المفكر العربي علي محمد الشرفاء يكتب: الطريق إلى الله
الرجوع إلى الله يعني الرجوع إلى الحق والفضيلة والرحمة والعدل والإحسان، وعدم الاعتداء على أرواح الناس وحرماتهم، ودعوة الله للناس للتعاون والتكافل، وليس ما شوههه الفقهاء وكتب الروايات.
لأن الأوامر الإلهية والعظات الربانية واتّباع الأخلاق الفاضلة، والقيم القرآنية في القرآن لا تحتاج إلى تفسير وتحوير، فكلمات الله واضحة تدعو كلها لخير الإنسان واستقراره وأمنه، ليعيش حياة كريمة في أمن وسلام.
ذلك هو الرجوع إلى الله، وهذا معنى قوله سبحانه: «اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ» (الأعراف : 3).
ومعنى قوله سبحانه: «وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» (السجدة: 21)، يرجعون إلى الله..
الرجوع إلى الله بالالتزام بالعبادات
لا طغيان ولا ظلم ولا عدوان ولا استعلاء على الناس، ملتزمين بالعبادات من صلاة وزكاة وصيام وحج بيت الله، يؤدون صدقاتهم وزكاتهم للفقراء والمساكين، فهم شركاء مع الأغنياء فى أرباحهم بنسبة عشرون في المائة من الأرباح.
ويعملون في سبيل الخير ويتراحمون فيما بينهم، يساعد كلٌ أخيه بمد يده للعون لكل محتاج، يحترمون حق الحياة المقدس لكل إنسان، يحترمون حرية العقيدة، فلا وصاية على العباد، ولا يتبعون فقيهًا أو شيخًا، فكلهم يؤثر فيهم الهوى والنفس الأمّارة بالسوء.
بل يتّبعون كتاب الله الذي أنزله قرآنًا عربيًا لا ألغاز فيه حتى تحتاج إلى تفسير، إنما تم توظيف التفاسير والروايات للابتعاد عن كتاب الله، وأصابتهم الفتن وتدمير المدن والتفرّق طوائفًا يقاتلون بعضهم البعض، وانتشرت بينهم الفتن منذ أربعة عشر قرنًا إلى اليوم، لأنهم عصوا أوامر الله في قوله سبحانه: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ» (آل عمران: 103).
تحذير من الله
ولم يبالوا بتحذيره لهم بقوله: «وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ» ( الأنفال: 46).
فأرسل عليهم من يسومهم سوء العذاب، ويحتل أراضيهم، وينهب ثرواتهم، ويستعبد أبناءهم.. فارجعوا إلى الله ليرحم عباده وتوبوا عما أجرمتم في حق الإنسان، وعودوا إلى رشدكم فكم من الأمم السابقة أنزل الله عليهم العذاب لماذا؟!
لأنهم ظلموا واستكبروا في الأرض، وغرتهم قوتهم، واستعلوا على الناس بأموالهم، فجاءهم أمر الله من حيث لا يحتسبون.
وحينما يذكر القرآن العقاب الإلهي على الأمم الظالمة؛ فذلك ليعتبر الناس بأن قدرة الله فوق قدرتهم، وعقابه لا يرحم الظالمين، حيث يقول سبحانه: «وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا» (الكهف: 59).
فالله يمهل عباده لعلهم يرجعون، ويتجنبون عذابه ويستغفرون ربهم ليتوب عليهم ليرفع عنهم غضبه فقد حذَّر وأنذر.