افتتاحية الموريتاني: هل تتحول الدعاية السلبية ضد المهاجرين إلى تهديد للأمن الاجتماعي في موريتانيا؟

منذ أيام، تصاعدت المخاوف في موريتانيا من استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والمنابر الإعلامية لتوجيه الدعاية السلبية المتعلقة بملف الهجرة، خاصة في ظل تدفق المهاجرين إلى البلاد وزيادة الحديث عن عمليات الترحيل.
هذا الوضع يثير قلقًا كبيرًا بين المهتمين بالشأن العام، الذين يرون أن نشر معلومات أو صور تحرض على العنف والكراهية ضد المهاجرين قد يهدد السكينة العامة ويؤثر سلبًا على الأمن الاجتماعي والسياسي في البلاد.
في هذا السياق، تتعالى المطالب بتفعيل القوانين الرادعة لمواجهة هذه الظواهر، ودور الصحفيين في محاربة التحريض ونشر التفرقة.
1. القلق من استغلال وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الدعاية السلبية:
مع تصاعد موجات الهجرة إلى موريتانيا، بدأ عدد من النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإعلامية المحلية والدولية في نشر مواد ذات طابع سلبي تحرض على التعامل العنيف مع المهاجرين.
وأثارت هذه الحملات قلقًا لدى المواطنين والمراقبين، حيث يُخشى من أن تكون هذه الدعاية السلبية تُسهم في نشر الفتن والكراهية، وتخلق بيئة معادية للمهاجرين الذين يمرون بأوقات صعبة.
كما أن تكرار هذه الرسائل التحريضية قد يؤدي إلى تأجيج المشاعر العدائية بين الموريتانيين والمهاجرين، مما قد يعمق الأزمات الاجتماعية في المجتمع.
2. دور السلطات في مكافحة التحريض وتفعيل القوانين:
في مواجهة هذه الظاهرة، يطالب المهتمون بالشأن العام بضرورة تفعيل السلطات للقوانين الرادعة ضد من يروج لهذه الرسائل السلبية.
فمن خلال نشر معلومات مغلوطة أو صور تحرض على العنف، يتم انتهاك حرمة السكينة العامة والأمن الاجتماعي، وهو ما يستدعي تدخل الدولة بشكل عاجل.
تتمثل الحلول المطروحة في تكثيف الرقابة على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتحديد العقوبات القانونية الصارمة لكل من يشارك في نشر هذه الدعاية السلبية التي تهدد الاستقرار.
وقد أعرب عدد من الخبراء في مجال حقوق الإنسان عن ضرورة أن يكون هناك توجيه واضح من قبل السلطات حول كيف يمكن التصدي لهذه الظاهرة دون المساس بحرية التعبير.
ويتطلب ذلك توازنًا دقيقًا بين حماية الأمن العام وحفظ الحقوق الفردية.
3. دور الصحفيين والإعلام في توجيه الرأي العام:
في وقت يعاني فيه المجتمع من الانقسامات والتوترات حول قضايا الهجرة، يُعزى دور الصحفيين والإعلاميين إلى أهمية كبيرة في توجيه الرأي العام نحو احترام حقوق المهاجرين وحمايتهم من التحريض والعنف.
يجب على الإعلام أن يتبنى نهجًا موجهًا نحو بناء الوعي وتعزيز القيم الإنسانية، وتقديم الصورة الحقيقية للهجرة كظاهرة لا تتعلق فقط بحقوق الأفراد ولكن أيضًا بمسؤوليات الدول تجاههم.
ويدعو المهتمون إلى ضرورة أن يُسهم الصحفيون في نشر رسائل تحث على التعايش السلمي، والتضامن، وتفادي السقوط في فخ دعوات التفرقة والتحريض, كما ينبغي أن يتم تحفيز الصحفيين على ممارسة المسؤولية الاجتماعية في نقل الأخبار وتقديم التحليلات الموضوعية التي تساهم في تهدئة الأوضاع بدلاً من تفاقمها.
4. مخاطر انتشار ثقافة التحريض والتفرقة:
إذا استمر هذا الاتجاه في استغلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في نشر الرسائل السلبية حول الهجرة، فقد يصبح من الصعب احتواء التوترات الاجتماعية.
ويُخشى أن يؤدي هذا إلى انتشار ثقافة التحريض على العنف والكراهية ضد فئات معينة من المهاجرين أو حتى ضد مواطني دول معينة، مما يهدد النسيج الاجتماعي لموريتانيا ويؤثر سلبًا على الاستقرار العام.
وفي هذا الإطار، يُشدد على ضرورة تضافر جهود كافة الأطراف المعنية، بدءًا من المؤسسات الحكومية، مرورًا بالمنظمات غير الحكومية، وصولًا إلى الإعلاميين والمجتمع المدني، للحد من هذه الظاهرة والعمل على توعية الرأي العام بمخاطرها.
في حين تظل قضية الهجرة وتدفق المهاجرين من القضايا الحساسة التي تحتاج إلى معالجة متوازنة وحكيمة. وبينما يطالب المجتمع المدني بضرورة تفعيل القوانين الرادعة ضد من يروجون للعنف والتحريض على وسائل التواصل الاجتماعي، يبقى دور الصحافة والإعلام في توجيه الرأي العام من خلال نشر الوعي وتعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي هو الأهم في هذا السياق.
وبذلك يمكن لموريتانيا أن تواجه تحديات الهجرة بشكل متوازن، يحفظ حقوق المهاجرين ويحافظ على أمن المجتمع وسكينته.
الموريتاني