرعربيه تشكل خطورة على أمنها القومي وعلى عروبتها وثقافتها.
(5) أن تلتزم القيادات العربية التزاما قاطعا وصادقا ومخلصا بعدم اتخاذ مواقف في السياسة الخارجية منفردة وما جره ذلك السلوك على الأمة العربيه وأعاق تحقيق أهدافها القومية وضاعف من تشردها وتمزقها ومن هنا فإن ذلك الموقف يفرض نفسه بشده على تحقيق مبدأ التشاور بين الدول العربيه ويكون للجامعة العربيه دور إيجابي في تحقيق التنسيق وسرعة الاتصال بعد إعادة تنظيمها وتعديل قوانينها ولوائحها التنظيمية لتكون مؤهله لتحمل مسئولية القرن الجديد وما يتطلبه من حشد الطاقات وتوظيفها في خدمة الأهداف القومية.
ثامنا: الخلافات العربيه:
(1) إن من أهم أسباب الخلاف بين الدول العربية القضايا الحدودية وهي من أهم التركات التي تركها لنا الاستعمار قبل خروجه من الوطن العربي والتي تسببت في بعض الأحيان الى حروب مدمرة وضياع فرص في التقدم والتعاون حينما نقوم بإحراق ثرواتنا في تلك المعارك وتقطيع أواصل الرحم فيما بيننا وكائننا بالرغم من مرور أربعة عشر قرنا والنور الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم لم يفلح في أن نغير من أسلوب التعامل فيما بيننا حتى ظلت عقلية داحس والغبراء وحرب البسوس مازالت تعشعش في عقولنا وتؤكدها تصرفاتنا وممارساتنا اليوميه في التعامل مع بعضنا ولحل تلك المعضله لابد وان يتطلب مايلي:
( أ ) تشكيل محكمه عدل عربيه يتم اختيار إحدى الدول العربيه مقرا لها ويختار القضاة على أساس أن ترشح كل دولة عربيه قاضيا ويتم تعيين خمسة قضاه للمحكمة بواسطة القرعة حيث تجرى بين الأعضاء المرشحون على أن يعاد الترشيح كل خمس سنوات.
() تنظر المحكمة في كل القضايا الخلافية بين الدول العربيه المعنية وترفع حكمها الى مجلس الجامعة للمصادقة عليه حيث يكون ملزما لكل الاطراف وتلتزم الدول العربيه بتطبيقه فورا.
(2) دعوة كافة القيادات العربية وعلى كل المستويات الى وقفة صريحة وأمينه مع النفس والضمير لتناقش سؤالا واحدا الى أين نحن ذاهبون؟ ثم نلتفت الى الوراء خمسون سنة فقط من عمر الجامعة العربية ما هي حصيلة نصف قرن. أدعو الله أن يعين القيادات السياسية إلى أن نستطيع الإجابة قبل فوات الأوان. حينها لن ينفع الندم وفلسطين تعيش في قلوبنا مثلا حيا يدمى القلوب وتذرف العيون دما بدل الدموع. حتى لا تتكرر مأساة أخرى والسبب لأننا لا نقوم بعملية تقييم ما جرى ونتعرف على أسبابه حتى نستطيع أن نتجنبه في المستقبل. تماما كما حدث أثناء غزو العراق للكويت فقدت الكويت حينها استقلالها واحتلت أرضها لأشهر معدودة وفي المقابل فقدت العراق سيادتها اكثر من 9 سنوات وفقدت عتادها الذي كان يمكن أن يكون قوة للأمة العربيه وفقدت مئات الآلاف من أبنائها ولازالت تحت الوصاية هل كلف مؤتمر القمة العربي بعد هذه المأساة مجموعة عمل متخصصة تبحث بحيادية وبضمير لا يعرف غير الله رقيبا عليه ومصلحة الأمة العربية هي فوق كل الاعتبارات بحيث نعرف أسباب المشكلة وكيف نستطيع الخروج منها وكيف نمنعها أن تتكرر مرة ثانية دون محاباة لاحد او خشية من بطش ويكون اساس ذلك الدراسه الموضوعيه على اساس ان كليهما اخوة لنا فلا نفرط في احد منهم وذلك تطبيقا لشرع الله ومانص عليه القرآن الكريم بقوله تعالى ((وان طائفتان من المؤمنين إقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفىء الى امر الله فإن فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين انما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين اخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون)) صدق الله العظيم .
لماذا لاتكون هذه الايه قاعدة اساسيه تلتزم بها الجامعه العربيه وتحترمها الدول العربيه التي أقرت في دساتيرها أن دين الدوله الرسمي هو الاسلام مما يعني ذلك بأن الدوله ملتزمه التزاما كاملا امام ابناء شعبها بتطبيق شرع الله فيما يحقق المصلحه العليا لابناء الامه العربيه المسلمه.
تلك خواطر وأماني موطن يعيش هموم أمته ويتألم لما آلت إليه علاقاتها من خلافات لا تجد طريقا لحلها وردود الفعل تعمق العزلة بينها ولو اتخذنا الحوار طريقا وحيدا لمراجعة مواقفنا وتصحيح الأخطاء لن نصل الى ما وصلنا إليه من أوضاع لا نحسد عليها. فليكن الحوار المخلص سبيلنا لمعالجة ما يستجد من أمور والمصارحة طريقنا في مواجهة ما يطرأ من مشاكل والإخلاص سلوكنا في النصيحة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنه وبأننا بإذن الله قادرون على تجاوز محنة الفرقة إذا استعادت القلوب صفاءها وتمسكنا بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) فليكن ذلك شعار المرحلة القادمة وعندها ستتحقق كل الأهداف وتتصافح الأيادي وتلتقي القلوب على المحبة والمودة والله قادر على أن يعيننا على ما ابتلانا به وهو السميع الخبير.