تصميم أغلفة الكتب رحلة طويلة من الغوص في المعنى
الموريتاني : يقدم عبد النّور شلّالو صاحب العشرين عاما وابن ولاية البويرة في حديثه للشروق تصورات عن فنّ التّصميم (الجرافيك) للكتب، أين يشرح صاحب أكثر من ثلاث مئة غلاف لكتب تمت طباعتُها من طرف دور نشر مختلفة، من بينها “دار المُثقّف”، “دار للعَالمين”، “دار أنا مَوجُود”، كيف تطورت معه فكرة التصميم من الهواية إلى الاحترافية والإبداع، ويفصل عبد النور قائلا أن ملامح التوجه إلى التّصميم كانت موهبة سكنته منذ الصّغر، فالعشق للإبداع والاختلاف جاءت بهما الموهبة في المرحلة الابتدائية من التّعليم، وصولا إلى مقهى الانترنت، أين بدأت ملامح النبوغ تبرز بتعديل الصّور وتركيبها والتّفكيك في سن مبكرة، ليشرع شلالو بعدها في التّصميم الاحترافي والبحث فيه والغوص إلى أعماقه ومعرفة الأسُس التي يأخذ منها، والعلاقة المُرسلة بين الغلاف والمحتوى المُدرج، بمساعدة وإشراف من أساتذة ومصمّمين عالميّين، من بينهم عبد الغني قادين وشريف ابراهيم ومحمد خيال وغيرهم ممن لا يتسع المقال لذكرهم وإعطائهم حقهم من الثناء.
وفي رده عن سؤال الشروق حول تطابق التصميم مع ماهية الكتاب أجاب عبد النور بأنه لا يعتمد على قراءة المحتوى عند كلّ تصميم، بل يمكن أن يستلهم فكرة الغلاف المناسب أيضًا من فكرة الكاتب نفسه دون قراءة النّص، فالتّصميم في عرف شلالو هو نقل محتوى الكتاب ووضعه على الغلاف في شكل صورة هادفة تحمل المعنى المُراد إيصاله إلى القارئ ومن يقرأ الكتب التي صمم عبد النور أغلفتها يدرك فوراً أن الغلاف نابعٌ من روح النص،
وأشار ذات المتحدث في معرض كلامه عن توجه بعض دور النشر لأغلفة سطحية، متناسخة، وإستهلاكية، أن الظاهرة تجعل المؤلف أو الكتاب سلطة خارجة عن معاني النّص الدّاخلي، وهذا قتل للإبداع وحقوق القارئ، فمن حق القارئ أخلاقيا دراسة النّص وأخذ أفكاره من الغلاف والصّورة التّعبيرية، ومسؤولية دور النّشر في هذا المقام هي التفنّن وتفجير الإبداع على الغلاف، لا الجمود والإهمال المتعمد الناتج عن تجارة مجرّدة من الإبداع، وكأن الأمر شبيه بأن يُرسل الكتب إلى الرّفوف كسلعة غذائية لا فكرية وثقافية، مملوءة بالوهم بدل الحقيقة، ومن هنا يتعين مراجعة دور وزارة الثقافة وهيآتها في مراقبة الإخراج الفني، مع تكوين المصممين ودعمهم في ميادين التكوين والحقوق المهنية باعتبارهم فنانين حقيقيين ذوي إنتاج وتأثير وسمعة واسم.