“بونابورت والرجل النبيل” يروي قصة الشيخ المغربي الجيلاني

الموريتاني : الكاتب حسن الجوهري يتساءل عن سر غموض شخصية الجيلاني وعدم ذكره في التاريخ..ويذكر أن له قصائد مخطوطة لاتزال بموريتانيا.

صدر عن المؤسسة العربية للعلوم والثقافة ، كتاب “بونابرت والرجل النبيل”، للباحث التاريخي طه حسن الجوهري وهو كتاب يتناول قصة نضال أهل الصعيد ضد الحملة الفرنسية “1798- 1801م، وقصة ظهور الشيخ  المغربي الجيلاني الذي وصف الجبرتي سنواته التي قضاها مجاهدا في الصعيد قائلا: “هي أول سني الملاحم العظيمة والحوادث الجسيمة “. والجيلاني هو محمد ابن احمد ابن السيد المختار السباعي المعروف بالجيلالي، والذي يرجع نسبه لسيدنا الحسن ابن علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه، وقد ولد بالمغرب إلا أنه قدم من الحجاز بحملة لطرد الفرنسيين من الصعيد، واستشهد في إحدي المعارك بعد أن تمكن مع أهل قنا من إغراق سفن نابليون بونابرت في نهر النيل، وقد اختلف المؤرخون حول هوية الجيلاني، فمنهم من نسبه إلى موطنه الحقيقي ووصفه بالمغربي، ومنهم من نسبه لأهل الحجاز. ويقول الجوهري في كتابه إن تاريخ الحملة الفرنسية في صعيد مصر مازال حقلا ينتظر الكثير من الجهود المضنية، حيث لم تجد من يسلط الضوء عليها من المؤرخين، رغم كثرة ما كتب، فمن الملاحظ برأى الكاتب أن كثيرا ممن تناولوا موضوع الحملة الفرنسية على مصر لم يحاولوا البحث عن مرويات أهل الصعيد الشفهية، وأغلب ما وصلنا عن ذلك كان من خلال اعترافات ومذكرات قادة الحملة وضباطها أنفسهم، أو من خلال كتابات عالمٍ يمنيٍ يدعى “لطف الله جحاف”الذي عاصر الحملة على مصر، وأخذ يوثق ما وصل إليه من حجاج بيت الله الحرام من أهل مصر أو من أهل المغرب العربي المارين بها، والذي لعب دوراً كبيراً في الكشف عن الأحداث التي سقطت سهواً.

مقام الشيخ المجاهد الجيلاني

تساءل الكتاب عن سر غموض شخصية الجيلاني وعدم ذكره في التاريخ كثيراً حيث يذكر أن الوثائق الفرنسية التي تحدثت عن الشيخ الجيلاني والحملة التي عبر بها من الحجاز لقتال الفرنسيين أرادت محو دوره عمدًا، كما جمع المرويات الشفهية التي يحتفظ بها الصعايدة خاصة في قرى أبنود وحجازة بقوص التي تضم ضريح الشيخ المجاهد الجيلاني بالإضافة لمدينة القصير ، التي قدمت من خلالها سفن المجاهدين من مكة المكرمة. كما تناول الكتاب بعض المرويات التي رواها الجبرتي عن الشيخ الجيلاني ،حيث ذكر أن الجيلاني مغربيًا ومجاورًا بمكة والمدينة الطائف، إلا إنه يذكر بعض رموز المقاومة ضد الفرنسيين بالمشعوذين والدجالين الذين يكثرون في الفتن، مثلما وصف محمد ابن الأحرش قائد المقاومة في البحيرة، وهي ذات الأوصاف التي ألحقها الفرنسيون بقائد المقاومة في الصعيد الجيلاني، والذي استشهد في إحدي المعارك ومقامه وضريحه يزار بقرية حجازة قبلي بقوص جنوبي محافظة قنا حتي الآن. يوضح الكتاب أن المؤرخ اليمني لطف الله جحاف أعطي أوصافاً حقيقة لرموز المقاومة، فقد تتبع أخبار هؤلاء المتطوعين في الحجاز ومصر، وبين كيف ظهر الجيلاني علي سطح الأحداث، وكيف بدأ في دعوته للجهاد وفي إثارته للهمم حتى نجح في جمع قدرٍ كبيرٍ من المال فضلاً عن المتطوعين، ثم كيف دارت المعارك المتتالية بين هؤلاء المتطوعين وبين الفرنسين في مدن وقري صعيد مصر، وكيف تم التعاون بينهم وبين القوى المصرية من مماليك وقبائل عربية وغيرهم ضد العدو المشترك حتى استشهد الجيلاني وانهزمت قواته وتفرقت بعد إغرق سفن نابليون في نهر النيل. كما توصل المؤلف في تتبع سيرة الجيلاني لقصائده المخطوطة في موريتانيا ،ولسيرته المجهولة في مصر والحجاز وعن كراماته الصوفية وتعاليمه الدينية التي تحث علي كرامة الإنسان وحب الأوطان والدفاع عنها والزهد والتعفف حيث لقد لعب الجيلاني دوراً كبيراً في إفساد مخططات نابليون وتدمير كل مشروعاته وتبديد أحلامه، ولعل أكبر دليل على قوة تأثير هذا الرجل وضخامة الدور الذي لعبه، من خلال ما أورده محمد مزين والدكتور يونان لبيب في قولهم: “والواضح أن هذه الحرب قد أقلقت القيادة الفرنسية قلقاً شديداً، حتى أنه لما قرر بونابرت العودة من حملة الشام في يوليو عام ،1799 كان سبباً من الأسباب الخمسة عشر التي ساقها لعودته، ما بلغه من توجه أهل الحجاز صحبة الجيلاني لناحية الصعيد.

مقام الشخ الجيلاني

زر الذهاب إلى الأعلى