تحذير للقيادات الفلسطينية من إهدار الفرص وضياع القضية.. رؤية جديدة للشرفاء الحمادي
الكاتب باحث ومفكر، مهتم بالشأن العام العربي والإسلامي وله العديد من المؤلفات والأبحاث المرموقة
الملخص
قال المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، إن الفرقة والخلاف التاريخي بين القيادات الفلسطينية هي السبب الأول في ضياع أرض فلسطين التاريخية وقتل وتشريد شعبها على يد الاحتلال الصهيوني، وذلك منذ قرار الأمم المتحدة رقم (181) القاضي بتقسيم الأراضي الفلسطينية على دولتين (عربية ويهودية)، وكان غياب تمثيل فلسطين بسبب الاختلاف والصراع بينهم على من يمثلهم في التفاوض من أهم الأسباب التي أدت لضياع الحقوق، واستأثر الصهاينة بالأمر، واستغلوا الفرصة في بناء المستوطنات وتسكين اليهود المشردين من أوروبا والعالم، وضاعت أرض فلسطين التاريخية، بسبب الصراع الداخلي الذي مكن الإسرائيليين من تنفيذ مخططهم الإجرامي.
ويؤكد الشرفاء الحمادي أن استمرار الخلاف والصراع سيضيع القضية ويقوض فرص إعادة الحقوق، ويدفع الشعب المغلوب على أمره وحده الثمن، إذ يقتلون ويسحقون تحت أنقاض العمارات من خلال استهداف وإجرام صهيوني ممنهج، في المقابل يبقي القادة المتناحرون المختلفون، يعيشون مترفين مع أبنائهم في قطر آمنين على أرواحهم، مستمتعين بحياتهم محافظين على ثرواتهم فلا يهمهم عشرات الألوف من الأبرياء القتلى.. إلى تفاصيل المقال.
التفاصيل
غياب التمثيل
منذ أن رفضت بعض القوى الفلسطينية وبعض الزعامات العربية قرار الأمم المتحدة رقم (181) القاضي بتقسيم الأراضي الفلسطينية الذي نص على أن تنشأ في فلسطين (دولة يهودية) (ودولة عربية) ونتيجة لعدم وجود من يمثل الشعب الفلسطيني في تلك الفترة ليتخذ القرار بما يحقق الحد الأدنى لحقوق الشعب الفلسطيني ضاع حق الشعب الفلسطيني واستغل اليهود غياب من يمثل الطرف العربي.
الفرص الضائعة
مع تقادم الزمن على تلك الفرصة التاريخية قامت إسرائيل بترسيخ الدولة الصهيونية في حالة غياب تام من تمثيل الشعب العربي الفلسطيني، وانقسم الفلسطينيون فيما بينهم وتشتت شملهم ونشأت قيادات متعددة، كل يدعي أنه يمثل الشعب الفلسطيني.
توحيد الجبهات
هنا استغلت الدولة الإسرائيلية فرصة عدم وجود جهة واحدة تمثل الشعب الفلسطيني، وكانت محاولة جمهورية مصر العربية في أثناء رئاسة جمال عبد الناصر للجمهورية العربية المتحدة أن استطاع إقناع الدول العربية في مؤتمر القمة العربي الذي انعقد في القاهرة سنة 1970م بتوحيد الجبهات الفلسطينية تحت راية واحدة تمت تسميتها منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني.
