شبكة العمل المناخي تبحث آثار التغير المناخي على منسوب البحار والمياه الزراعية
متابعة – عبد العزيز اغراز
نظمت شبكة العمل المناخي بالعالم العربي ندوة حوارية علمية عن بُعد عبر المنصة الافتراضية (زووم) بمناسبة اليوم العالمي للماء، يوم الاربعاء 12 ابريل 2023، بمشاركة كل من الدكتور محمد بنيخلف، الباحث في علوم البيئة والتغيرات المناخية والمهندس عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي، رئيس شبكة بيئة ابوظبي، وأدار فقرات الندوة الاستاذ حمزة ودغيري رئيس الشبكة.
تأثير تغير المناخ على المياه الزراعية بالعالم العربي
وتحدث المهندس عماد سعد خبير الاستدامة والمسؤولية المجتمعي ورئيس شبكة بيئة ابوظبي، في كلمته عن “تأثير تغير المناخ على المياه الزراعية بالعالم العربي”، مؤكدا أن التغير المناخي أضحى أمراً واقعا، موضحا أنه لا توجد دولة بالعالم في مأمن من آثار تغير المناخ، وذكر بمقولة الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش “إن تغير المناخ يسير بخطى أسرع من خطانا”، وأشار سعد إلى أنه قبل سنوات كان يمكن التمييز بين فصول السنة، أما الآن فقد تغير الحال حيث تداخلت الفصول وَعَمَّ العالم فوضى مناخية قل نظيرها.
ونبه خبير الاستدامة والمسؤولية المجتمعية الى أن تغير المناخ سوف يؤدي بحلول 2050 إلى انخفاض غلة المحاصيل الغذائية بنسب متفاوتة ما لم تتخذ إجراءات عاجلة ومتضافرة، مشيرا الى تقديرات منظمة (FAO) التي تؤكد على ضرورة زيادة الإنتاج الزراعي (محاصيل، لحوم، أسماك) بنسبة 60% من أجل إطعام سكان العالم المتزايدين، بحلول عام 2050.
40% العجز المائي بحلول 2030
وتطرق المستشار عماد سعد إلى تحديات القطاع الزراعي بفعل التغير المناخي، مضيفا أنه بحلول 2030 سيواجه العالم عجزاً بالمياه بنسبة 40% في حال بقاء الأمور على حالها، ونبه الى زيادة استخدام المياه على نطاق العالم بمعدل 1% سنوياً بفعل تزايد السكان والتنمية وتغير نمط الاستهلاك، موضحا أن تغير المناخ سيُفاقم الوضع في المناطق التي تعاني من إجهاد مائي وفي المناطق التي لا تزال فيها موارد مائية وفيرة، مشيرا الى التوقعات المناخية الواردة في تقرير (IPCC) التي تؤكد أن المنطقة العربية بحلول 2100 ستظل قاحلة، ولفت المتحدث الى أن درجات الحرارة ستعرف ارتفاعا ما بين (3 – 4 درجات).
كما أشار المستشار سعد الى تأثر المحاصيل الرئيسية حول العالم بفعل التحديات التي تواجه المياه الزراعية، التي تتمثل في ارتفاع معدل ندرة وفائض المياه، اضافة الى تحدي إزالة الكربون” من الزراعة من خلال تقليل انبعاث الغازات الدفيئة من الزراعة عامة، وتقليل الفاقد والمهدر من الطعام. موضحا أنه خلال الفترة 2016-2007، كان القطاع الزراعي مسؤولا عن 23% من مجموع انبعاثات الغازات الدفيئة بشرية المنشأ.
ونبه إلى أن تكييف الزراعة مع آثار التغير المناخي والحد من انبعاث الغازات الدفيئة يتطلب الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية، موضحا أن الانبعاثات الناتجة عن هدر الأغذية في العالم تكاد تساوي الانبعاثات الناتجة عن النقل البري في العالم، وأردف “لو كان هدر الأغذية بلداً، لكان ثالث أكبر بلد مسبب للانبعاثات في العالم”.
كما نادى بتطبيق الزراعة الذكية مناخياً، مضيفا انه نهج يساعد على توجيه الإجراءات اللازمة لتحويل وإعادة توجيه النظم الزراعية لدعم التنمية بشكل فعال وضمان الأمن الغذائي في مناخ متغير، وأوضح أن الزراعة الذكية مناخياً تقلل 84% من الآثار الاقتصادية السلبية.
تغير المناخ وارتفاع منسوب مياه البحر:
في حين تناول الدكتور محمد بنيخلف، باحث في علوم البيئة والتغيرات المناخية، في مداخلة موضوع “تغير المناخ وارتفاع منسوب مياه البحر: العلاقة والآثار؟” ، واستهل كلمته بتقديم تعريف اتفاقية الأمم المتحدة-الإطار لتغير المناخ، “بأنه “تغير المناخ الذي يعزى بشكل مباشر أو غير مباشر إلى النشاط البشري الذي يحدث تغييرا في تكوين الغلاف الجوي العالمي والتي تنضاف إلى التغيرات الطبيعية للمناخ الملحوظة خلال فترات مماثلة”، موضحا أن زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة ذات الأصول البشرية، المرتبطة بأنماط الإنتاج والاستهلاك للمجتمعات تخل بالتوازن الحراري على الأرض.
وبين ارتباط ارتفاع مستوى سطح البحر بتغير المناخ، الذي ادى الى ارتفاع درجة الحرارة، وذوبان الجليد البري، وضخ المياه الجوفية للري، موضحا أن الغطاء الجليدي والأنهار الجليدية قد فقدت كتلة كبيرة في العقدين الأخيرين، ونبه الى أن عدم ايقاف الزيادات الجنونية لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري قد يرفع مستويات سطح البحر بمترين، مشيرا الى تناقص الغطاء الثلجي لنصف الكرة الشمالي بشكل مستمر، كما حذر من زيادة حموضة المحيط وفقدان الأكسجين في حالة عدم تخفيض الانبعاثات.
وأردف الدكتور بنيخلف أن ارتفاع منسوب مياه البحر ينتج عنه ارتفاع درجة حرارة المياه واختناقها، وحدوث فيضانات كبيرة، وسرعة ذوبان وتدفق الجليد، منبهاً الى خطورة تضرر الأوساط المائية التي تزودنا بما يناهز 50٪ من الأكسجين المنتج على الأرض، كما حذر من غزو المياه المالحة للأراضي الرطبة الساحلية وتسربها الى المياه الجوفية مما يهدد النباتات والحيوانات، الى جانب تهديد وجود الدول الجزرية الصغيرة والمجتمعات الساحلية المكشوفة، كما أن ذوبان الأنهار الجليدية قد يؤدي مستقبلا الى الجفاف.
وأوضح أن انخفاض الغطاء الثلجي بفعل تغير المناخ، يؤثر على الموارد المائية، والتنوع البيولوجي، والزراعة، والغابات، والسياحة، وإنتاج الكهرباء، كما نبه الى أن زيادة الاحترار يؤدي الى ذوبان التربة الصقيعية، مع ما يرافق ذلك من مخاطر الانهيارات الأرضية والفيضانات المفاجأة.
وطرح الاستاذ المحاضر بعض الحلول لحماية النظم البيئية، مؤكدا على ضرورة الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل عاجل وطموح، من أجل التخفيف من حجم التغييرات القادمة وتجنب ألا تصبح الجهود الرامية إلى التكيف مستعصية، ودعا الى ادماج علوم المناخ في التعليم، والعدالة الاجتماعية، والحد من الضعف والهشاشة لتحقيق تكيف المجتمعات البشرية، وحماية النظم البيئية الساحلية، واقامة أسوار للتخفيف من شدة الأمواج، وتدبير مندمج للموارد المائية والصيد المعقلن.