علي محمد الشرفاء يكتب: الإسلام والعدوان

الموريتاني : قال الله سبحانه (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (2- المائدة) فالله يأمر عباده بتحريم عدوان الأشخاص على غيرهم من الناس، والامتناع عن الاستيلاء على أراضيهم، أو مصادرة أموالهم أو ترهيبهم أو تهديدهم ومن يريد أن يخدم الإسلام لا يخدمه بقوة السلاح، ولايفرضه على الناس إلا بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، وإذا كان أردوغان يدعي فى تشريد الملايين من أبناء الشعب السوري وامداد الإرهابيين من داعش والنصرة والقاعدة بالمال والسلاح لقتل الأبرياء وتدمير مدنهم وقراهم فإنما هو يمثل أخلاق الشيطان ويعبر عن النفس الشقية التى تسعى بالشر، واستباحت حقوق الناس، وتعريضهم لكل أنواع الرعب والفزع فأي إسلام يريد خدمته؟!

إنه يقوم مع الإرهابيين بهدم قيم الإسلام من رحمة وعدالة وسلام وإحسان وتحريم الاعتداء على الناس، فالرئيس التركي يمثل قمة الانحطاط الأخلاقي اللاإسلامي مما يؤكد أنه لا يعرف عن الإسلام شيئًا، ولا يفقه تعاليم القرآن وتشريعاته التى تدعو الناس لتحقيق الأمن والسلام للمجتمعات الإنسانية، والمحافظة على حق الإنسان فى الحياة والعمل والاستقرار، وقد وصفه الله مع أعوانه المجرمين بقوله سبحانه (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )( 33- المائدة)

ذلك سوف يكون جزا ء أردوغان المفتري على الإسلام وعلى عباد الله، فقد أعماه حلم الخلافة وإعادة حكم العثمانيين مرة أخرى بكل الإجرام الذى ارتكبوه فى العالم العربي، والإرهاب الذي نشروه برائحة الموت فى كل مكان حلوا فيه، وكتاب محمد بن إياس المتوفي سنة ١٥٢٣م يؤرخ لعصر سليم الأول أثناء حكمه مصر، حيث يقول: إن سليم أثناء دخوله مصر قام بقتل الشيوخ والأطفال واسترقاق المواطنين، وارتكاب كثير من الجرائم التى تتنافى مع قيم الإسلام وتعاليم القرآن. ذلك ما ارتكبه أجداد أردوغان فى مصر، أما جرائم ابنه سليمان القانوني فى دمشق، فقد استباح الأرض والأموال وفتك بأبنائها قتلا واستعبادا واستخدم كافة وسائل التعذيب والترهيب، ويكرر اليوم أردوغان ما ارتكبه أجداده من جرائم يجرمها الإسلام ويحذر مرتكبيها بعذاب أليم . وما ارتكبوه من جرائم فى ليبيا حيث حكمها ٧٢ واليا تركيا وابتدأ عهد الأتراك فى سنة ١٥٥١م حيث كانوا يربطون المواطن الليبي بذيل الحصان ويجرونه فى الطرقات إلى السجن وينهالون عليه بالضرب بكل القسوة وكل الشتائم حتى وصل بهم الأمر لاغتصاب الأطفال أمام ذويهم، وإذا استغاث الأب يأمر الوالي بضربه بالسياط حتى الموت.

لقد ارتكب الأتراك من الفظائع ما يندى له الجبين، كما حدث فى عهد الوالي ابراهيم الترزي التركي، حيث بلغ حجم القسوة مستوى غير مسبوق تمثل بأكل لحم رجل بعد قتله، تعبيرًا عن حقدهم على العرب. كما لا ننسى أن العثمانيين قاموا بحصار وتجويع لبنان وإخضاعه سنة ١٩١٧م ، وشنت القوات العثمانية حربا على الشعب اللبناني أدت الى قتل ٤٠٠ ألف لبناني من جميع الطوائف، وقد تمت محاصرتهم ومنع وصول المواد الغذائية من سوريا ألى لبنان وعلى الأخص القمح. ماذا ننتظر بعد ما ذكرته وهذا بعض من تاريخ العثمانيين الأسود؟! وماذا يتوقع الوطن العربي من مجرمين ارتكبوا اسوأ الجرائم ضد الإنسانية وها هي تتكرر اليوم حينما نرى كيف يلعب أردوغان بحياة الآلاف من الشعب العرب السوري، ويستخدمهم ورقة سياسية يساوم عليها الاتحاد الأوروبي لخدمة مصالح تركيا ، ويبتز أوروبا بتهجير المشردين السوريين إليها ويمارس عليهم الضغوط اللا أخلاقية.. ومما يستغرب له العقل كيف تسمح أوروبا لأردوغان بهذا الابتزاز، وتهديد استقرار شعوب الاتحاد الأوروبي بإغراقهم باللاجئين، وهم يرون بأعينهم ما يقوم به أردوغان من قتل وتدمير للمدن فى سوريا، وتهجير الملايين حتى أصبحت نكبة أسوأ من نكبة فلسطين، وتجاوزعدد اللاجئين السوريين أضعاف اللاجئين الفلسطينيين، وكأنما أردوغان ينفذ مخططا صهيونيا لتحقيق أهداف إسرائيل فى قيام دولتهم من النيل إلى الفرات بتحييد الجبهة السورية من أَي تهديد مستقبلي للأمن الإسرائيلي.. والسؤال الملح ماذا ينتظر العرب وهم يرون نتيجة تفرقهم ونزاعهم ومشاركة أعداء أمتهم فى تدمير أشقائهم كما حدث فى سوريا واليمن وليبيا والعراق، فقد ساهموا فى إعداد المشهد العربي لتصفية وجود الأمة العربية، واستحالة أن تحقق أهدافها فى الوحدة ووحدة المصير إلى درجة أن العرب أخلوا باتفاقية الدفاع العربي المشترك، مما ترك فراغًا هائلا لكل طامع فى ثرواتهم واحتلال أراضيهم، فقد بلغ بالعرب الضعف والذلة إلى درجة تركوا أبوابهم مشرعة لكل عدو حاقد طامع يفعل ما يشاء فى الوطن العربي، وهذا أخشى ما أخشاه إذا استمر الوضع الحالي على ما هو عليه.

فلنصلي على القيادات العربية صلاة الغائب، ونتقبل العزاء فى موت أمة تاهت وضاعت وأصبحت لقمة سائغة لكل الطامعين، فسلام على أمة حملت رسالة الإسلام للإنسانية كلها وما تستهدفه من رحمة وعدل وسلام وحرية وحماية حقوق الإنسان، وتأمين العيش الكريم لكل إنسان، وعندما تخلينا عن تلك المبادئ تفرقت بنا السبل وعصينا الله فى أمره بقوله سبحانه (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)(103-آل عمران) وتغاضينا عن تحذيره سبحانه( وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)(46-الأنفال) وأهملنا تعليماته سبحانه فى قوله (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)(2-آل عمران).

زر الذهاب إلى الأعلى