انقسام وفرقة (أهداف مختلفة)
مع ذلك ظلت بعض الجبهات تتحرك باسم القضية الفلسطينية بمفردها لأن منظمة فتح استأثرت بالقيادة وحدها، وتسبب ذلك في صراعات بين المنظمات الفلسطينية، ونشأت منظمات عدة لا يجمع بينها هدف مشترك ولا يعنيها حقوق الشعب الفلسطيني للمحافظة على وطنه وحماية حقوقه السيادية فوق أرضه والدفاع عن حق الشعب الفلسطيني، ولم تضع مصلحة الشعب الفلسطيني فوق كل الاعتبارات، وأصبحت لبعض المنظمات انتماءات مستقلة مع دول عربية تسير في ركابها دون إدراك أهمية وحدة القضية والتفاني في التلاحم من أجل الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
تغليب المصالح والأنانية
غلبت المصالح الشخصية والأنانيات على بعض القيادات مما أفقدهم وحدة الصف لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ولم يستفيدوا مما مر عليهم من عبر ومحاولة تصفية القيادات وما وقع من اجتياح على لبنان لطرد قيادات المنظمة منها سنة 1982م، وتم انتقال منظمة التحرير وقياداتها إلى الجمهورية التونسية، ونسوا ما قام به شارون القائد الإسرائيلي من مجازر وسفك للدماء، ولم تستدعِ تلك الجرائم الضمير الوطني الفلسطيني ليضع القادة المصلحة الوطنية فوق المصالح الشخصية والتنازع على السلطة والمكاسب القيادية (ورجعت حليمة إلى عادتها القديمة) الفلسطينية حتى وصل الأمر بين المنظمات الكبرى حماس وفتح معارك دامية في غزة سفكت فيها دماء الأبرياء قربانا للهيكل ليتحقق الهدف المقدس لليهود.
خلافات وانقسامات = (بناء مستوطنات)
لقد أتاحت تلك الخلافات وانشغال القيادات الفلسطينية فيما بينهم لتقاسم التركات الفرصة لإسرائيل أن تبني كل يوم مستوطنة جديدة للمطرودين من أوروبا، وأصحاب الأرض مشغولون بأنفسهم.
تداعيات قرار 7 أكتوبر
بالرغم من اتخاذ منظمة حماس قرارا منفردا في 7 أكتوبر 2023م، فباغتت بالهجوم على الدولة الإسرائيلية دون تنسيق مع السلطة الفلسطينية لتكون الواجهة السياسية لتوظيف الحدث العسكري لصالح حق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته فتسببت حماس باتخاذها قرارا عسكريا منفردا في قيام إسرائيل بقتل عشرات الألوف من الأبرياء أطفالا ونساء وعجائز واستباحت كل المحرمات وهدمت العمارات على رؤوس الآمنين ومات الألوف تحت الأنقاض.
تنسيق وتعاون لمواجهة التداعيات
فهل كان قرار قيادة حماس هذا يتناسب مع النتائج الكارثية التي باتت تهدد تصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد؟ ويبرز سؤال آخر يحتار فيه العقلاء كيف سيتجاوز الشعب الفلسطيني آثار الدمار؟ وكيف يستطيع استعادة الخسائر وتعويضها؟ وهل ستستفيد القيادات الفلسطينية من تلك المآسي المروعة ليرتفعوا فوق كل الخلافات والأنانيات والمطامع الشخصية التي يسعى كل منهم للسلطة والمصلحة الخاصة احتراما للدماء التي سالت بغزارة لتروي أرض غزة دون هدف ودون تقييم للنتائج واحتساب الخسائر اللهم إلا أن يتناقل الناس وأجهزة الإعلام اسم منظمة حماس وتردده القنوات العالمية والعربية لإشباع الذات التي تضخمت.
أين مصلحة شعب فلسطين؟
أين مصلحة الشعب الفلسطيني التي لم يعودوا يرونها، والقيادات يعيشون مترفين مع أبنائهم في قطر آمنين على أرواحهم مستمتعين بحياتهم محافظين على ثرواتهم، فلا يهمهم عشرات الألوف من الأبرياء الذين يقتلون ويسحقون تحت أنقاض العمارات؟ ألم يحن الوقت أن تكفر القيادات الفلسطينية عن أخطائها والعودة إلى وحدة الصف والاعتصام بحبل الله في وحدة وأن يندموا ويتوبوا عن مواقف أجرمت في حقوق الشعب الفلسطيني؟
تجاوز الخلافات والوحدة
كيف يستطيعون تجاوز تلك الخلافات والعداوات ليتمكنوا من الاتفاق على المطالبة من مؤتمر القمة العربي بتطبيق المبادرة العربية ومطالبة مجلس الأمن باحترام وتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني.
