المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي يكتب عن العناية الإلهية ودولة الإمارات

في زحمة الأحداث المتلاحقة التي تعيشها أمتنا العربية.. تتراكم غيوم ملبدة بالسواد في سماء الوطن العربي, تكاد تحجب عن المواطن العربي حقيقة ما يجري في وطنه العربي, وتجعله يخشى على حلمه الضياع في أن يحقق لأمته واقعا أعز وأكرم وسط هجمة إعلامية شرسة تحاول تشكيل العقل العربي ليتخذ مواقف تتفق ومواقف الصهاينة في استمرار استباحة بعض الدول العربية.

والقيادة دور تاريخي, ومسؤولية تاريخية تأخذ بيد الشعوب إلى طريق التقدم, ومسيرة التطور, وترفع من شأنها لتلحق بركب الأمم وتساهم معها في بناء حاضرة الإنسان وصياغة مستقبله وحماية أمن وطنه واستقراره.

ولقد شاءت العناية الإلهية أن تسند دور القيادة في “دولة الإمارات” لرجل عشق الصحراء وصفاءها, وأحب فيها ضوء الشمس الساطع فأكسبه ذلك وضوح رؤية ومضاء العزم.

وحمل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان, مؤسس ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة – رحمه الله – على كاهله مسؤولية توحيد الإمارات في واحدة راسخة البنيان تمد يدها بكل الخير للأشقاء والأصدقاء والجيران من أجل أن يعم السلام منطقة الخليج.

وبعزمه وإيمانه وفقه الله في قيام دولة الإمارات العربية المتحدة التي أصبح لها مكانة مرموقة بين دول العالم وكلمة مسموعة عند الشقيق والصديق تتمتع بالاحترام والتقدير, لأنه – رحمه الله – كان يحمل راية الحوار من أجل السلام وتحقيق الاستقرار والأمان للجميع لتستطيع الدول وضع آليات تبادل المصالح والمنافع مما يزيد في تقوية العلاقات فيما بينهم.

ولقد حدد – رحمه الله – ثلاثة أهداف تطوي بها المنطقة مرحلة الماضي ببؤسه ومعاناته لتنطلق إلى آفاق المستقبل الرحبة, وهي:

– تطوير المنطقة بالبنية التحتية وإقامة المصانع وبناء المدارس والجامعات.

– تحقيق الرفاهية للمواطن من مسكن كريم ومجتمع يتوفر لديه الاكتفاء الذاتي.

– بناء الإنسان القادر على تحمل المسؤولية وبناء قوات مسلحة للدفاع عن الوطن حماية لأرضه ومنجزاته وتطوير أجهزة الأمن والشرطة.

وانطلاقا من تلك الفلسفة كانت مواقفه الإنسانية المتتالية تأكيدا لرؤية مبدئية أساسية هي أن الإنسان هو أعظم استثمار لأية دولة تتطلع إلى الازدهار والتقدم, فأسس لبناء دولة الإمارات العربية المتحدة دولة ذات سياسة محددة المعالم تمد اليد للجميع من أجل التعاون البناء على أسس من الاحترام المتبادل دون أدنى مساس بالسيادة الوطنية.

وبذل كافة الطاقات في دعم العالم العربي وتأكيد وحدته, إيمانا بأن قوة العرب في وحدتهم.. ومناصرة حقوق الإنسان في أي مكان في العالم, وتأييد حرية الشعوب.

ولقد استطاع انطلاقا من تلك الفلسفة, أن يقيم علاقات متوازنة مع جميع الدول الشقيقة والصديقة, في عالم يحكمه الصراع وتتجاذبه العقائد المتناقضة, وبذلك حفظ البلاد من مخاطر الاحتواء والصراعات الدولية, ليصل بها دائما إلى بر الأمان والسلام والاستقرار والازدهار.

وإن إيمانه برسالة الإسلام وملاءمتها لكل زمان ومكان تأخذ حيزا كبيرا من فكره وجهده, فهو يعمل جاهدا على أن تأخذ الشريعة الإسلامية مكانتها بوصفها منهجا إلهيا وقانونا وسلوكا عاما ينظم العلاقات الاجتماعية على اساس من الرحمة والعدل.

إنه ينطلق من عقيدة راسخة بأن قانون السماء هو سيد القوانين جميعا, وكلمة الله دائما هي الكلمة العليا, علمنا كيف يكون القرار الشجاع في حرب أكتوبر سنة 1973, عندما قال قولته التاريخية, والتي تردد صداها في جميع أنحاء العالم (ليس البترول العربي أغلى من الدم العربي), بعدما اتخذ قراره الشجاع بقطع إمدادات البترول عن الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا التي تساند دولة العدوان, وعلمنا كيف يطالب بأعلى صوته بإعادة الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني.

ومرة أخرى ظل الشيخ زايد – رحمه الله – الصوت الأمين المعبر عن مشاعر مئات الملايين في الوطن العربي, بإيمانه بالله الذي لا يعرف التخاذل والاستسلام, وبإباء عربي أصيل, بكل قوة الإيمان وعظمته بالمصير المشترك للأمة العربية, وقد كان دائما يبادر في مشاركة أشقائه القادة العرب للسعي في حل النزاعات فيما بينهم ليتفرغوا في بناء أوطانهم والاهتمام بتحقيق آمال شعوبهم.

في التطور والتقدم, ليتحقق العيش الكريم لهم وتوظيف الثروات التي أنعم الله عليهم في الارتقاء بنهضة مواطنيهم في مختلف المجالات الاقتصادية والتعليمية والتربوية, وكان سباقا – رحمه الله – في مد يد العون والدعم لكل أشقائه دون تمييز.

.. رحمك الله يا زايد, فقد كنت الضمير العربي الحي الذي حمل آمال أمته في الوحدة وحماية الوطن العربي من كل تهديد, واليوم يصدق عليه قول الشاعر:
سيذكرني قومي إذا جد جدهم …. وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.

زر الذهاب إلى الأعلى