شهادات إبداعية لمبدعين أجانب.. ندوة “ملتقى الخط”.. متابعات بحثية للخطوط العربية بـ”الشام ومصر والمغرب”

الشارقة- استكملت الندوة الدولية المصاحبة لملتقى الشارقة للخط “التي تأتي تحت عنوان “الخط العربي.. مدن وتاريخ”؛ أعمالها في بيت الحكمة، ضمن فعاليات الدورة العاشرة من الملتقى “ارتقاء”، بحضور الاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة في الشارقة، مدير الملتقى، وعدد من الفنانين والإعلاميين والمهتمين بنشأة الخط العربي في العديد من الدول.
تناولت الجلسة الثانية من الندوة موضوعات حيوية لثلاثة باحثين، هم: بسام ديوب عن بحثه “شيفر للنقوش الكتابية الدمشقية”، ود. محمد الحداد عن بحثه “الخط العربي في مصر قبل قيام الدولة العباسية 132 هجرية/ 750م”، ود. محمد الحسني عن بحثه “الخط الفاسي (المجوهر) ببلاد المغرب ودور مدينة فاس في تطوره.
بادئ ذي بدء قال ديوب في دراسته التحليلية إن العام 2022 يصادف الذكرى المئوية للعثور على مجموعة شيفر للنقوش الكتابية لمدينة دمش والتي تعد من أهم وأغنى المصادر لعلم النقوش الكتابية العربية (الإبيغرافيا) في بلاد الشام إن لم يكن في الشرق بأكمله.
وبيّن الباحث السوري أن هذه النقوش تحوي على المئات من القراءات لنقوش كتابية كانت تزين واجهات المباني والأضرحة التاريخية إضافة لشواهد القبور والتي تعود لعصور زمنية مختلفة تتراوح بين القرن الحادي عشر الميلادي حتى وقت كتابتها في بداية النصف الثاني من القرن التايع عشر الميلادي.
وتناول البحث تاريخ النقوش الكتابية العربية الدمشقية عبر تتبع جهود المستشرقين الغربيين في هذا المجال، كما استعرض البحث في دراسة تاريخية لمجموعة من النقوش ربطا مع الاشخاص الذين ساهموا في جمعها وتبويبها، يليها وصف للوثائق بما يشكل مقدمة لتحليل عميق يقود إلى نتائج جديدة ومغايرة لما هو سائد عن جامعها وادينغتون.
وتناول بحث الحداد دراسة نماذج الخط العربي المسجلة على تلك المواد الأثرية من حيث الشكل ومن حيث المضمون لإثبات قيمتها التاريخية والفنية، في محاولة جادة لاثبات تاريخية التاريخ الإسلامي المبكر وحقيقة أحداثه العامة وعلى رأسها الفتوحات الاسلامية وأعلامها.
وأشار الباحث المصري إلى أن الكتابات تقدم أدلة دامغة بخطها العربي ونصوصها المختلفة على تاريخية التاريخ الاسلامي بما لا يدع مجالا للشك.
وتكمن أهمية البحث في وجود أدلة مادية كثيرة على مختلف المواد الأثرية من الآثار الثابتة (العمائر والنقوش الصخرية) أو الآثار المنقولة والتي تحتفظ بها العديد من المتاحف في مصر والعالم ترجع إلى عصري الخلفاء الراشدين والأمويين، من البرديات والمسكوكات، والصنج، والأختام الرصاصية، والمكاييل، والمنسوجات، والنقوش الشاهدية.
في بداية حديثه بيّن الحسني الفرق بين الخط الفاسي، وبين القلم الفاسي، موضحا أن الأول كان خطا تحريريا استعمل في تحرير الكتب العلمية والمراسلات السلطانية وهو (الخط المجوهر)، والذي كانت صور حروفه معلومة، أما الثاني الذي كان قلما حسابيا فتستعمل فيه حروف الخط المجوهر استعمالا وظيفيا في حساب التركات والمواريث، حيث يرمز كل حرف من حروفه إلى قيمة عددية أو حسابية محددة.
واستعرض الباحث المصري المحطات التاريخية لتطور الخطوط المغربية وصولاً إلى الخط الفاسي، ومنها محطة القيروان حيث ظهور الخط القيرواني وعلاقته بتأسيس جامع القيروان خلال عصر الفتح الاسلامي وعصر ولاة بني أمية،  محطة قرطبة حيث ظهور الخط القرطبي أو الخط الأندلسي، وعلاقة تطوره بنسخ المصاحف، وتدوين الدواوين، وتأسيس مدارس تعليم الخط في كل من الأندلس والمغرب خلال عصر الدولة الأموية بالأندلس وعصر الدولتين المرابطية والموحدية بالمغرب.
وفي ختام الندوة كرّم القصير المشاركين بتسليمهم شهادات تقديرية، تكريما لجهودهم وعطاءاتهم الأدبية والنقدية والفكرية.
“شهادات إبداعية”
من جانب آخر، وضمن فعاليات الملتقى، أقيمت جلسة حواريّة في متحف الشارقة للخطّ في ساحة الخطّ في قلب الشارقة، جمعت ثلاثة من ضيوف الملتقى الخطاطين، ينتمون لجنسيات مختلفة تحدّثوا عن مسيرتهم مع الخطّ، مقدّمين شهادات إبداعيّة في البدايات والتحدّيات والتجوال في أكثر من بلد عربي وأجنبي لتعلّم الخطّ.
وتعرّف الحضور على شغف الفنّان الأجنبي باللغة العربيّة واحترامه لها، من واقع جهوده في تعلّمها وفهم كنوزها، وكذلك فهم جماليات الخطّ العربي وتميّزه لدى غير الناطقين باللغة العربية، خصوصاً وأنّ هؤلاء الفنانين سيتولّون تعليم الخطّ لأكبر عدد من متعلّمي الخطّ في بلدانهم.
وتحدّث الخطّاطون: الفنّانة الإيطاليّة أنتونيلا ليوني، والفنّان النيجيري يوشع عبدالله، والفنّان بلبلو ليهمان من الأرجنيتن.
وعرضت الخطّاطة أنتونيلا ليوني لتحدّيات تعلّمها اللغة العربيّة وكذلك الخطّ في القاهرة، متناولةً أهميّة عامل الصبر، ومواصلة التدريب، ليصل الخطاط إلى مرحلة الشغف بعمله المنجز.
كما تحدّث الخطّاط يوشع عبدالله عن حلمه بأن ينتشر الخطّ في بلده نيجيريا، سارداً رحلته إلى تركيا وعدد من البلاد العربيّة للاحتراف في الخطّ العربي، وقال إنّه سيتمّ إنشاء عدد من المراكز في نيجيريا لتعليم الخطّ.
أمّا الخطّاط بابلو لهمان، فعرض عدداً من النماذج التي توضّح كيف تكبر التجربة مع المتعلّم، متحدثاً عن موجز لأنواع الخطوط، وتاريخ الكتابة، وتطوّر الخطّ بالممارسة، والتقدّم في سنوات الخبرة والتدرب.
وفي نهاية الندوة جرى نقاش حواري بين الفنّانين والإعلاميين ضيوف الملتقى الذي تميّز هذا العام بمشاركة واضحة للدول العربية والإسلاميّة ودول العالم، ما يدلّ على سمعة الخطّ العربي، والاهتمام به، وانتشاره في العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى