فخامة رئيس الجمهورية احذروا الإعلام الممجد
الولي ولد سيد هيبة
الموريتاني : لا شك أنكم أثبتم، خلال الأشهر القليلة التي مضت على فوزكم وتوليكم زمام الأمور رئيسا منتخبا، أنكم تحملون مشروع إصلاح شامل النظرة إلى متطلبات بلد يترنح بين: • الفقر في الواقع والغنى بمقدراته المتنوعة، • والاستقرار الظاهر بمسوغات السكوت على اختلالات لا تخفى بين قلة استغنت من المال العام وأغلبية تعاني بصمت، والاضطراب الذي تشي به نعرات سياسية وحقوقية تفتقر إلى الحياد والتوازن وتحبذ الصخب والانتجاع على خلفية الخواء الاديولوجي وغياب الخطاب. ولقد أسفرت جميع خطواتكم المتأنية في هذا الخضم الصاخب عن تحسن مشهود في سير الأمور منذ تشكيل الحكومة من التكنوقراط وإطلاق اليد للوزراء في قطاعاتهم، يثابون أو يعاقبون، مرورا بإيثار: • الفعل على الكلام، • والمراقبة على الظهور الاستعراضي، • والترشيد على البذخ السافر في الأسفار والزيارات الميدانية، كما لاحظ الشعب في احتفالية تخليد الاستقلال بأقل العروض، وفي محطة “سيلبابي” العملية وما جرت فيه من تقشف مسؤول تجلى في تقليص مراسيم الاستقبال وكذلك قصر المدة. وأما سياسيا فكان هدفكم، وقد نجحتم في ذلك، تغليب المصالحة على التنافر، والتقارب والتشاور على الاقصاء واللامبالاة، حتى هدأت النفوس بعد غليانها، واتضحت الرؤى وفتح الباب على مصراعيه ليتوجه الجميع إلى ما يخدم الوحدة والوئام والاستقرار والتنمية. هو إذن مسار جديد تبدأه البلاد على هذه النغمة التصالحية الهادئة، المبشرة بقيام عهد جديد يحل فيه العدل محل الغبن والتهميش والإقصاء، وحُق للموريتانيين أن يتحدثوا عن ذلك ويعربوا عن أملهم في استباب العدل الغائب. لكن حذار، يا فخامة رئيس الجمهورية، من إعلام “التبجيل” مسموعا ومرئيا ومكتوبا وألكترونيا وهو الذي بدأ يدق طبوله وينفخ في مزامير “حوريات البحر” الخداعة؛ إعلام يعتمد على إحياء الندوات والحلقات النقاشية والحوارية وأخرى بعناوين تمجيدية رنانة تحمل مختلف الأوصاف المادحة والنعوت الكبيرة الملمعة. وتجمع هذه الحلقات في ندواتها زمر: • المحدثين، • والمفوهين، • والمحسوبين على التحليل والتنظير، • والمتمرسين على صنع الألقاب والسجايا والخصال الملحمية يضلوا بها، ليجنوا من ورائها التعيينات والوظائف والتسهيلات والعطايا والحظوة بالقرب. حلقات من أجل الكلام الكبير تدوم ساعات ينتهي بعضها بمأدبة عشاء أو في صالون شاي.