من يمثل الشعب الفلسطيني؟
فمن يا ترى سيتولى تمثيل الشعب الفلسطيني في المفاوضات الدولية لتنفيذ متطلبات مشروع حل الدولتين؟ حيث إنه حتى هذه اللحظة لا توجد جهة واحدة تمثل الشعب الفلسطيني لإعداد الآليات وتوزيع المسؤوليات للحكومة التي ستتولى قيادته وتقوم بالتفاوض عنه ولديها الصلاحيات الكاملة في اتخاذ القرارات التي تحافظ على حقوق الشعب الفلسطيني خلال المفاوضات لتنفيذ قرارات الدولتين وتحديد الحدود الجغرافية للدولة الفلسطينية التي اتفق عليها المجتمع الدولي والعالم العربي.
التمثيل وضياع القضية
وإذا لم يتم تشكيل حكومة مؤقتة تمثل الشعب الفلسطيني في فترة انتقالية تنتهي مهمتها بالوصول إلى اتفاق نهائي تحت رعاية دولية وضمان مجلس الأمن بقيام الدولة الفلسطينية فسوف يعطي لإسرائيل مبررات منطقية لإنهاء القضية الفلسطينية نتيجة عدم وجود من يمثل الشعب الفلسطيني، وتكرر مرة أخرى مأساة عدم الموافقة على قرار التقسيم نوفمبر سنة (48) وتنتهي قضية الحقوق الفلسطينية إلى، الأبد والسبب عدم توافق القيادات بسبب ارتباطاتها الخارجية وولاءاتها للغير وستكون السبب في ضياع حقوق الشعب الفلسطيني.
القضية الفلسطينية بين المصالحة وضياع الفرصة
وقبل أن يتحقق الأمل في مشروع قيام الدولتين أخشى ضياع الفرصة على الشعب الفلسطيني كما ضاعت فرصة التقسيم التي كان من الممكن أن تنشئ دولة فلسطين قوية متكاملة المؤسسات وعضوا فاعلا في الجامعة العربية والأمم المتحدة، وتحذيري إذا لم يتم عقد اجتماع فوري في مصر بين السلطة الفلسطينية وكافة المنظمات الفلسطينية ويتعاهدون على توحيد الصفوف وتحديد الوزارات وتوزيع المسؤوليات ليتم تشكيل حكومة مؤقتة دون إقصاء أي طرف من المنظمات لكي تتولى في المرحلة الانتقالية تهيئة الظروف والدخول في مفاوضات بدعم القيادات العربية مع مجلس الأمن والدول العربية وأمريكا وإسرائيل لوضع ترتيبات قيام الدولة الفلسطينية على أساس الدولتين ووضع قواعد لتحقيق السلام بين إسرائيل والـدولة الفلسطينية وإذا لم يتحقق ذلك فلينسَ الفلسطينيون قضيتهم وليبحثوا عن أماكن أخرى تؤويهم أو ليرضوا بحكم إسرائيل عليهم أذلاء لسلطتهم لا مستقبل لهم ولا هوية فقد تسببوا في ضياع وطنهم وإنهاء قضيتهم بأيديهم، وحينها سيتردد صوت في الفضاء يقول لهم: لا تلوموا الأقدار ولوموا أنفسكم فقد أغرتكم مصالحكم الشخصية وضيعتكم أنانية السلطة وكل منكم كان يسعى للسلطة فجعلتم من الشعب الفلسطيني وأطفاله الذين يذبحون ونسائه اللائي يستبحن وعجائزهم الذين يقتلون قرابين في سبيل طموحاتكم وأنانيتكم ومصالحكم الضيقة فذوقوا اليوم ما كنتم تعملون.